- الثورة بوصفهاسيارة قديمة

- الثورة بوصفهاسيارة قديمة
الأربعاء, 20-فبراير-2013
بقلم على سالم -




على رغم مرور مايزيد عن 62عاما على انقلاب فبراير 1948 وماشهده اليمن شمالا وجنوبا منذ ذلك الحين من تحولات توصف ولو نظريا ، بالكبرى، آخرها ماحدث في 2011م، والذي مازال الجدل يحتدم حول توصيفه بين ثورة وانتفاضة وانقلاب . .

برغم كل هذا الارث إلا أن العقل اليمني مازال يتعاطى مع هذه الاحداث بنفس الطريقة التي تعامل فيها في الماضي مع سيارة "اللاندروفر" القديمة ،بما مثلته حينها من بهجة ذاتية ناتجة عن قدرتها على عبور الطرق الوعرة والسير بين كثبان الرمال الثابتة والمتحركة.
في النظرة الى الثورة، كما الى سيارة "اللاندروفر" القديمة، ظل العقل اليمني ومازال،يفتقر الى الموضوعية والقياس. مأخوذا في الغالب بالشكل. لقد حلت "اللاندروفر" محل الجمل والحمار،لكن ظهورها لم يؤد الى إحداث تغييرعلى الأرض.


وحتى اللحظة مازالت هناك مناطق تستخدم الحمير للتنقل لافتقارها للطرق المؤهلة لسير المركبات بمافيها اللاندروفرالقديمة طبعا. و خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي لاتغطي 50في المائة من السكان ناهيك عن الصحة والتعليم .و ماانفك ثالوث الجهل والفقر والمرض على حاله بل واكثر.
مناسبة هذا الحديث هو مايجري حاليا من ضخ شعاراتي فارط يذكرنا بتلك الشعارات التي بقينا نتجرعها منذ ستينيات القرن العشرين. حتى نمنا على سرير لعن الإمامة والاستعمار لنستيقظ بعد نصف قرن ،على ضوء يقظة التوانسة والمصريين،لنكتشف بأننا لم نحقق شيئا ،لاجمهورية ولاوحدة ولاديمقراطية. وأن "اللاندروفر" التي حلت محل الحمار لم تعبد طريق الحياة المعاصرة ناهيك عن طريق العدالة والمواطنة بل اقتصر دورها في أحسن الأحوال على حمل النخب.
ليس مهما توصيف ماحدث في 2011 بالثورة أو الأنتفاضة أو الانقلاب المهم هو قياس مايتحقق على الأرض.

ولعل في قضية جرحى الثورة مايشي بتكرار الشعاراتية المعطلة للعقل.

فعلى رغم علم الجميع بأن هؤلاء الجرحى وكثير من رفاقهم الشهداء ،كانوا ضحية بعض القيادات التي ظلت تدعوهم الى الزحف وتقودهم الى التهلكة مع علمها أن مسار الانتفاضة يتجه نحو حل سياسي.لكن وبدلا من أن تبادر هذه القيادات الى الاعتذار والاعتراف بالخطأ وجدناها تعاود استغلال الجرحى ،برضاهم طبعا ، لتلميع صورتها.
المشكلة لاتكمن في هذه القيادات فهذا سلوك لصيق بالسياسيين ، المشكلة والكارثة في عدم وعي الجرحى .وهم هنا نموذج لغيبوبة عامة تضرب وعي اليمنيين في الصميم.وكأن العقل اليمني لم يغادر بعد خدر دهشته باللاندروفر. ليس مهما ،بالنسبة للعقل الشعاراتي، أن يعرف أن لافرق كبيرا في السرعة والزمن بين "اللاندروفر" والحمار والجمل طالما بقيت الطريق غير معبدة .

المهم بالنسبة له ظهور مطية جديدة تسير بأربع عجلات وتصدر ضجيجا وصخبا وتثيرعواطف شتى.ومثل هذا فعلته الايديولوجيات اليسارية والقومية والاسلامية فهي تبدت على شاكلة " اللاندروفر" بصخب شكلها وحركتها المثيران للدهشة مايديم غيبوبة العقل ويحول دون ادراك حقيقة ماوراء الصخب المحدث.
ونعثر في انقلاب شباط فبراير 1948 نموذجا لهذا النوع من التزويق فما فعله حينها قائد الجيش عبد الله الوزير هو تحويل صيغة الإمامة الى إمامة دستورية مدشنا بذلك أول مركبة "لاندروفر" في تاريخ اليمن السياسي الحديث.وعلى شاكلته جاءت لاندروفرات الجمهورية والاشتراكية والوحدة والديمقراطية.و في استمرارالبعض وصف ماحدث في 1948 بالثورة مايؤكد بأن اليمنيين لم يغادروا بعد مركبة "القطران" .
والحق أن الكارثة لاتكمن في النخب السياسية فقط بل تكمن ايضا، و تتضاعف، مع انحراف الإعلام عن أداء وظيفته .وانزلاقه وتمرغه في شعبويات سياسية ودينية ومذهبية ومناطقية في شكل يجعله اداة تكريس للأوهام والضلالات.أو"كلب حراسة"،وفق التعبير الغربي

 



 

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 12:24 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-766.htm