في هذا الحوار مع الشيخ مأمون بن عبد الحميد حاتم، القيادي الدعوي في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب وأحد كبار مشايخ القبائل في مديرية السدة بمحافظة إب اليمنية، نتعرف عن قرب على كثير مما وراء الأحداث التي لفها الغموض في الفترة الأخيرة، كمواجهات مدينة رداع في محافظة البيضاء اليمنية، والهدنة بين التنظيم والنظام، وتوقف غارات الطيران الأمريكي.. وغيرها.

حاوره \ عبـد الرزاق الجمل

- ما الذي حدث في رداع؟.
* الذي حدث ليس إلا حلقة في سلسلة مؤامرة طويلة تستهدف القبيلة اليمنية، وصورة من صور الحرب على الإسلام والمسلمين.

ـ وما علاقة القبيلة بما حدث بين الدولة وتنظيم القاعدة؟.
* أقصد أن الأمريكان ليسوا غافلين عن الدور الذي تقوم به القبيلة في نصرة الشريعة وأهلها.

فالقبيلة هي الأم الحاضنة للحق منذ أن بعث الله نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى يومنا هذا.. واليوم القبيلة تمثل عائقا كبيرا ضد المشروع الأمريكي، سواء في اليمن أو غيرها.

لذلك تعمل السفارة الأمريكية في اليمن عملا دءوبا في الحرب على القبيلة بكل وسيلة، فيا ليت قبائلنا يعلمون. وقد اندهشت كثيرا عندما أخبرني بعض الإخوة المجاهدين أنهم في تحقيقهم مع بعض جواسيس الأمريكان وقد وجدوا على هاتفه عشرات المقاطع الإباحية، فأخبرهم أن مهمته هي نشر مثل هذه المقاطع بين أبناء القبائل لإفسادهم وتمييعهم. لا تعجب من هذا فالأعجب أن هذا الجاسوس أخبر أن له زميلات موكلات بنفس المهمة ولكن بين بنات القبائل. وذكر العدد الذي قد تم تجنيده من بنات القبائل. وهناك مكاتب خاصة لشؤون القبيلة في السفارة الأمريكية والحرب عليها أخلاقيا بإفساد أخلاقهم واجتماعيا بإشعال الحروب والثارات ودعم الأطراف المتقاتلة حتى تتفانى القبائل وتنتهي رجالها، وحينها سيزول كابوس القبيلة من رؤوس الأمريكان. ليس هذا مبالغة في القول. فما دخل السفير الأمريكي بأولاد الذهب وتعيين المشيخ هناك في منطقة قيفة!!. إلى هذا الحد وصل التسلط الأمريكي على أمة محمد؟.

- وإلى ماذا انتهت الأزمة هناك؟.
* انتهت بهزيمة موجعة للقوات الحكومية ما أجبرها على القبول بالمساعي والبنود التي طرحتها الوساطة القبلية بعد أن كانت قد غدرت بها. وكانت الوساطة قد عرضت صلحا بين الطرفين تضمن التزامات من قبل الدولة منها: رفع الطيران الأمريكي عن المنطقة. ورفع الحملة العسكرية. وإعطاء المنطقة حقها من المشاريع الخدمية. وذلك مقابل: خروج الأجانب من المجاهدين – حد تعبيرهم - من المنطقة. وتعسفات أخرى انتهت بمطلب الحكومة الرئيسي وهو: إيقاف المحكمة الشرعية التي نصبها الأخوة وتسليم المشايخ من آل الذهب قائد ونبيل. وهذا هو السر في تحريك الحملة.

الشريعة وأنصارها هم الكابوس الذي يهدد أعداء الله على مختلف مشاربهم.. فالحرب على القبيلة سببها أنه آوت الشريعة وأهلها كما ذكرت سلفا.

- لماذا رفضت الحكومة التفاوض في أبين وقبلته في رداع ؟.
* الحكومة طلبت التفاوض من أول يوم في أبين، والشباب هم الذين رفضوا التفاوض. وما حصل هو أن الدولة أرسلت نخبه من خيرة الدعاة والمشايخ ممن لهم وجه عند المجاهدين، وهم الذين أصروا على الأخوة في قبول التفاوض بعد الانسحاب. ولما وقع الإخوة على الصلح الذي جاء به المشايخ من الدولة، نكثت الدولة كعادتها. باعتبار أن أمرها ليس في يدها وإنما السفير هو الذي يقضي ويمضي وهم يتبعونه. وكأنما عناهم القائل بقوله:
وإنك لو رأيت عبيد تيمٍ ... وتيماً قلت أيهما العبيد
ويقضى الأمر حين تغيب تيم ... ولا يستأذنون وهم شهود.

