- بعض الجهات – حكومية كانت أو خاصة – لا يختلف حالها عن حال تلك الجهة، حيث تتحول المؤسسة إلى محمية، يساق فيها الموظف قسرا إلى العمل، وتنهال عليه التعليمات وأسواط الواجبات والمسؤوليات

- بعض الجهات – حكومية كانت أو خاصة – لا يختلف حالها عن حال تلك الجهة، حيث تتحول المؤسسة إلى محمية، يساق فيها الموظف قسرا إلى العمل، وتنهال عليه التعليمات وأسواط الواجبات والمسؤوليات
الثلاثاء, 22-يناير-2013
الاقتصادية /بندر بن عبد العزيز الضبعان -
في إحدى الجهات البيروقراطية، يتداول الموظفون ''نسخة'' بعيدا عن أعين مديريهم الذين يحظرون نشر وتداول ''الأصل''، هذه النسخة، هي مجرد نسخة باهتة من ''لائحة شؤون الموظفين''! كانت تلك الجهة الحكومية تمارس ''التعتيم'' في سياستها الداخلية مع موظفيها، وكان يحظر عليهم الاطلاع على أي ''نصوص'' قانونية أو إدارية تبين حقوقهم، فالاطلاع على ''لائحة شؤون الموظفين'' ممنوع، وتصفح ''لائحة التدريب'' ممنوع، والنظر في ''سلم الرواتب'' ممنوع، والتمعن في تقارير ''تقييم الأداء السنوي'' ممنوع، والشيء الوحيد المسموح به هو أن ينفذ الموظفون التعليمات ويؤدوا واجباتهم دون جدال أو نقاش! بعض الجهات – حكومية كانت أو خاصة – لا يختلف حالها عن حال تلك الجهة، حيث تتحول المؤسسة إلى محمية، يساق فيها الموظف قسرا إلى العمل، وتنهال عليه التعليمات وأسواط الواجبات والمسؤوليات، دون مراعاة لأبسط حقوقه كتوفير بيئة العمل الملائمة، وصرف الراتب دون تأخير أو نقصان، ومنح الإجازات، وتوفير العناية الطبية، فيشعر الموظف وكأنه مجرد ''قطعة'' في ماكينة كبيرة، يمكن رميها واستبدالها في أي لحظة! ومع الأسف، بعض المديرين من أصحاب الإدارة القديمة يعمدون إلى التعتيم على كل النصوص النظامية التي تكشف عن أي حقوق للموظف، بل يصنفون الموظف الذي يطالب بحقوقه البسيطة بأنه ''مثير للمشكلات''، رغم أنه لم يطالب بما هو أكثر من حقوقه الأساسية! لكن الوضع مختلف تماما في الجهات التي تدار بطريقة حديثة، وتنتهج الوضوح والشفافية في أعمالها، حيث يتم إلحاق الموظف ببرنامج تعريفي، تشرح له حقوقه قبل واجباته، وتوضح له سياسات الجهة وإجراءات العمل فيها، ثم توزع عليه نسخة من ''دليل الموظف'' الذي يلخص ما له وما عليه، ويسرد أبرز السياسات والإجراءات، ثم يلحق الموظف بعد ذلك ببرنامج تدريبي أو يتدرب على رأس العمل بمعونة زملاء أكثر منه خبرة. إن حقوق الموظف تنشأ من مصدرين، الأول هو ''القانون'' (نظام الخدمة المدنية أو نظام العمل)، وعادة فإن قوانين العمل، ولا سيما السائدة في القطاع الخاص، تمنح الموظف الحقوق الأساسية، وتترك لصاحب العمل حرية الزيادة على تلك الحقوق. أما المصدر الثاني، فهو ''الوثيقة'' التي تؤطر علاقة العمل بين صاحب العمل والموظف (قرار التعيين للموظف الحكومي أو عقد العمل للموظف الخاص)، إذ إن العلاقة بين صاحب العمل والموظف تقوم على مسؤوليات وحقوق متبادلة، فمسؤولية صاحب العمل تصبح حقا للموظف، ومسؤولية الموظف تصبح حقا لصاحب العمل. ونجد أن على كل صاحب عمل أن يوفر نوعين من الحقوق: مادية ومعنوية. فالحقوق المادية تتعلق بتوفير التعويضات والمنافع للموظف وبيئة العمل الملائمة، أما الحقوق المعنوية، فتختص بالمعاملة الحسنة للموظف التي تصون كرامته وتحفظ إنسانيته من الممارسات المهينة والعنصرية كافة. وقد سعت ''منظمة العمل الدولية'' (ILO) إلى صون كرامة الموظف وحقوقه عبر اتفاقيات أبرمتها الدول الأعضاء في المنظمة، من بينها ''إعلان المنظمة حول المبادئ والحقوق الأساسية في العمل'' الذي اعتمد عام 1998، وينص على ضرورة توفير أربعة حقوق (ضمانات) للعمال والموظفين: - حرية الانتماء المهني والاعتراف بالحق بالمفاوضات الجماعية. - القضاء على كل أشكال العمل القسري (السخرة). - القضاء على عمل القاصرين. - القضاء على الممارسات العنصرية في التوظيف والعمل. من وجهة نظري، أرى أن المؤسسات الناجحة هي التي تترجم الوفاء بحاجات الموظف إلى ''حقوق'' تكفلها في سياساتها الخاصة بالموارد البشرية، وذلك من خلال تطبيق ''هرم ماسلو'' بدرجاته الخمس: - المتطلبات الأساسية: صرف الراتب، منح الإجازات، توفير المكاتب والمرافق المجهزة بالخدمات اللازمة (التهوية، والإنارة، والماء). - متطلبات الأمان والسلامة: توفير بيئة عمل آمنة وصحية وخالية من المخاطر تتماشى مع معايير السلامة، ووضع سياسات لمنع التدخين، وبرامج لفحص الموظفين من المخدرات، مع تقديم الرعاية الطبية إما بشكل مباشر أو من خلال التأمين الطبي. - متطلبات الانتماء: تنظيم أنشطة وفعاليات اجتماعية ورياضية تعزز العلاقات بين الموظفين وتكسر الحواجز فيما بينهم. - متطلبات التقدير: إنشاء برامج للتقدير والعرفان يتم من خلالها مكافأة الموظفين المتميزين وتشجيعهم على جهودهم الاستثنائية. - متطلبات تحقيق الذات: إنشاء برامج للتطوير الوظيفي والقيادي والتعاقب الإداري. ولأن بعض الموظفين لا يهتمون بمعرفة حقوقهم، لأنهم بالكاد حصلوا على وظيفة كانوا ينتظرونها طويلا، ولأن بعض الجهات لا تمارس الشفافية والمكاشفة مع موظفيها فيما يخص إيضاح ونشر حقوقهم، فإنني أقترح على وزارتي الخدمة المدنية والعمل، إضافة إلى هيئة وجمعية حقوق الإنسان إلى تبني حملة لتحفيز أصحاب العمل على نشر ومنح حقوق الموظفين المعنوية منها والمادية، ولنا أن نتخذ من التوجيه النبوي الشريف (أَعْط الأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ) منطلقا لنا في كل تعاملاتنا مع الموظفين.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 05:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-491.htm