بقلم مونية الكومي -
هكذا تعلمنا منذ الصغر، وهي قاعدة منقوشة في أذهاننا بماء من الذهب، وهكذا، فلا غرابة أن يهيم المرء بوطنه الذي ترعرع فيه، ورضع حليب عشقه من ثدي والدته، وكل من لايشعر بهذا الوصل لحبات ثرى وطنه، فهو من الذين رضعوا حليبا اصطناعيا مغشوشا، وهم قليلون من حسن حظ هذا الوطن الشاسع والمتمنع عن نيل الخصوم منذ معركة الملوك الثلاثة.
من منا قادر على أن يمنع كهرباء الحنين التي تسري في أعصابه عندما يبتعد عن المغرب كلمترات قليلة، يقطع الجسد مسافة قصيرة أو طويلة غير أن الروح تظل مثل طائر يرفرف مثل الراية خفاقا فوق أرض الوطن، وهو يغرد “عليك مني السلام يا أرض أجدادي، ففيك طاب المقام وطاب إنشادي”، هي أرض امتزجت بتربتها ذكرياتنا السعيدة وحتى الحزينة، ونغني فيها مع محمد عبده أغنيته الجميلة “الأماكن كلها مشتاقة لك”، نحب الوطن بشراسة عندما تقلع طائراتنا الي البلد المتوجه نحب الوطن عندما نقف بجوازتنا امام شرطة البلد الاخر نحب الوطن عندما يشار لك انت من اي بلد نحب الوطن عندما يسألونا احدهم عن تاريخ بلادك وتجيبه بكل فخر حب الوطن داك الاحساس بالانتماء نحب الوطن اكثر حين نشتاق اليه هناك احاسيس مختلفة في اي مكان وفي كل زمان تذكرنا كالجرس عن حبنا لوطن الغربة تعلمنا حب الوطن و حب من هو حامي البلاد حب الوطن ليس مجرد شعارات ترفع ولا عبارات تردد، ولا نزول إلى الشوارع والقايم بتصرفات غير لائقة.. يتمثل حب الوطن في العطاء والإخلاص في العمل لنهضته ورفع شأنه لنعيش في هذه الأرض بسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشد الرحال إلى المدينة المنورة، عبارة مؤثرة، وقف على مشارف مكة وخاطبها مثلما يخاطب شخصا عزيزا عليه “ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ”، وهي عبارة تتضمن ما يسميه علماء التربية، التعليم بالمثال،حيث لم يخف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُعلم البشرية، حبه لوطنه، وباح به في عبارة نبوية نقلها عنه الرواة قبل أربعة عشر قرنا، لو أدرك كلُ مسلمٍ معناها لفاض حب الوطن، وتجلى في أجمل صورة وأصدق معنى ، ولأصبح للفظة الوطن رنينا يضاهي النوتات الموسيقية العالمية، نوتة تحبها القلوب، وتهواه الأفئدة، وتتحرك لذكرها المشاعر، حينها “يستروح العليل بنسيم أرضه، كما تستروح الأرض المجدبة بوابل المطر”، كما قال الفيلسوف جالينوس. لا نجد ما نعبر به عن عشقنا للمغرب سوى بترديد عبارة “نحبك يا مغربنا الحبيب”.