- لنفوس السوية تكره الظلم وتأبى الضيم, وهي في ذات الوقت لا تندفع نحو الانتقام من كل جميل حولها بتدمير ما بُني والتنكر لما أُنجز

- لنفوس السوية تكره الظلم وتأبى الضيم, وهي في ذات الوقت لا تندفع نحو الانتقام من كل جميل حولها بتدمير ما بُني والتنكر لما أُنجز
الجمعة, 11-يناير-2013
زيد الشامي -


النفوس السوية تكره الظلم وتأبى الضيم, وهي في ذات الوقت لا تندفع نحو الانتقام من كل جميل حولها بتدمير ما بُني والتنكر لما أُنجز, والقضايا والمشكلات الكبيرة تعالج بالحكمة والعقل وليس بالطيش والخفة وعدم المسؤولية, والحقوق لن تضيع طالما ظل وراءها من يطلبها!!


والدول لا ترتقي وتزدهر من امتلاكها أحد عناصر القوة كالثروة أو سعة الأرض أو عدد السكان ... كما أنها تستطيع أن تتغلب على عوامل ضعفها, حين تحشد الطاقات والإمكانات وتتمكن من توجيهها الوجهة السليمة ..


 فالثروات وحدها لا تصنع الغنى, أليست الدول الإفريقية من أكثر دول العالم غنىً في ثرواتها ولاسيما تلك الموجودة في باطن الأرض, ولكن الكثير منها يعاني الفقر والمجاعات والتخلف, وبالمثل فإن سعة الأرض لا تكفي وحدها لتجعل الدول قوية وعظيمة وسنجد لذلك أمثلة كثيرة في أفريقيا وشرق آسيا.


كما أن كثرة السكان لا يعتبر دائماً كارثة, بل يمكن أن يصبح سبباً للتقدم والنمو الاقتصادي, والصين خير مثال على ذلك, وضيق المساحة لم يمنع دولة صغيرة مثل سنقافورة أن تحقق رفاهية  ورقياً تقنياً (تكنولوجياً) سبقت به دول العالم, كما أن جارتها الماليزية استطاعت أن تنهض خلال  ثلاثة عقود مع وجود إثنيات وقوميات مختلفة ومتباعدة, وقد كانت قبل ذلك تسمى بلد (الملاريا)! من يصدق أن الصومال بلد الخير الزراعي الوفير والثروة الحيوانية الهائلة يصبح مثالاً للضعف والفوضى والهوان  بسبب التشرذم والأنانية, وأضحى الصومالى لاجئاً في مختلف دول العالم, بعد أن كان قبلة للباحثين عن العمل من الأقطار المجاورة!


 تلك حقائق لابد أن نتذكرها - نحن اليمنيين – ونحن نستعد للدخول في مرحلة الحوار الوطني الذي نعلق عليه الكثير من الآمال في رسم ملامح المستقبل الذي سيجعلنا نعيش جميعاً بسلام وأمان واستقرار, وفي ظل عدالة ومساواة ينعم بها الجميع.


أليس غريباً أن نسمع أصواتاً تنادي بالفرقة والتشرذم, وتجزئة الوطن والتنكر للماضي القريب والبعيد, وتحت مبررات الهروب من الظلم والتخلف وكأنها تتحدث عن الخير والسعادة والتقدم والازدهار والمدينة الفاضلة!!


لقد جرّب اليمنيون التفرق وكانت هناك دولتان إحداهما في الشمال وأخرى في الجنوب, هرب جنوبيون إلى الشمال, ونزح شماليون إلى الجنوب, وعاش الشطران في ترقب وحروب, وظل الجميع يعاني من التخلف والفقر والضعف على تفاوت في الحجم والنوعية, ولم يحقق الشطران الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي ولا الاعتماد على النفس, وأما الثروات فإنها تظهر هنا وتنضب هناك, ويظل الاستثمار في بناء الإنسان هو الذي يصنع المجد والعزة ويأتي بالرخاء والنّماء, وإذا كان إخواننا في الجنوب يشعرون بالإقصاء والإبعاد, فإن الكثير من المناطق والجهات قد نالها ما نالهم, وهم يعلمون بأن إخوانهم يشاركونهم آلامهم ويطالبون مثلهم بإنهاء تلك الممارسات, كما إنهم يرحبون بأن يكون رئيس الجمهورية من المحافظات الجنوبية ولأكثر من دورة انتخابية وبكل طيب خاطر ...


 التشرذم والتفرق لن يصنع استقراراً بل سيدفع كل صاحب هوىً أن يركب رأسه ويطالب بحق تقرير المصير ولن يستطيع أن يمنعه أحد طالما وقد صار الانفصال تحرراً واستقلالاً, ولن يكون اليمن يمنين ولا ثلاثة بل سبعة أو أكثر!!


 أليس من المعيب أن نرى دول العالم تتقارب وتتعاون وتتكامل وترتفع فوق حروبها وجروحها وآلامها القريبة والبعيدة لتوجد لها مكاناً محترماً بين العالَمين, ثم نسمع من بيننا من يمجّد تقطيع أوصال الوطن والدعوة للسير نحو  مصير مجهول لا يضمن دعاتُه حتى أن يكون لهم وجود فيه, فلكل زمان دولة ورجال!!


إن الأخطاء التي صاحبت الوحدة يجب أن تُصحح, والأموال المنهوبة يجب أن تُعاد, والإقصاء والتهميش يجب أن ينتهي, ولابد أن يتفق اليمنيون – من خلال الحوار - على وضع قواعد تنهي السلبيات الماضية وتؤسس لعهد جديد يقوم على العدل والإنصاف ويمنع تغوّل الحاكم فرداً كان أو عائلة أو حزباً, وينهض بالشعب كل الشعب ويضمن الشراكة في السلطة والثروة لكل أبناء الوطن دون محاباة ...


إن الأمانة والمسؤولية الوطنية تُوجب على كل يمني غيور ومخلص وعاقل ومحب لدينه ووطنه وأهله أن يتحرك الآن قبل الغد, ويعمل ضد التشرذم والتمزيق وأن يسعى لتضميد الجراح وجمع الكلمة وتوحيد الصف, والتعاون في الحفاظ على لحمتنا الوطنية وعلاقتنا الأخوية لنصنع يمناً آمناً مستقراً موحداً يتسع لكل أبنائه..


 " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً"


 


 

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 07:29 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-407.htm