- هل سيكون الحوار لغة المرحلة القادمة أم أن رداع لها ظروفها الخاصة ؟.
* لغتنا ومنهجنا في كل مرحلة، سابقة ولاحقة، هي شرع الله، فحيث ما كان شرع الله إن شاء الله نكون سلما وحربا.

- اشتهر عن القاعدة أنها لا تقبل بالحوار فلماذا قبلت بالحوار هذه المرة؟.
* تنظيم القاعدة رفع شعار تحكيم الشريعة ولا يمكن أن يُعرض على أمرائنا شيء من الشرع ويرفضونه. وإنما رفض التنظيم الخداع والكذب والمكر بالجهاد والمجاهدين والكيد العظيم بهذه الأمة المسكينة.

ثم إنه من المسلمات أن المعركة بين المجاهدين والأمريكان وأعوانهم لا يمكن أن تنتهي بالحوار، إلى أن يدفع أحدهما الآخر فإما حق وإما باطل.

نعم قد تهدأ المعركة في مكان دون آخر وحال دون أخرى ثم تعود حتى يفصل الله بين عباده ويقضي أمرا كان مفعولا. وعن قبول المجاهدين للصلح الذي سعى به جملة من المشايخ الأفاضل فقد كان لمقاصد شرعية كثيرة أتحفظ عن ذكرها الآن.

- يقول البعض إن القاعدة وافقت على التفاوض لأنها تمر بمرحلة ضعف، ما صحة ذلك؟.
* لا صحة لهذا القول فالبعض هذا لا يعلم أصول الحرب ولا يعرف إستراتجية الجهاد والمجاهدين، فليحتفظ البعض بكلامه لنفسه.

والتنظيم اليوم دخل طورا جديدا، أعني طور الانصهار في المجتمع حتى أصبح في معظم المناطق جزءا من المجتمع له فاعليته ويعيش أحوال الناس وقضاياهم ويصحح يوما بعد يوم كثيرا من المفاهيم المغلوطة عند العامة.

وبدأت الثقافة الخاطئة التي غرسها الإعلام الفاجر في نفوس الناس تزول شيئا فشيئا. ويوشك أن تزول غشاوة التلبيس الإعلامي العالمي عن هذه الأمة فتصبح أمة محمد مبصرة تميز بين الحق والباطل والصادق من الكاذب والعدو من الصديق، وحينها لها يوم مع عدوها وثارات كثيرة في حساب يطول تقاضيه. والإعلام جبهة عريضة تكبدت الأمة فيها خسارات كبيرة أودت بكثير من مفاهيم الإسلام العظيمة. ودعني أنتهز الفرصة للتحذير من الإعلام فأقول: مهمة الإعلام العالمي اليوم هي تشويه الإسلام وطمس معالم الدين الحق وإفساد الأخلاق والتصور بإفساد العقول بالشبهات والقلوب بالشهوات. وحرب التشويه وقلب الحقائق هي سياسة الطواغيت والمتجبرين على مر الدهور والعصور فقد قال فرعون لقومه في شان موسى وما جاء به من الهدى والحق [[إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد]].

- على اعتبار أن مهامك دعوية, ولك خبرة في أمور الصلح, كونك شيخا في منطقتك، هل كان لك دور في الاتفاق الأخير؟.
* لم استطع الوصول إلى قيفة بسبب الوضع الأمني هناك. ولكن تواصلت مع الشيخ عبد الإله الذهب عدة مرات عبر التلفون وطرحت له الرؤية التي أراها فجزاه الله خيرا هو وإخوانه المشايخ على تعقلهم ومراعاتهم لأحوال رعيتهم في قيفة. حقيقة لقد قدموا لقبيلتهم الشيء الكثير ولقد كانوا بالفعل أكبر من الحدث.

