معها يشتد الحضور... برغم الغياب!

فقد احتجبتْ عن الأضواء نحو عقد من الزمن، ولكن «وهج» فنّها بقي حاضراً، ولم يفارق وجهها المشرق ذاكرة الجمهور الذي عشقها كواحدة من نجمات «الزمن الذهبي».

هي الفنانة سميرة توفيق، التي حملت ألقاباً كثيرة لعلّ أبرزها «مطربة البادية»، بعدما تميّزت بغناء اللهجة البيضاء التي جعلت منها مطربة متميزة في لونها، فتعامل معها كبار الملحنين والشعراء في العالم العربي، بينهم عفيف رضوان، وعبد الجليل وهبي، ومحمد محسن، ورفيق حبيقة، وإلياس الرحباني، وملحم بركات، وإيلي شويري، وفيلمون وهبي.

وإلى الغناء، شاركت سميرة توفيق في مسلسلات وأفلام عدة في سورية ولبنان، فترسّخت نجوميتها «بالصوت والصورة»، ولكنها انقطعت عن الفن منذ ما يقارب عشرة أعوام، لأسباب لها علاقة «بظروف الفن والبلد» كما قالت في حديثها إلى «الراي».

بأصواتهم، جدّد غالبية الفنانين أغنياتها، ولكن أحداً منهم لم يستأذنها، باستثناء الفنانة ديانا حداد التي تربطها بها علاقة صداقة. وعلى الرغم من ذلك، هي تمنّت التوفيق للجميع، وأكدت أنها لا تكترث بهذا الأمر، لأن تاريخها معروف وجذورها في الأرض معروفة، ومحبة الناس لها معروفة، لكنها علّقت بقولها: «يبدو أنه يوجد عندنا فلتان فني وليس فلتاناً أمنياً فقط»!

في الغناء تجد سميرة توفيق «أن أحداً لا يمكن أن يخلف أو يقلّد أو يأخذ مكان أحد، لأن لكل فنان بصمته وتاريخه، كما أن لكل فنان مكانه ومكانته».

سميرة توفيق التي وعدت بعودة إلى الساحة، وأعمال قريبة، كسرت عبر «الراي» فترة الاحتجاب، واخترقت صمتها الطويل في هذا الحوار الذي تحدّثت فيه عن غيابها وعودتها وعدد آخر من المواضيع الفنية، وآرائها في قضايا الفن، والتفاصيل تأتي في هذه السطور:

• نسعى الى إجراء مقابلة معك منذ أكثر من خمسة أعوام. ما أسباب مقاطعتك للإعلام؟

- بصراحة «أنا مقاطعة حالي»، وصدّقيني أنني لا أقاطعكم.

• ولماذا لا تطلين في الإعلام؟

- بدءاً من هذا الأسبوع سأعاود إطلالاتي الإعلامية.

• إذا لماذا ابتعدتِ ولماذا قررتِ العودة مجدداً؟

- ابتعدتُ بسبب الظروف. أولاً بسبب ظروف الفن، وثانياً بسبب ظروف البلد. ما يحصل ليس بالقليل، ولذلك فضلتُ أن أبتعد كما أنا، وأن يظل الناس يذكرونني بالخير وباحترام ومحبة، على أن أجاري الوضع القائم. بالإضافة إلى سبب عائلي.

• ولكن لأن الظروف على الصورة التي أشرتِ إليها، فنحن في حاجة إليك وإلى فيروز أكثر من أي وقت؟

- أعرف أنك تحبينني، وأنا سأعود خلال الفترة القريبة المقبلة.

• ما رأيك في الفنانين الذين يجددون أغنياتك، والذين يرددون دائماً أنهم يريدون تكريمك من خلالها. هل هم يستأذنونك قبل تقديمها؟

- على الإطلاق. لم يستأذنّي أحد إلا الفنانة ديانا حداد. هي لم تقدّم أي أغنية لي قبل أن تستأذنني. وتربطني بها علاقة صداقة ومحبة منذ فترة بعيدة. أما الباقون، فلم يقم أحد ممن أدوا أغنياتي أو سجّلوها أو نسبوها إليهم، بطلب الإذن مني. وبعد أن يغنوا الأغنية، هم يذكرون أنها لي. وهذا الأمر لا يهمني، لأن تاريخي معروف وجذوري في الأرض معروفة ومحبة الناس لي معروفة، ولكن يبدو أنه يوجد عندنا فلتان فني وليس فلتاناً أمنياً فقط.

