- قرر ان يحرم حقهم في البرع من الرقص

- قرر ان يحرم حقهم في البرع من الرقص
السبت, 23-فبراير-2013
ياسين التميمي -

بالأمس أطلق رئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، تصريحاً فريداً من نوعه، مفاده أن المشاركين في مهرجان 21 فبراير2013 في ساحة العروض بعدن، ليسوا جنوبيين بدليل (البَرعة)، وهو بهذا التصريح يحرم أولئك الذين قرروا أن يستعيدوا حقهم في (البَرع) أي الرقص الفلكلوري، من أبناء المحافظات الجنوبية، وكسر احتكار الشماليين لهذا النوع من الاستعراضات التقليدية.

قبل ذلك كان السيد حيدر أبو بكر العطاس قد طالب بإرسال فريق من مجلس الأمن للتحقيق في كل ما يحدث بالجنوب، وهو بهذا المقترح يضمر يقيناً راسخاً بأن المحافظات الجنوبية تقع تحت احتلال الشماليين، بزعامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومحمد سالم باسندوة.. لقد كان سياسياً حاذقاً بهذا المقترح، وكان أقرب إلى المهرج بإصراره على إضافة (البرعة) كحجة جديدة لإثبات الهوية الشمالية للمشاركين في مهرجان 21 فبراير.

ووفقاً لما صدر عن السيد العطاس فإن المجتمع الدولي عليه أن يكتسب مهارات جديدة، إذا قرر أن يحدث تحولاً في موقفه من القضية الجنوبية، فعليه أن يُجري دراسةً لكل أنواع (البَرَع) الذي يجيده اليمنيون في الشمال والجنوب، ولفصائل البعير التي يمتطونها إلى ساحات المهرجانات، والتحقق من نوعية الملابس التي يرتديها أبناء اليمن من كل المحافظات، وإجراء استعراض لكل الأفلام التي سُجلت منذ بداية الأزمة، كل ذلك للخروج باستنتاج ونتائج يقينية تتصل بحجم الرفض أو التأييد للوحدة اليمنية، في المحافظات الجنوبية.

كان السيد العطاس صاحب موقف متشدد من النتائج المترتبة على حرب صيف 94 الظالمة، وكانت مطالباته بإعادة إصلاح مسار الوحدة على قاعدة الفيدرالية تمثل ذروة المطالب الجنوبية إجمالاً، وهذه الصيغة في ظل حكم الرئيس المخلوع كانت مرفوضة بالتأكيد، ليس لأن صالح كان وحدوياً، بل لأنه كان قد خطط ونفذ الحرب الظالمة ضد الجنوب لكي ينفرد بالسلطة ويورثها ويؤبدها في عائلته الصغيرة جداً.

وحده السيد علي سالم البيض نائب الرئيس اليمني الأسبق، هو الذي رفع سقف التوقعات الجنوبية، وطرح صراحة قضية استعادة الدولة، إثر خروجه من صمت مطبق وعزلة سياسية استمرت لنحو17 عاماً، وهو الذي مضى في هذا الطريق، ولم يلتفت إلى التفاصيل التي دقق فيها السيد حيدر أبو بكر العطاس، الذي كان قد أظهر إبان اندلاع الثورة الشعبية السلمية قبل عامين، مواقف إيجابية مشجعة، وتماهى أو كاد أن يتماهى مع هذه الثورة، وكاد أن يجترح، مع الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، صيغة لصهر أهداف الحراك مع أهداف تلك الثورة، وتحمس الثوار وعلى رأسهم الثائرة اليمنية البارزة توكل كرمان، واقترحوه إلى جانب الرئيس ناصر ليكون أحد أبرز أعضاء المجلس الانتقالي، إن لم يكن على رأس هذا المجلس، الذي لم ير النور.

لا أحد ينكر المهارة السياسية لحيدر أبو بكر العطاس، لكن السياسة ليست مهارة محتكرة أو مهنة عائلية متوارثة، إنها فن يجيده كثيرون، ولهذا السبب، انكشفت حجة حيدر العطاس الذي لطالما أضفى على مسيرة 30 نوفمبر 2012 صفة المرجعية السياسية للقضية الجنوبية.

والحقيقة أن تلك المسيرة، لم تكن تفتقد الجنوبيين المتحمسين لاستقلال دولتهم، كانوا موجودين فيها، لكن مسيرة كهذه ما كانت لتحظى بكل ذلك الزخم لو لم تُجند لها إمكانيات النظام السابق، وتتوفر لها مساحة كبيرة وغير مسبوقة من الحرية من قبل الأجهزة الأمنية التي يشرف عليها الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، الذي يكافأ اليوم بهذه الهجمة الشرسة ضده من أبناء جلدته الجنوبيين وبهذا الإصرار على إفشال رئاسته.. فقد تدفق الجنوبيون من كل مكان بدون عوائق.. وكانوا في السابق لا يستطيعون فعل ذلك، كانت أجهزة صالح الأمنية القمعية تتخطفهم حيث ثقفتهم.. وهاهم اليوم بما يفعلون، يعاقبون هادي ويكافئون صالح.

إن مصدر قلق العطاس من مهرجان 21 فبراير، في اعتقادي يأتي من كونه يدرك جيداً أن ذلك المهرجان قد أسس لمرجعية سياسية موازية، مرجعيةً يستند إليها الراغبون في بقاء الوحدة اليمنية، وهذا هو السبب وراء حرص السيد العطاس على (دحبشة المهرجان).

إن قضية بحجم وأهمية تقرير مصير شعب الجنوب، لا يجب أن يتم التعاطي معها بهذا القدر من التسطيح، إنها الإرادة الشعبية، التي لا تقبل الفرز بحسب (البرعة) أو الملابس أو نوع الجمال (البعير)، هناك من يطالب بالانفصال وهناك من يدعم بقاء اليمن موحداً، كلا الفئتين يجب أن تعبرا عن رأيهما بكل حرية، والصندوق هو الحكم.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 01:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-792.htm