- مر أكثر من شهر على آخر غارة أمريكية في اليمن، هل عادت الهدنة من جديد بين التنظيم ونظام هادي، وما تفسيرك لهذا التوقف؟.
* لا جديد. وإنما السر في توقف الغارات أن الأمريكان لهم مواسم يبذرون فيها الجواسيس ومواسم حصاد. أمر آخر وهو أن الأمريكان أدركوا حجم السخط الذي يواجههم من الشعب اليمني بسبب هذه الجريمة السافرة المتكررة في البلاد والتي أدت إلى تعاطف الكثير من أبنا الأمة مع المجاهدين، ولهذا اعتباره عند الأمريكان. فلعل هذه فترة اختفاء حتى ينسى الناس اثر هذه الجريمة ثم يعاودون الكرة. فلهذا على الأخوة أن لا يأمنوا مكر الأمريكان فالأمر كما قال الأول:

غير لاه عداك فاطرح اللهو ... ولا تغترر بعارض سلم.

- وما تفسيرك لنجاح الغارات الأخيرة في الوصول إلى أهداف مهمة بسهولة، ألا يعني أن التنظيم يعاني من اختلال ما؟.
* لا شك أن العدو قد استطاع الوصول إلى بعض الأهداف المتمثلة في بعض القيادات، ولكن لا يعني هذا أن هناك اختلالا أمنيا البتة. وإنما المشكلة في وجود الجواسيس. وهذا أمر يصعب جدا التحرز منه في أي جماعة بل حتى الدول بما تملكه من مقومات وقدرات لا تسلم من التجسس. لاسيما في مثل هذه المعركة العالمية الغير متكافئة بجميع الاعتبارات التي اجتمع فيها الأحمر والأسود والعربي والعجمي على هذه العصبة المباركة. فهذه نتيجة متوقعة لمثل هذا المعادلة الغير متزنة. بل الذي يشهد له الواقع والحال أن التنظيم لا يزال متماسكا بناؤه بل يزداد قوة يوما بعد يوم. ومن ذهب من المجاهدين فذاك يومه وقدره. ويخلف الله الأمة والمجاهدين خيرا منه أمر مجرب.. وحال الأخوة على حد قول الأول:
إذا سيد منا خلا قام سيد ... قؤول بما قال الكرام فعول.

والذي يجب أن يعلمه أعداء الله أنهم ما حققوا نصرا في الحقيقة ولن يحققوه بإذن الله. فحتى هذه الضربات الجوية نفعت المجاهدين أعظم النفع.

ـ كيف؟.
* قربت هذه الضربات كثيرا من النافرين عن المجاهدين وقوت العاطفة عند المتعاطفين، بما تثيره في نفوس الناس من حمية الدين والقبيلة إضافة إلى ما حدث من الأخطاء في الرصد راح ضحيتها عامة من المسلمين لا علاقة لهم بالقاعدة. وصدق الله عز وجل إذ يقول (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم )).

ـ ما تعليقكم على ما نشرته التايم البريطانية بخصوص مشاركة السعودية في معارك أبين وما كشفته الصحافة الأمريكية عن وجود قاعدة عسكرية سرية في السعودية لمحاربة القاعدة في اليمن؟.
* الصواب أن اليمن هي التي شاركت السعودية في معارك أبين لا العكس. فاليمن لا حول لها ولا قوة. وإنما الأمر أمر الأمريكان وآل سعود في المعركة الدائرة اليوم بين المجاهدين والحملة الصليبية. سواء في اليمن أو أفغانستان أو العراق أو الصومال أو مالي أو أي مكان. فقد حملت المملكة على كاهلها وزر هذه الحرب ومهمة إجهاض هذه الدعوة المباركة - وأنى لهم ذلك - هذه هي الحقيقة التي يتهرب الكثير اليوم من إدراكها وذكرها. آل سعود هم في الخط الأول في هذه الحملة الشرسة على الإسلام والمسلمين في كل الساحات.