• مَن يجددون أغنياتك، وبينهم باسكال مشعلاني قالت إن كل الفنانين يؤدون أغنياتك في حفلاتهم. هل تشعرين بأنك ساهمت في شهرة بعض الفنانين الذين غنوا أعمالك؟

- لا يمكنني أن أقول هذا. ما يمكنني قوله أن رصيدي يضم أغنيات جميلة يستعملونها ويغنونها «وصحتين على قلبن، والله يوفقن وينجّح الكل».

صدّقيني «ما بعيني» أغنية أو أي شيء آخر، وأنا أتمنى التوفيق للجميع وأن ينتقلوا من نجاح إلى آخر، ولكن يفترض أن يتصلوا بي وأن يستأذنوني قبل تجديد أيّ من أغنياتي، وأنا سأسمح لهم بتجديد خمس أغنيات وليس أغنية واحدة فقط، ولكن هذا الأمر لم يحصل على الإطلاق، ولا أستثني أحداً من الفنانين.

• هل ترين في مثل هذا التصرف استغلالاً لاسمك وفنّك؟

- كلا. أنا لا أجد في ذلك استغلالاً لي ولاسمي، لأن الفنانين الذين يقدمون أعمالي معروفون ولهم قيمتهم على الساحة، وأنا أدعو للجميع بالتوفيق.

• هل أنت راضية عن تجديد أغنياتك بأصواتهن؟

- «بيني وبينك» أنا لا أسمع الجميع ولا يسعني القول سوى «الله يوفقن». أتمنى لهم التوفيق من سميرة توفيق.

• صباح غادرتنا قبل أشهر قليلة، وأنتما كنتما زميلتيْ الزمن الفني الجميل. كيف تابعتِ خبر وفاتها؟

- الله يرحمها. وإن شاء الله تكون نفسها في السماء، وسلامة «الموجـــودين عندها»، لا يسعنا القول أكثر من ذلك. هي لا تحتاج إلى مَن يتحدث عنها، بل تاريخها هو الذي يتحدث عنها، ولن ينساها أبداً. هي فنانة خالدة ومهمة وألف رحمة «تنزل عليها».

• هل يمكن القول إنه لم يعد يوجد من زمن الكبيرات سوى السيدتين فيروز وسميرة توفيق؟

- «يا أختي ليش بدكن تروحونا؟».

• أطال الله في عمريكما، ولكنني أقصد أنه لم تعد توجد في هذا الزمن فنانات كبيرات سواكما؟

- لا أعرف. الأعمار بيد الله. المهمّ الصحة وأن يظل الفنان محبوباً عند الناس، وأن يفكروا فيه بالخير، وأن يظل اسمه عالياً، وأن يترك أثراً حلوا وطيباً، وأن يزرع شيئاً مثمراً في هذه الحياة.

• هل تتوقعين أن يترك أحد من الفنانين الموجودين حالياً على الساحة بصمة كالتي تركتموها؟

- «الله أعلم»! الدنيا لا تقف عند أشخاص. الحياة مستمرة وكل إنسان يحقق ما كتبه له الله.

• من تشعرين بأنه يمكن أن يترك بصمة بين الفنانات الموجودات حالياً؟

- الكل «كويسات». كل فنانة لها بصمة خاصة بها ولون خاص بها ولها جمهورها وشعبيتها وناسها. الوسط الفني يشبه حديقة مملوءة بالورد، وكل وردة لها رائحتها ونكهتها، كما لها محبّوها. لذلك لا يمكن أن أذكر اسماً معيناً، وأنا أتمنى النجاح للجميع وأن يكون الله إلى جانبهن.

• أحياناً يقال إن هذه الفنانة هي خليفة سميرة توفيق، وتلك الفنانة هي خليفة صباح. هل توافقين على فكرة أن فنانة تَخلف أخرى؟

- لا أحد يَخلف أحداً. كل إنسان له تاريخه وبصْمته، لا أحد يمكن أن يقلد أحداً أو أن يأخذ مكانه. كل فنان له مكانته و«مطرحه».

• هل تعدين الناس في الفترة المقبلة بأعمال جديدة؟

- طبعاً.

الراي الكويتية