لا يجد المهاجر اليمني إلى اسرائيل صعوبة في تقدير قيمة الانتماء للوطن الأم، لأن جولة قصيرة في أرجاء تل أبيب كفيلة بمنحه الإحساس بالغربة. فسكان كل منطقة لا يشبهون الأخرى في ملامحهم. إذ أن مهاجري كل بلد استوطنوا منطقة حتى شكلوا مجتمعاً يتماثل بدينه ويختلف بسلالات أبنائه!

الدين ثقافة عقائدية، وإذا كنت سأنتمي الى دولة يهودية فإن هذا الانتماء ينتهي إذا غيرت قناعتي وقررت اعتناق الاسلام أو المسيحية، وحينئذ أصبح بلا وطن..

لكن الانتماء لوطن ما- كاليمن مثلا- يعني أنني أنتمي إلى أرض محددة، وتأريخ طويل يستحيل لأحد إلغائه. وإلى تراث ثقافي اشترك فيه مع جميع أبناء شعبي. وإلى حضارة لها معالمها التي أعتز بها لكونها مما أنجز آبائي وأجدادي وأسلافهم.

كذلك الانتماء لليمن يعني إنتماء إلى سلالة بشرية لها صفات وملامح معروفة، تمنحنا جميعاً الألفة، خلافاً للاحساس الذي ينتابك حين تقف بين صيني وروسي وبريطاني وافريقي وتدعي أنكم شعب واحد لكونكم جميعاً يهود أو مسلمين في الوقت الذي لايفهم كل منكم لغة الآخر، ولا يشابه أحدكم الآخر..!

جادلني أحد أخواني اليمنيين المسلمين وكان مصراً أن الانتماء للدين هو الأهم من الانتماء للوطن، لكنه تنصل من إجابة سؤالي: "هل معنى هذا أن من الواجب على اليهود في اليمن مناصرة إسرائيل إذا خاضت حرباً ضد اليمن، باعتبارهم ابناء دين واحد"؟

النبي محمد قال "الايمان يمان والحكمة يمانية"، ألم يخصص هذا لأبناء الوطن اليمني المنحدرين من قبائلها الأصلية، وليس للصيني أو الافريقي الذي أسلم وسكن اليمن!؟ فقول النبي فيه تفضيل نوعي لوطن معين على سائر الاوطان.

لذلك فإن انتمائي لليمن هو انتماء الى اصول وحضارة وتاريخ وثقافة وتجارب متراكمة أما اليهودية فهي عقيدة دينية مثلها مثل الاسلام قد يعتنقها بعضنا دون أن يلتزم بشيء من تعاليمها- وذلك شأنه مع خالقه الذي يعلم كل شيء