– ألا تعتقد أنك تتهمهم بما ليس فيهم؟.
من الذي أدخل الأمريكان إلى ارض الإسلام ومهبط الوحي؟. من الذي يقود حرب الشريعة اليوم ومطاردة المجاهدين وسجنهم؟. عشرات الآلاف من العلماء والمصلحين يقبعون في سجون آل سعود!! بل ما سلمت النساء الحرائر من بطشهم وظلمهم في صورة جسدت كل معاني الوقاحة والنذالة. تؤخذ نساء المسلمين إلى معتقلات آل سعود ليواجهن مصيرهن المجهول داخل الزنازين من الضرب والإهانة، وفي بعض الحالات تنتهك أعراضهن. أهذا هو الإسلام السعودي الأمريكي؟. وكل هذا بمباركة وتوطئة العلماء الربانيين – زعموا - قاتلهم الله. أين أنتم يا علماء السوء من صرخات نسائكم في سجون آل سعود؟. من الذي يتزعم الحرب الفكرية اليوم التي غايتها قلب الدين وإخراجه بالقالب الذي ترضاه أمريكا؟.فدعوة إلى حوار الأديان، ودعوة أخرى للتقريب بين السنة والرافضة، وأخرى إلى حرية المرأة، وأخرى وأخرى. وكل هذا بعناية ورعاية وتأصيل علمائنا الربانيين!!!!. وحتى في باب الأخلاق تجد آل سعود هم السباقون فقد تعلم أن أكبر قنوات العهر والخنا والغناء يمتلكا أمراء آل سعود .ولن تجد ساحة حرب على الأمة والملة إلا وآل سعود لهم القدح المعلى فيها !!!.

وبالنسبة للقاعدة الأمريكية التي كُـشفت قريبا فأمر غير مستغرب بل متوقع ولا فرق في الواقع بين أن تكون القاعدة أمريكية أو سعودية. كلاهما في خدمة المشروع الأمريكي. وكل هذه الجيوش هي قواعد احتياطية حاضرة محضرة في خدمة الأمريكان في أي ساعة من ليل أو نهار. فما أدري ما الغريب في هذا.

- في منطقتكم هذه "مديرية السدة" بمحافظة إب تتواجدون أنتم ومن ينادون بالموت لأمريكا "الحوثيون". لماذا ترسل أمريكا لكم الموت فقط؟.
* القضية واضحة. لأننا نحن الذين نحمل الموت للأمريكان. أما شعار الحوثيون فكما قال العلامة سيدهم الحقيقي السفير فايرستان هو مجرد شعار سخيف لا خوف منه ولا من الذي يحمله. وقد اتضح اليوم لكل ذي عينين المؤامرة التي يديرها الأمريكان مع الرافضة ضد أهل السنة وفي مقدمتهم المجاهدون في كل بقعة، في أفغانستان والعراق وسوريا. وهاهو المشهد يتكرر اليوم في اليمن. نسأل الله أن يرحم أمة محمد عليه الصلاة والسلام.

أين الحوثيون في ساحات الجهاد مع الأمريكان، لماذا لا توجد جبهة في العالم كله للرافضة الحوثيين وغيرهم مع الأمريكان على كثرة الجبهات التي فتحها الغرب مع المسلمين اليوم. صدق شيخ الإسلام حين قال: إنه لا يعلم للرافضة معركة مع اليهود والنصارى بل كل معاركهم ضد الإسلام والمسلمين على مر العصور.

- على ذكر الحوثيين، ما حجم تواجدهم في محافظة إب، وكيف تمكن الحوثي من التواجد في مناطق الشافعية؟.
* الحوثي يتمدد يوما بعد يوم في مناطق عدة منها محافظة إب, ولكن ليس بالشكل الذي يُروج له، فالناس هنا بحمد الله ما زالوا بعقولهم. قلت هذا لمقولة قالها لي أحد المشايخ من مأرب من الجدعان وقد كان تحوث ثم لم يطل به المقام مع هذا الفكر البالي. قال لي (أي إنسان معه عقل ما يمكن يطول مع الحوثي أكثر من عشرة أيام) هذه مدة كافية لمعرفة حقيقة هذه الجماعة المخرفة المنحرفة. ومع ذلك فالحوثي خطر كبير على الدين والعقيدة، وإذا سكت الناس عليه وتساهلوا في مواجهته فستلتهم ناره المجتمع بأسره. وأما عن الذي ساعد الحوثي في نشر فكره في المناطق الشافعية فأمور:

