- التسجيل الذي بثّته قناة "اليمن الفضائية " مؤخراً، لذلك الموت غير المسبوق، الذي نشره، رفاق الشيطان وجنوده

- التسجيل الذي بثّته قناة "اليمن الفضائية " مؤخراً، لذلك الموت غير المسبوق، الذي نشره، رفاق الشيطان وجنوده
السبت, 14-ديسمبر-2013
بقلم / عبد الكريم المدي -

التسجيل الذي بثّته قناة "اليمن الفضائية " مؤخراً، لذلك الموت غير المسبوق، الذي نشره، رفاق الشيطان وجنوده، في مجمّع الدفاع بالعرضي صبيحة الخميس 5ديسمبر من هذا الشهر ، وتحديداً في غرف وطواريد وأقسام مستشفى الدّفاع،، لم أستطع ،حتّى اللحظة ، إستيعابه.


إنّه بالفعل، مشهد وعمل يتحدّى فهم الإنسان ، والمنطق، والديانات،كما يلغي ، تماماً، كل صلةٍ ،أو علاقة لمرتكبيه .بالإنسانية. 


بالله عليكم ،،أي ديانةٍ تجيز للمرء ، ملاحقة النساء والأطفال والأطباء والمرضى من غرفة، إلى أخرى، ومن دورة مياه إلى أخرى،كي يقتلهم ويستمتع بتفجير رؤوسهم ، وكأنه يقوم بالمشاركة السنوية في أحد شوارع العاصمة الاسبانية مدريد،في مهرجان التراشق بالطّماطم، أو بتأدية دور قتلة منزوعي الرحمة في أحد ،أفلام هوليود.


أمالماذا قام أولئك المجرمون بفعلتهم؟ فيبدو - حسب فكر هم المريض- أن الضحايا مسجّلون معهم في قائمة أعداء الله ،الذين يتوجّب إرسالهم للآخره على وجه السرعة...


ولأنهم- أيضا - أقرب طريقة ووسيلة يمكن أن يصل، من خلالها القتلة،من المسوخ البشرية، للجنّة، أو للسلطة،،


لا ندري حقيقة عن الكثير من التفاصيل التي بُنيت عليها الغزوة وأهدافها الحقيقة، التي تقف وراء الأهداف المعلن عنها، والمتمثلة بمحاربة أعداء الله..


المهم لقد شاهدنا في ذلك التسجيل، الذي وثّقته كاميرات المستشفى، القتلة وهم يجهزون على الأطباء من رجالٍ ونساء، وعلى المرضى والأطفال والمرافقين، دون استثناء لأحد، أو رحمةٍ بأحد ، فحينما كان الإرهابيون، مثلاً، يجدون تجمّعاكبيراً من البشر ، رجالاً ونساءً ، وهم محشورون وخائفون ، في هذا الطارود ، أو ذاك ، وقد قدلا يكون موتهم جميعاً، مضمونا بإستخدام الآلي ، فقط يقوم " المجاهد" بالإقتراب منهم ونزع فتيل إحدى القنابل ورميها لوسط كومة بشرية، ببرودة دم وهدوء أعصاب وسعادة لا مثيل لها . وكأنه - بالفعل - يفتح الباب قبل الأخير الذي سيدخله للجنة ، بعد أن قام بفتح الباب الذي سبقه والمتمثّل بقتل طبيبتين ، تثبّت من حصوله على كامل أجر زهق أرواحهنّ، بعد عودته من جولة تمشيط لطارود المستشفى وبعض غرفه ، وحينما وجد إحداهنّ ، ما زالت تتحرّك بصعوبة ، اكرمها برصاصتين في الرأس،مع تكبيرة صغيرة.


كذلك هو الحال ، حينما مرّ أحد، شباب الجحيم ،الجهادي، في إحدى البوابات، وكان هناك قتلى وجرحى و طبيين أو طبيب وطبيبة وأحد المدنيين ، يحاولون، تقريباً، إسعافهم. أو عمل ما يمكن عمله لهم، بالطّبع لم يتردّد القاتل، المؤمن، عن اطلاق الرصاص باتجاههم ليرديهم قتلى، وذهب لمكانٍ أخر وعاد بعد أقل من دقيقتين، ليتأكد أن فرائسه قد فارقت الحياة ،أم لا ،، وحينما وجد عرقاً ما يزال ينبض في إحدى فرائسه الملقية، جوار سيارة الإسعاف . لم يتردد- أيضا - عن تكملة " الأجر" و"الثواب" من خلال الضغط على زناد " الآلي " لتخرج من فوهته رصاصتان كانتا كفيلتان بوضع حدٍ لغريزة بقاء الضحية ومحاولة تشبّثها بالحياة ،وحبّها،كأي إنسان يحب الحياة ويخاف من الموت، وبالتّالي يكون ذلك " المسخ " قد استكمل تطهيرها، وإرسالها للآخرة،واضافتها لرصيد حسناته..!


