- 
في أحد المحال بالرياض، سمعت رجلاً يتحدث مع العامل في المحل ويقول له: «يا صدام هذه البضاعة...»!

- في أحد المحال بالرياض، سمعت رجلاً يتحدث مع العامل في المحل ويقول له: «يا صدام هذه البضاعة...»!
الخميس, 16-يناير-2014
بدرية البشر /الحياه -

في أحد المحال بالرياض، سمعت رجلاً يتحدث مع العامل في المحل ويقول له: «يا صدام هذه البضاعة...»! التقطت أذني اسم صدام، كان اسماً ثقيلاً على مسمعي. فهو من جهة لا يشبه الأسماء المتداولة والمألوفة لدينا، مثل محمد وسلطان وعايض ومناحي وعبدالعزيز، ومن جهة أخرى، هو اسم ذو مدلول يشير إلى طاغية مر في التاريخ العربي وخلّف وراءه الكثير من المقابر الجماعية والحروب العبثية، واضطهد الناس واستبد بهم عقوداً من الزمن.

لكن صدام هذا الواقف قربي ليست له علاقة بكل هذا، فقط اسمه الذي يحرك كل هذه التداعيات، فهل يجوز لي أن أقول له إن اسمه لا يعجبني، وإني أُفضّل لو يغيره؟

في الحقيقة ان الجهة المختصة بتسجيل الأسماء لدينا قررت أن تقوم بهذا الدور وتشكّل لجنة مناصحة لأصحاب الأسماء، كي تقول لهم إن الأسماء التي اختاروها لأبنائهم ويريدون تسجيلها لا تعجبهم، وإن عليهم التفكير في تغييرها، لكن لو كانت لديك واسطة فإنك يمكن أن تسمي ما تشاء وأنت جالس في بيتك. لكن بعض الناس يحق لنا أن نقول لهم إن أسماءهم لا تدخل في قائمة المسموح بها، ولك أن تتخيل كيف يمكن اسماً مثل إيمان أن يكون من الأسماء الممنوعة أو غير الموصى بتسميته، لأن صاحبته يمكن أن تدخل به دورة المياه، ولو كان هذا الأمر منطقياً فيمكننا أن نقول إننا يجب أن نمنع التسمي بأسماء الأنبياء، لأن حامليها أيضاً يدخلون دورات المياه، وبعض حامليها يتعاطون المخدرات ويقتلون ويسرقون، وهذا مسيء للاسم!

إذاً، المنطق في هذه المسألة لا حدود له لو ترك لاجتهاد الناس وموظفي مؤسسات الدولة، التي قد تمنح نفسها دوراً في تقرير ما هو مناسب للناس. هذا ينطبق أيضاً على قرار وزارة الداخلية التي أعلنت منع إقامة معارض الصور الفوتوغرافية واللوحات التشكيلية، إلا بعد الحصول على إذن من الجهات الثقافية وبالتنسيق مع الجهات الأمنية كي تقام، وعلى رغم أن هذا عمل يكلف الجهات الثقافية الكثير من الجهد ويحتاج إلى عدد كبير من الموظفين الذين يقعون في بيروقراطية قد تقضي على حركة الإبداع، وتجعل الفنانين يقعون في دائرة اليأس من وصولهم إلى المعارض المحلية ويكتفون عنها بالمعارض الخارجية - كما هو حاصل لدينا على رغم منطقية اللاقرار - إلا أن أحد المسؤولين في الوزارة دافع عن القرار، وبرره بقوله: «إن بعض الجمال والإبداع في اللوحات يرمز إلى شيء غير لائق»، على رغم علمي بأن الجهات الأمنية حين اتخذت هذا القرار لم يكن همها تتبع الجمال اللائق من غيره، لكنها فتحت باباً سيتفلسف فيه المتفلسفون ويقررون ما هو الجمال اللائق وغير اللائق. ولعلي أضرب مثلاً لذلك الجمال غير اللائق عند إحدى اللجان. حين حضرت معرضاً تشكيلياً، وجدت أن اللجنة حظرت كل لوحة تحمل رسم إنسان، لأن رسم البشر حرام، وهكذا امتلأ المعرض باللوحات اللائقة التي لا ترسم سوى جدران وسلال خوص.

منذ فترة قريبة فقط، رفعت «إمارة الرياض» الحظر من كل شخص يريد أن يحضر فرقة فنون شعبية تستخدم الدفوف في عرس شخصي وتنشد أغاني تراثية في حفله المقام في صالة أفراح بالفندق، لكنها لا تزال تمنع إقامة الحفلات في الفنادق لغير أغراض الزواج، وهذا القرار لم يمنع الاحتفالات، بل زاد قاعات الأعراس التجارية التي أقيمت لهذا الغرض، وكذلك لقيت تجارة الاستراحات الأكثر رخصاً رواجاً كبيراً.

فأين تقف الدولة من حريات الناس في ممارسة أفراحهم وفنونهم وتشكيلهم وترفيههم واختيار أسمائهم وأزيائهم أيضاً؟ وهل تؤدي زيادة تدخلها إلى غياب المسؤولية الفردية والتنوع الإنساني والتفرد بين الناس، وفقاً لفروقاتهم وتنوعاتهم وأعرافهم؟

هل يحق لها أن تقول لهم: «اسمك ما يعجبني وإبداعك غير لائق»؟

bdryah@gmail.com


تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 01:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-4281.htm