منها: تخاذل أهل السنة علماء وعامة في التصدي لهذا الفكر ومواجهته المواجهة الصحيحة، فالحوثي في أصل أمره لم يكن شيئا وإنما سكوت أهل السنة عنه جعل منه بطلا مغوارا، والحال في هذه البلاد كما قيل: إن البغاث بأرضنا يستنسر.
ومنها: وجود بعض الأسر التي الهاشمية التي تدين بمذهب الزيدية، حيث روجت لهذا الفكر بين أبناء القبائل مستخدمة في ذلك كل وسيلة متاحة لها.
ومنها: وجود بعض الرؤوس من المشايخ الموالية للحوثي تم استقطابها في مناطق أخرى عن طريق المال وصدق النبي عليه الصلاة والسلام إذ يقول ((لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال)) وهؤلاء هم حلقة الوصل بين الحوثي والقبيلة لاسيما والناس يعانون من الفقر والحاجة.
ومنها: ما يمتلكه الحوثي من الدعم الداخلي والخارجي.

ومن المفارقات العجيبة أن إيران ترسل للحوثي سفن الأسلحة والأموال والأمتعة دعما لدعوتها وعقيدتها. ودولة التوحيد والسنة ((السعودية)) ترسل لنا الطائرات بدون طيار والجواسيس والعملاء حربا للسنة وأهلها ودعاتها وحماتها الحقيقيين. فمتى يستفيق السكارى متى؟.

ومنها التواطؤ الواضح من "الدولة المدنية الحديثة" فقد سهلت الدولة للحوثي وساعدته في كثير من الأمور، وما الحروب التي تشنها الدولة داخل القرى النائية لتصفية القاعدة بالتعاون مع الحوثة إلا تهيئة وتوطئة لظهور الحوثي بديلا عن المجاهدين، فليت أهل السنة يستفيقون.

ومنها: وجود الحاضنة التي أمنت له مركزا للانطلاقة في جميع المحافظات.

- وماذا عما حدث في يوم الغدير؟.
* ما حدث هو إشهارهم لهذه البدعة المنكرة في الدين والقبيلة، فالمنطقة لا تعرف هذه العادات أبدا، ثم إنه وصلنا خبر من مصادر عدة أنهم سيقيمون كل مراسيم الاحتفال بما فيها تجسيد الصحابة ولعنهم وسبهم على غرار ما يفعله الرافضة والحوثيون في صعدة وغيرها. فهبت الرجال من كل مكان إلى القرية التي فيها الاحتفال وتم إيقاف الحفل:

وتداعى بانصرام جمعهم ... جمع إبليس الذي كان جمع.

- وهل هي المرة الأولى التي يحتفلون فيها بالغدير في هذه المنطقة؟.
* نعم. والأخيرة إن شاء الله .

- كيف تقرأ مستقبل الصراع بينهم وبين تنظيم القاعدة؟.
* معالم الصراع بدت واضحة وتتجلى يوما بعد يوم، والذي يتيقن في صدري أن جميع المكونات الموجودة في الساحة اليمنية والتي تتصارع فيما بينها ستذوب وتتبلور حول قطبين رئيسين هما السنة والشيعة، وسيصبح الصراع بين السنة بقيادة القاعدة والشيعة بقيادة الحوثي ثم تكون الملحمة والموقف الفاصل بين الحق والباطل. قال تعالى ((وإن جندنا لهم الغالبون)) ((كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز)). نعم فليس أحد يعمل وفق سنن السيطرة والظهور غير هذين التيارين، إن صح التعبير.

- يقال إن حرب دماج بين الحوثيين والسلفيين في محافظة صعدة، وسكوت النظام على توسع الحوثي، واستهداف أمريكا للقاعدة فقط، أمور قربت بين التنظيم والجماعة السلفية، ما صحة ذلك؟.
* شيء يسيرٌ لا يفرح به. ثم هو نسبيٌ في مدارس دون أخرى وحالات وعقليات دون حالات وعقليات. ففي الجملة لا يزال طلاب الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله، على اختلاف مذاهبهم بعده في السلفية، يعانون من جهل مطبق لحقيقة المعركة، والكثير منهم يرون أن المجاهدين هم السبب في هذه الحرب الصليبية ونسوا ما يحفظونه من كلام الله تعالى ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا))حسبنا الله ونعم الوكيل.
شكونا إليهم خراب العراق .. فعابوا علينا لحوم البقر
فكنا كما قيل فيما مضى .. أريها السهى وتريني القمر.

