سم الحسد القاتل*. . اااااااااااااااااااااااااااا اقترب موعد الزفاف المرتقب لابنتي، فانهمكنا في ترتيبات العرس والعروسة، وتسارعت أيام مراسم الزفاف. شرعت العائلة في التهيئة، وانهالت الحجوزات يتبعها زخم الاستعدادات، حتى اكتملت دائرة الأفراح.
لكن العجب كل العجب أن ترى سم الحسد ينساب في ثنايا الكلمات والأفعال، متوشحًا بوشاح النصيحة الزائفة، كالغشاء الرقيق يخفي الشوك في قلب الوردة.
وقبل الانتهاء من آخر يوم الزفاف، برزت تصرفات كاشفة كالبرق في ليل دامس؛ لم تكن سوى ثمار حسد مبيت، نبتت في ظلام الصدور، وباتت سهامًا موجهة لجرح الفرحة قبل أن تنتهي.
فتذكرت أنه لا يخلو جسد من حسد، فالعاقل يخفيه واللئيم يُظهره، فبدأت أتعامل مع هذا الصنف بكياسة وحكمة؛ لأنه لا جدوى من المواجهة وقت العرس. فكنت أقدّر أنهم مهتمون وحريصون، لكني أوجه الأمور للاتجاه الصحيح، حتى أعاننا الله، وغطينا الآلام بالصبر والتغابي.
وقد تسألني: كيف عرفت أنه حاسد؟ ربما يكون ناصحًا لكنك تسيء الظن فيه.
*أخي الغالي:*
للحاسد علامات وسلوكيات تدل عليه، ولعل أهمها:
عدم القدرة على التبارك، فنادرًا ما يقول "ما شاء الله" عند مدح الآخرين، بل ينتقد نجاحهم أو يقلل منه ، كما في العرس عند تجهيز شيء جميل؛ يحاول تغيير أشياء مما يؤخر إنجازها، وتكون التكاليف باهظة،. وتجده جاف في تعاملاته، أناني، ويتبع مبدأ "أنا ومن بعدي الطوفان". و ينفرد بقرارات دون مشورة، مما ينقص من هيبة صاحب العرس لدى أنسابه. و يُبرر دائمًا تصرفاته العدوانية بإظهار نفسه كـ"ضحية"، قائلاً: "لم أقصد إيذاء أحد". و يفرح بمعاناة الآخرين، ويشعر بالبهجة عند إصابة المحسود بمكروه؛ كفرحه عند نقص الوجبات في القاعة.
*يا صاحبي:*
يقول الحق سبحانه: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾. ففي الآية إيماءة إلى أن أخبث ما يستوطن القلوب هو داء الحسد؛ ذلك الضر الذي تتعدى سمومه الغير. ولعل منابعه:
- أن يكون الحاسد حاملاً لِوَريثاتٍ جينية خبيثة،
- أو ضعيف إيمان غير مُسلّم بقضاء الله، فيُبدي سخطًا على قسمة الله للأرزاق،
- أو أنه يشعر بعقدة نقص فيغطيها بطمس مزايا غيره،
- أو ضعيف التقدير لذاته،
- أو يملك عقلية مقارناتٍ عقيمة تعطيه إحساسًا بالدونية...
*وكما قال الشاعر:*
أَيا حاسِدًا لي على نِعمَتي .. أَتَدرِي عَلى مَن أَسَأتَ الأَدَبْ؟
أَسَأتَ عَلى اللَهِ في حُكمِهِ .. فَلَم تَرضَ لي ما مَنَحَ وَوَهَبْ
فَأَخزاكَ رَبّي بِأَن زادَني .. وَسَدَّ عَلَيكَ وُجوهَ الطَّلَبْ