تناولت جريدة الثورة موضوع الاستثمار في عدة مقالات كتبها الأخ أحمد غالبرئيس مصلحة الضرائب بعناوين متعددة منها "عملية جراحية كبيرة للاقتصاد،انتحار اقتصادي" وكلها تتصل بالاستثمار وما يرتبط به، ولعله أبدى تشاؤمهبصورة تتناقض مع المفاهيم الاقتصادية أي أن مفهوم الانتحار الاقتصادي لايتفق ومفهوم النسبية الذي تخضع له كل العلوم الاجتماعية بما فيها علمالاقتصاد، كون هذا المفهوم مرتبطاً بالعلاقات السببية بين العلومالاجتماعية التي تؤثر وتتأثر ببعضها البعض، أما الانتحار فهو مفهوم مطلقومعناه الفناء والموت وهنا تظهر المبالغة والخلط في المفاهيم أي أن رئيسمصلحة الضرائب خرج عن المفاهيم الاقتصادية والمالية والنقدية المتصلةبموضوع الاستثمار كون هذه المفاهيم معمول بها في كل بلدان العالم بعد أنأثبتت التجارب صحة الفروض العلمية التي قامت عليها وتعممت كنظريات علميةتتنافس على تطبيقها بلدان العالم المختلفة مع الأخذ في الاعتبار خصوصياتوظروف كل بلد على حده، أي أن كل بلدان العالم دون استثناء لم تخرج عن أسستلك المفاهيم أو المحددات ولعل خير مثال على ذلك نجاح التجربة في جمهورية الصين الشعبية.. ذات التوجه الاشتراكي والتي حققت طفرة اقتصادية من خلالتهيئة مناخ الاستثمار واحتل اقتصادها المرتبة الثانية على مستوى العالم فيعام 2012م متجاوزة بذلك اليابان، ويرجع الأمر فيما تحقق إلى تهيئة مناخالاستثمار ويمكننا الإشارة إلى أهم هذه المحددات وأهم المؤشرات للاقتصادالصيني، ثم نضع بعض التساؤلات التي تبحث عن الإجابة وذلك فيما يلي: أولاً: محددات مناخ الاستثمار في الصين: 1- إن هذه الدولة تنافس على المركز الأول عالمياً في البنية الأساسية منشبكة طرق وطاقة كهربائية وموانئ برية وجوية وشبكة اتصالات ومواصلاتوتكنولوجيا معلوماتية وموارد بشرية ذات خبرة عالمية وبأدنى الأسعار مقارنةبغيرها من البلدان. 2- تتمتع باستقرار اقتصادي على مدى عقود، وتقدم الكثير من الحوافز والمزاياالمالية وغيرها من التسهيلات المقدمة للمستثمرين مما جعل الصين الدولةالثانية عالمياً في جذب الاستثمارات، وتحولت إلى الورشة العالمية الأولى فيالإنتاج الصناعي، وأكبر سوق لبيع المنتجات وللحصول على القروض. 3- تتمتع الصين بالبنية التشريعية المحفزة للاستثمار المتزامن من قضاء نزيه وعادل وبالتبعية استقرار أمني واجتماعية. ثانيا: ما تحقق في أهم المؤشرة الاقتصادية 1- للأسباب والمحددات المشار إليها وغيرها فإن الدراسات الاقتصادية لأهمالمؤشرات والتي وردت تحت عنوان " حقائق وأرقام" الصادرة في عام 2012م، لأحدمراكز الدراسات الاقتصادية الصينية ... تشير إلى أنه بلغ عدد الشركاتالأجنبية في الصين 700 ألف شركة، وأنه بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبيةترليون دولار، وبلغ عدد العاملين في الشركات الأجنبية 45 مليون عامل، وأننسبة الضرائب من الشركات الأجنبية بلغ 30% من إجمالي الضرائب، وان نسبةالصادرات من الشركات الأجنبية تمثل 56% من إجمالي الصادرات الصينية، وأننسبة وارداتها 55% من إجمالي الواردات، وبلغت قيمة الصادرات الصينية في عام 2011م 3 ترليون دولار أي أنها الأولى في العالم، وان الاحتياطي النقديتجاوز 2 ترليون دولار وهناك العديد من المؤشرات الاقتصادية التي لمنتناولها. 2- هذه المؤشرات كفيلة بالإجابة على من يكتبون عن المفاهيم الاقتصاديةوالاستثمارية دون مراعاة لما يجري من منافسة عالمية على جذب الاستثماراتالمحلية والأجنبية وما يترتب عليها من تعظيم العائد الاقتصادي والمساهمة فيالتنمية الاقتصادية للبلدان المضيفة لرؤوس الأموال الأجنبية في ظلالعولمة، والحرية الاقتصادية. ثالثاً: تساؤلات تبحث عن إجابة: في ضوء ما سبق تثار العديد من التساؤلات حول المقالات الاقتصادية التيأوردتها جريدة الثورة باسم الأخ أحمد غالب والتي تفتقر إلى الموضوعية. ولعل من أهم هذه التساؤلات ما يلي: 1- هل يقصد أن تخفيض نسبة الضرائب على المشاريع الاستثمارية لفترة معينةسوف تلحق الضرر بالإيرادات؟ وهل من الممكن الحصول على مشاريع استثماريةبدون حوافز ضريبية ومالية؟ أي هل تستطيع اليمن أن تدخل المنافسة بدون تلكالمزايا والحوافز أسوة بغيرها؟ 2- وهل يتجاهل ما سوف تحققه من عوائد مالية وغيرها من المدى المنظور؟ 3- أم أنه يقصد أن محددات الاستثمارات في اليمن من البنية الأساسية مثلشبكة الطرق والطاقة الكهربائية والمياه والموانئ وشبكة الاتصالاتوالمواصلات والأيدي العاملة الماهرة وتكنولوجيا المعلومات وسوق رأس المالوالبنية التشريعية والقضاء العادل والاستقرار الأمني والاجتماعي كل هذهمتوفرة وبالتالي فلا داعي لأي حوافز لجذب الاستثمارات؟ 4- أم أن الذاكرة خانتنا ولم نكن على اطلاع بما تتمتع به اليمن من مزايانسبية عالية من المواد الخام بحيث لا يتطلب الأمر تقديم أي حوافزللمستثمرين وأن هذه المزايا كفيلة بجذب الاستثمارات؟ 5- هل يقصد أنه لا يترتب على المشاريع الاستثمارية أي موعد اقتصاد أو أيزيادة في القاعدة الضريبية في المدى المنظور وبالتالي لأن يكون هناك بزيادةفي الإيرادات للدولة مستقبلا من مثل هذه المشاريع؟ 6- أم أنه يقصد أن مثل هذه المشاريع لا يترتب عليها أي إحلال محل الوارداتأو أي زيادة في حجم الصادرات (وخاصة مصانع الحديد والاسمنت وغيرها) أو أيتزايد في النقد الأجنبي من خلال التأثير المباشر للصادرات على الميزانالتجاري. 7- ولعله يقصد أن معدل البطالة في اليمن صفر، وأن نسبة الفقر صفر، وبالتاليلا داعي للمشاريع الاستثمارية أو العمل على جذب الاستثمارات، طالما وأناليمن بلغت درجة الرفاهية الاقتصادية التي تكون في غنى عن الاستثمار ولاتجعلها تقدم أي حوافز للاستثمار الأجنبي والمحلي أسوة ببلدان العالم؟ 8- وهناك الكثير من التساؤلات التي يتعذر تناولها في هذه المقالة، وكلها تبحث عن إجابة من كاتب المقالات (الانتحار الاقتصادي. 9- أعتقد أن من أولويات مصلحة الضرائب هو البحث عن الضرائب المفقودة والتيتصل نسبتها إلى 80% من إجمالي الإيرادات الضريبية حسب اعترافاته في إحدىالمقالات في صحيفة «الثورة» ، وطريقة للبحث عن تلك الأموال المفقودة هوتكليف فريق عمل لدراسة عينة عشوائية للمكلفين أو للأوعية الضريبية في أيموقع في الأمانة أو غيرها وعلى سبيل المثال شارع تعز- صنعاء وسوف يدرك حجمالوعاء الضريبي، أي كم المبالغ المستحقة للدولة على مستوى كل وعاء ضريبي،ما هي المبالغ التي تدفع وحجم المبالغ الموضوعة في السندات التي بيدالمكلفين، وأنا على ثقة بأن النسبة المشار إليها ستخفض إلى أدنى حد من حجمالضرائب المفقودة. 10- في الأخير: أرجو أن يتفهم الأخ رئيس مصلحة الضرائب وكل القياداتالإدارية من وزراء وغيرهم معنى ثقافة الاستثمار، ومحاولة الاستفادة منتجارب الآخرين في هذا المضمار، لأن القضية وطنية يجب أن يتفاهما كل أبناءالمجتمع، وعلى مستوى كل الشرائح الاجتماعية، وتعميمها في المناهج التعليميةالجامعية، كون الاستثمار مفتاح التنمية الاقتصادية خاصة وأن اليمن تملكالكثير من الموارد الطبيعية والبشرية. 11- من باب الاعتراف بالخطأ من قبل الجميع... يقال أنه في أحد اللقاءاتلطرفين مختلفين بادر أحد الأشخاص الحديث وقال أما تعرفون بأني أفهم أكثر منفلان ... فقالو له كيف عرفت؟ فأجاب لأني أفهم أني لا فهم!!!بينما هو لميفهم أنه لا يفهم!!!
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.