- أين يلتقي تنظيم القاعدة مع السلفيين وأين يفترقون؟.
*عفوا أخي عندي تحفظ على هذه التسمية (السلفيين) فمعنى السلفية الحقة لا يدركه ولا يلتزم به كثير ممن يدعي السلفية. ولكن أتماشى معك باعتبار أنها قد أصبحت علما جامدا لا يلحظ معناه عند كثير ممن يتسمى به.

أما عن سؤالك فجوابه يتفرع عن الذي قبله وهو أن السلفيين مدارس كثيرة بعضها فوق بعض فمن سلم منهم من لوثة الإرجاء نلتقي معه في التأصيل ونختلف في التنزيل. بمعنى نحن متفقون في الحكم العام على تفاصيل الواقع ونختلف في التنزيل على المعين وقد نتفق مع البعض في التنزيل أحيانا ونختلف في التوقيت. وهذه الطائفة الأخيرة هم خير السلفيين وأقربهم منا منهجا وسيأتون إن شاء الله قريبا!!.

- لكن السلفيين يتهمون التنظيم بالوقوع في بدع الخوارج ؟.
* التهم التي يكيلها السلفيون للمجاهدين كثيرة وكلما انتقضت واحدة تشبثوا بالتي تليها، وهكذا دواليك دواليك.. وحسبنا الله ونعم الوكيل. بل لقد تعدى الأمر حدود الاتهام إلى الفتوى بوجوب قتل المجاهدين إلى المواجهة المسلحة. وليس بخاف على مثلك ما صنعه السلفيون في أبين. لقد دخلوا في مواجهة مباشرة مع المجاهدين إلى جانب قوات النظام وهم خليط من الحوثيين وغيرهم وتحت إدارة الطيران الأمريكي، ومن العجائب السلفية أنه كان إذا جاء الطيران يضرب المجاهدين كبر السلفيون وقالوا جاءكم النصر. هكذا حدثنا المجاهدون الذين شهدوا تلك المواجهات. فأقول لإخواننا طلبة العلم والدعاة اتقوا الله واعرفوا عدوكم من هو؟!! ثم صوبوا سهامكم نحوه. ليس المجاهدون إلا إخوانكم ومنهم من عاشركم وعاش بينكم. أما من قد تجرد وانبرى لحرب المجاهدين وتظاهر ببغضهم والتحريض عليهم فنقول لهم:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا .. لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم .. وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكمُ .. ولا نلومكمُ إذ لا تحبونا .

حقا لقد ابتليت الأمة اليوم بفهوم سقيمة صورت الدين وجسدته وأخرجته في أبشع منظر.

عودة إلى سؤالك أخي: المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فما هو دليل هؤلاء على هذه الدعوى؟.
فالدعاوى إن لم يقيموا عليها .. بينات أصحابها أدعياء.

ـ لكنكم تخرجون على الحاكم ؟!.
* نعم نخرج عليه لكن ليس كل من خرج على الحاكم يعتبر من الخوارج الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم كلاب أهل النار، وإلا لزم من ذلك تضليل خيرة هذه الأمة الذين خرجوا على أئمة الجور. فالحسين وابن الزبير وخيرة التابعين من صدر الأمة على هذا خوارج كلاب أهل النار. سبحانك هذا بهتان عظيم.

