بعض الذين دوخونا خلال السنوات الماضية بالخطب الطنانة الرنانة حول الوحدة، وصمت أذاننا وفجعت قلوب أطفالنا أصوات قذائف مدافعهم في ما أسموها بحرب الدفاع عن الوحدة، الذين حاربوا كل صاحب رأي ناقد للفساد بتهمة السعي للانفصال، والذين اتهموا الحراكيين الجنوبيين المطالبين بانفصال الجنوب عن الشمال بالعمالة، والذين رفضوا مقترح دولة بإقليمين باعتباره خطوة على طريق الانفصال، هؤلاء أسسوا مؤخراً حراكاً شمالياً يطالب بانفصال الشمال عن الجنوب، والحقيقة أن هذه العقليات المشوهة التي حكمت اليمن على مدى ثلاثة عقود، تعلم قبل غيرها أن الدولة الفيدرالية بإقليمين هي حل لتشوهات الوحدة، وليست طريقاً للانفصال، ورفضها لهذا الشكل من الدولة إنما هو بدافع الخوف على مصالحها التي سوف تتضرر نتيجة الإصلاح، ومشروع حركها الشمالي الفاشل هو مشروع ابتزاز للإبقاء على هذا الشكل المشوه للوحدة، وليس مشروعاً سياسياً حقيقياً، فإذا كان أصحاب هذا المشروع الفاشل صادقين مع أنفسهم ومع هذا الشعب الذي انهكه غبائهم على مدى العقود الثلاثة الماضية، فليقبلوا فوراً مطلب غلاة الحراكيين الجنوبيين المطالبين بانفصال الجنوب عن الشمال وكفى الله المؤمنين شر القتال، فالانفصال هو الانفصال، سواء تحقق عبر انفصال الجنوب عن الشمال أو عبر انفصال الشمال عن الجنوب.