ما يذهل المرء ويجعل الدماء تتيبّس في أركان أوردته، حقيقةً، هي مقدرة المجرمين، على القيام بتلك الجريمة وهم يتمتعون بذلك الكمّ الهائل من برودة الأعصاب ..الظاهرة عليهم ، أثناء الجريمة، إلى جانب تلذّذهم بمهرجان القتل لكل ما ينبض بالحياة، وفي ذلك المكان.!


صدّقوني إذا قلت لكم- وحسب إعتقادي- إن "هولاكو" لم يرتكب مثل تلك الجرائم في القرن السابع الهجري ، حينما سقطت بغداد، عاصمة الخلافة العباسية بيده . رغم ما نقلته لنا كتب التاريخ من جرائم فظيعةٍ ارتكبها في أحياء عاصمة العبّاسين . وكيف أن ألوان مياه نهري دجلة والفرات ، تحولّت إلى اللونيين، الأحمر ، بسبب دماء الشهداء، الذين سقطوا فيها، والأسود، بسبب كمّية الكتب التي رُمِيت فيها.أيضا.


تخيّلوا ..إن طبيباتٍ كنّ في غرفة العمليات، ويحملنّ المقصّات بأيديهنّ..حاولنّ النجاة بأنفسهنّ، حينما هربنّ للحمامات لكنّ القاتل/ المسخ لحق بهنّ إلى حيث كنّ مختبئات.. يرتجفنّ خوفاً، من مخالبه، التي لم تتأخر لحظةً عن تمزيق رؤوسهنّ بوحشية لامثيل لها.


الألم يعتصرني ، وأنا أكتب عن تلك المجزرة غير المسبوقة، التي ، ربّما لم تحدث، أيضا، على أيدي الجازّرين الصّرب في "سيرببنيتشا" ، و"سرايفو "، و"كوسوفو" ، أيام التطهير العرقي الذي امتدّ من العام 1992 وحتى العام 1995...


ولم تحدث - أيضا - على أيدي الملحدين ، أياً كانوا هوءلاء، الملحدين، لأن الملحد ،بالطّبع ، يأخذ من الدّين وضرورات التاعييش ببين بني البشر، قوئمهما ،وقيمهم الأخلاقية.


نتساءل :هل الطريق للجنّة يا ترى -لدى هوءلاء - يتمّ التمهيد له بقتل الأبرياء، وأيّ أبرياء، أطباء وطبيبات ومرضى وأطفال؟


وهل هذه هي تعاليم الإسلام ، ومواطن الجهاد التي حثّ عليها، ودعا لها؟


لا شكّ إن الإسلام بريء من كل هذه الأعمال والسلوكيات.والأفكار، التي تتحوّل وتحوّل الإنسان إلى وحشٍ. ومتفجّرات وآلات قتل للحياة بكل مفاهيمها.ومستوياتها.ومعانيها.


نياط قلوبنا تتقطع .وكأنها .. تشارك تلك الأنفس التي زهِقت تفاصيل ومشاعر لحظاتها الأخيرة..كأن قلوبنا ، بالفعل،حاضرة إلى جوار تلك القلوب، التي نهشها غلاظ القلوب وعديمو الإحساس وميتو الضمائر . الذين أظلمت واهتزت قيم الإنسانية من صدمة إرتطامهم بها وتجردهم منها. حينما فجّروا براكين جهلهم وقبحهم وبشاعتهم في واحدة من أكثر الأماكن قداسةً وحرمةً..


إن ماحدث في مجمّع الدفاع بالعرضي من جُرمٍ وسفكٍ للدّماء، وبتلك الطريقة المروّعة . وغيرها من الجرائم ، يحمل بصمات أناسٍ متخصّصون في القتل، لايهمهم أي شيء ولن يقف أمام مشاريعهم أي شيء أيضاً.!


إن الذي حدث في ذلك اليوم الأسود ، الذي، بلا شكّ، لن يُمحى من ذاكرة اليمنيين والإنسانية جمعا..يؤكد بأن هناك جهاتٍ ومراكز قوى سياسية وأيديولوجية. تقف وراءه. وهذا بحدّ ذاته يجعلنا نكفر بالديمقراطية، وبالتعددية، المؤدلجة، والمفصّلة بمقاييس معينة، يريد أصحابها، قتل الحياة.. إذا كان فيها رأيٌ أو فكرٌ آخر ، أياً كان هذا الآخر، وأياً كانت بساطة ومشروعية محاولاته السلمية ، في تحرير إرادته الفردية والجمعية، من الظلم والجهل والذّل. والفساد ..وبناء دولته التي، من خلالها، يجد نفسه إنساناً حرّاً..يمارس حقّه في التعليم والصحة والمشاركة السياسية والتعبير والتمتّع، ولو بالحدّ الادنى، من الحقوق، دون تسلط أو وصاية عليه من أحد..وتحت أي مبرّرٍ كان.


الرحمة..لكل من سقطوا، شهداءً في مجمّع الدفاع بالعرضي ، ولكل من سقطوا شهداءً.في كل مكان على تراب هذا الوطن ، وعلى أيدي اعداء الإنسانية والحرية، والكرامة، والحياة ،والجمال.. 

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 01:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-3835.htm