ثم من هو الذي خرجنا عليه؟. علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عثمان رضي الله عنه ؟. إذن: الخروج لا يذم ولا يحمد عل الإطلاق ولكن بحسب الحال: فمتى وجد المسوغ الشرعي للخروج كان ممدوحا وكان عبادة وجهادا وإلا فلا. قال القاضي عياض كما في شرح مسلم ( فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة, خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك. فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر). ولكي يعرف الناس إلى أي مستوى وصلت إليه فهوم بعض المنتسبين للعلم. نقدم هذه التساؤلات: هل معمر القذافي وحسني مبارك وزين العابدين وبشار الأسد وعبد الله السعودي وعلي صالح وخليفته هادي هؤلاء ولاة أمر شرعيين، هل هؤلاء أمراء المؤمنين تنزل عليهم أحكام الولاة من وجوب السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره؟. أجيبوا أيها العلماء والدعاة ؟ فإن أجبتم بنعم كشفتم سوأة جهلكم بالدين ومقاصد الشريعة من الولاية والولاة. وإن بلا ناقضتم أصولكم ودعوتكم وكذبتم أنفسكم وأنتم على مدار عقود ماضية تنافحون عن هؤلاء الطواغيت الذين ساموا الأمة سوء العذاب وباعوا العرض والأرض لأعداء الله. فاستفيقوا من غفلتكم خير لكم.
أمتي كم صنمٍ مجدته ... لم يكن يحمل طهرَ الصنمِ
لا يلامُ الذئبُ في عدوانه ... إن يك الراعي عدوَّ الغنمِ
فاحبسي الشكوى فلولاك لما ... كان في الحكمِ عبيدُ الدرهمِ.

- أيضا مما يقال عنكم أنكم تتكلمون في العلماء وتسعون لإسقاطهم وهذا دليل ضلالة وزيغ. فما قولكم في هذا؟.
*العلماء منهم عالم الحق والهدى ومنهم عالم السوء والضلال ولكلٍ منهما صفاته وعلاماته، والمجاهدون إن تكلموا في علماء السوء وكشفوا سترهم وأظهروا للناس عوارهم ليحذروهم فهذا من الجهاد الذي أمر الله تعالى به قال الله تعالى [[يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم]] وهذا هو منهج السلف في الحفاظ على معالم الدين الحق: إسقاط صور النفاق ورموز الدجل ونُصب التقليد أين كانت ومن كانت. ففي الأثر أن ابن سلول عبد الله ابن أبي قام بعد ما فعل في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل خطيبا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فجبذه بعض أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له اجلس عدو الله فلست لذلك بأهل، مع أنه أراد أن يثني على الرسول ويوصي بإتباعه وطاعته كعادته. فهذا هو سر المسألة. وما أكثر الذي يعتلون منابر التوجيه والإرشاد وهم بحاجة إلى أن ينزلوا على رؤوسهم من فوقها وقد قال الإمام المجدد شيخنا المجاهد أسامة بن لادن – رحمه الله – في بعض كلماته وتوجيهاته :(إن الوقوف لعلماء السوء بالمرصاد يأتي في مقدمة أولويات العمل الإسلامي للتمكين للدين ).

ـ ومنهم هؤلاء العلماء الذين تتحدث عنهم؟.
* العد يطول ولكن علماء السوء هم الذين يقررون شرعية هؤلاء الحكام الخونة ويبررون جميع جرائمهم في حق الدين والأمة فهم السبب في تغييب الشريعة عن واقع الأمة وهم الذين سهلوا دخول الجيوش الصليبية لبلاد المسلمين وهم الذي أباحوا دماء المجاهدين وأهدروها وطاردوهم وأخرجوهم من ديارهم بدون جريمة إلا أنهم يريدون شرع الله تعالى يحكم عباد الله في مقابل تقرير حوار الأديان وبث روح الأخوة الإنسانية والتسامح ونبذ العنف وثقافة الكراهية مع الآخر (الكافر). وهم الذين حرموا الجهاد في أفغانستان والعراق والصومال والشيشان غيرها من البلاد التي دهمها العدو الصليبي واشترط بعضهم إذن ولي الأمر!.

وهم الذين جرؤا أعداء الله على المقدسات وجسروا العصاة وأصحاب الشهوات على الكبائر والمحرمات، فالربا والزنا والخنا والعهر والسفور ووو الخ. كل هذا تجد من يقرره بطريقة وبأخرى من دعاة السوء.

- نريد ضابطا وحدا جامعا مانعا للفرق بين عالم السوء وعالم الحق ؟.
* العلامة الفارقة لعلماء السوء الذين أقصدهم، والذين هم غرض الكلام، هم المتزلفون والمتقربون للحكام بدين الأمة وعقيدتها ودمائها وأعراضها ومقدساتها؟.

- فضلا شيخ مأمون. أرى في كلامك حدة وشدة على من وصفتهم بعلماء السوء؟.
هذا هو الواجب شرعا. وسيهون عليك ما تراه عندما تعلم عظيم الجناية التي اقترفها علماء السوء في حق الأمة والملة.

