عندما صدر قرار تعيين الأستاذ نصر طه مديرا لمكتب الرئيس، ارسلت له ما مفاده مباركتي لبجاش اكثر من مباركتي له.

دار بيننا حوار خطي قصير حول ذلك؛ كنت استقرئ بان طه لن يترك بجاش وأنه سينقله معه، طالما اصبحت بينهما لغة مشتركة وتناغم رائع طيلة السنوات السابقة.

كان الامر سيبدو طبيعيا كما هو حال الكثير من المسئولين ممن يتنقلون بمدراء مكاتبهم من منصب لآخر، ولم اتوقع ان يواصل بجاش حياته المهنية بعيدا عن طه، ولا ادري ما هي الحسابات التي جعلت الامر يحدث بذلك الشكل الدراماتيكي المغاير.

بجاش شاب مخلق ولديه افكار جيده، ربما كان المنصب اكبر منه بمقاييس المستنكرين، لكن بالمقابل كانت الهجمة الموجهه اليه ايضا اكبر بكثير مما ينبغي.

المشكلة تكمن في ان بجاش بحكم عمله ارتبط بالوسط الاعلامي ورجالاته الطيبين وغير الطيبين، المحترمين وغير المحترمين، واقترب كثيرا من الاضواء الضارة والنافعة دون تفريق، حيث لم يكن يملك قرار الانتقاء بحكم طبيعة عملة التي تفرض عليه التعامل مع الجميع دون استثناء، وعندما صدر القرار كانت الخصومات الكامنة سواء تجاه بجاش أو مصطفى جاهزة ومستعده لتوليد كل تلك التداعيات بحق أو بدون حق.

لكنني على يقين بان ذلك القرار الملغي لو انه صدر باسم أي شخص مغمور، وبالكاد يقرأ ويكتب، ومهما كان سيئا، فانه سيمر مرور الكرام، دون اي اعتراض او احتدام.

وهكذا يدفع الانسان النقي ثمنا باهضا لاقترابه من الاضواء عندما لا يدرك انها قد تؤذيه، وبغض النظر عما اذا كان بجاش يستحق القرار من عدمه؛ فان ماحدث انما كان بفعل ظروف محدده، واحتقانات شخصية سابقة، ولا علاقة له على الاطلاق لا برقابة اجتماعية، ولا بغيره ثورية، ولا بادعاء الفضيلة والنزاهة والشرف.!!