هل شعرت ما هي أعظم جناية اجترحها هؤلاء العلماء أخي عبد الرزاق ؟. لقد نجح علماء السوء في تحوير مسار المعركة بين الإسلام والكفر إلى مسار آخر يكون فيه عدو الأمة الأول هم أبناؤها المجاهدون، هل شعرت بهذا؟. وليطمئن قلبك انظر إلى المعارك التي يقودها ولاة الأمور اليوم وسدنتهم علماء الضلال ضد من؟. ضد اليهود والنصارى ؟؟!! الرافضة؟!!! العلمانين المفسدين ؟؟!!!! . إنها ضد المجاهدين أنصار الشريعة!.

- أين تقفون من قضية الحوار الوطني ؟وما هي نظرتكم لهذا الحوار ؟؟
* الحوار لا يعنينا من قريب أو من بعيد . ونرى أنه صورة من صور المؤامرة على اليمن وأهله، والدخول فيه هو المرحلة الأولى لتنفيذ المشروع الأمريكي الجديد في البلاد. وكما قال فضيلة الشيخ عارف الصبري في كتابه القيم: إنه بوابة لعلمنة اليمن وتقسيمها.. فجزاه الله خيرا على هذا البيان النافع. على أنه قد ترفق بأصحاب الحوار كثيرا... ولكلٍ سياسته في طرح الحق وبيانه.

- رغم أن أغلب عملك دعوي ألا تخشى ان تكون هدفا للطيران الأمريكي ؟ كما حدث للشيخ عدنان القاضي ؟
* لا. لا أخشى ذلك، فالقتل في سبيل الله هو أكرم طرق الموت، وهذا طلب الأنبياء وأتباعهم. قال عليه الصلاة والسلام :(والذي نفسي بيده لوددت أن أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل) وما أحسن ما قاله ابن حزم رحمه الله:
مناي من الدنيا علوم أبثها * وأنشرها في كل باد وحاضر
دعاء إلى القرآن والسنن التي * تناسى رجال ذكرها في المحاضر
وألزم أطراف الثغور مجاهدا * إذا هيعة ثارت فأول نافر
لألقى حمامي مقبلا غير مدبر * بسمر العوالي والرقاق البواتر
كفاحا مع الكفار في حومة الوغى * وأكرم موت للفتى قتل كافر
فيا رب لا تجعل حمامي بغيرها * ولا تجعلني من قطين المقابر.

ثم إن قول الحق والدعوة إليه لا يقرب من طيران ولا من اغتيال فأرواحنا ونفوسنا بيد الله قال تعالى [[ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ]] كلنا سنموت من جاهد في سبيل الله ومن جاهد في سبيل الطاغوت ومن قعد عن الثنتين وسنختلف في العاقبة.

ولا أخفيك أنني في ساعات كثيرة عندما أتأمل في واقع الناس اليوم وأرى عجز الرجال وتقاعس الثقات ونفاق الدعاة وجرأة الباطل وأهله وجلدهم يصيبني من الهم والغم ما يصيبني
وأتمثل قول القائل:

غير مأسوف على زمن ** ينقضي بالهم والحزن
إنما يرجو الحياة فتى ** عاش في أمن من المحن

- وهل يحلق الطيران الأمريكي في سماء هذه المنطقة أيضا ؟.
* لم نعد نسمعه هذه الأيام للأسباب السالفة.

- ألن يتسبب ذلك في تأزيم العلاقة بينك وبين أبناء المنطقة؟.
- لا لا. هذا بعيد. الحمد لله أبناء المنطقة عندنا على مستوى عال من الثقافة والفهم. ولو لم يكونوا كذلك ما كانت هذه البلاد ترفل بهذه النعمة من الأمن على خلاف المناطق الأخرى. ولعلهم استفادوا كثيرا من حروب المناطق الوسطى السابقة في التعامل مع مثل هذه الأحوال. على أن الحوثيين ومعهم بعض المرتزقة من القبائل يحاولون أن يجروا المنطقة إلى فتنة بالكذب والتلفيق والسعي هنا وهناك ولكن بحمد الله أن كرام الناس وكبارهم وعقلاءهم يتصدون لهذه النوايا الشريرة ووأدوها وكبتوها في مهدها.