الجمعة, 02-ديسمبر-2022

صيادلة اليمن يكشفون كيف يتم تزوير الدواء ...بإتقان!

الأوراق /المجلة الطبية

بات صيادلة اليمن وتجار الأدوية (الجملة) غير قادرين على معرفة الأدوية المزورة من المعتمدة رسميا مع اتقان المزورين وبمشاركة بعض المطابع في ممارسة جريمة التزوير من خلال طباعة (البواكت) الأشكال الخارجية والداخلية (الطباعة على الأشرطة) في ظل ضعف الرقابة والضوابط للجهات الرسمية المختصة .

هذه الظاهرة تمثل تحدياً جديداً لكل أطراف المصلحة وفي مقدمتهم المجتمع اليمني الذي باتت صحته مرهونة بين يدي الأدوية المزورة وجشع المزورين وبعض مالكي المطابع الذين يحققون مكاسب مالية مهولة، وبعد أن حققت هذه الأدوية تواجدا ملحوظا في السوق الدوائية اليمنية كشفه نشطاء صيادلة مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي، قد ينظر المرضى اليمنيون إلى “علبة دواء من الخارج” على أنها خير هدية يمكن أن يحملها القريب أو الصديق العائد إلى البلاد.

أشكال وأنواع مختلفة للتزوير، تضاعف الصعاب والمسؤوليات على عاتق الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية في كشف وضبط الأدوية المغشوشة، والحد من انتشارها، إن لم يكن القضاء عليها، لتحقيق مأمونية الدواء دون أضرار للمجتمع، والحفاظ على الاقتصاد الوطني الذي تعد صناعة وتجارة الأدوية إحدى ركائزه.

وفي ظل انتشار الأدوية المزورة سيفقد المجتمع الثقة بمقدمي الرعاية الصحية في اليمن، فعندما يتناول المريض الدواء الموصوف له من الطبيب دون جدوى، سيضطر إلى السفر للخارج لتلقي العلاج؛ وهو ما يساهم أيضا في تسرّب العملة الأجنبية وتكبّد الاقتصاد الوطني خسائر إضافية.

صميم الكارثة

مزورون يمارسون عملية تزوير الأدوية بشكل متقن وبمشاركة رئيسية مع أصحاب المطابع، من خلال طباعة بواكت الأدوية بنفس الهوية والتصميم والألوان والمحتوى للدواء الرسمي المصنع/المستورد، ليقوم المزوّر بعد ذلك بتعبئة تلك البواكت إما بأدوية نفس الدواء الأصلي لكن من بلد منشأ آخر أو يتم تصنيعه في معامل بدائية تفتقر للبيئة الآمنة للتصنيع الدوائي والرقابة والكوادر ومعايير التصنيع، وطريقة ثالثة يتم غطاء علبة دواء معين بلاصق يحمل اسم دواء آخر من الأدوية المهمة المتعلقة بأمراض مزمنة أو تلك التي لها طلب كبير في السوق.

قانون ……

يمنح القانون رقم 25 لسنة 1990 وزارة الثقافة مسؤولية منح تصاريح المطابع والرقابة على أعمالها ومدى التزامها بمعايير وشروط إنشاء وممارسة أعمال الطباعة، كما يجرّم القانون ” طبع أو إعادة طبع أي مطبوع إلا بموافقة قانونية من مالك حقوق الطبع سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا.

ذات القانون أيضاً يحمّل “صاحب المطبعة ومديرها المسؤول المسؤولية الكاملة عن أي مطبوع يصدر عن المطبعة مخالفا لأحكام هذا القانون.

إلا أن بعض المطابع تمارس أعمالا محظورة ومخالفة، حتى باتت تشارك في طباعة الموت والأمراض لليمنيين بعيداً عن تلك القوانين، وبحسب أحد مدراء المطابع الخاصة، فإن الجهات المختصة والرقابية لا تقوم بعملها ولا تجري أية رقابة أو تفتيش عليهم، ولم تصدر لهم أية تعميمات خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أنه مؤخراً طلب منهم استخراج سجلات صناعية بدلاً عن التجارية بعيداً عن أي تراخيص رسمية صادرة عن وزارة الثقافة التي خوّلها القانون.

تلويحات خجولة

الهيئة العليا للأدوية لوحت في يونيو الماضي بشأن الأدوية المزوّرة والمتدنية، إذ ضمن منشور على صفحتها الرسمية في فيسبوك عرفت فيه الأدوية المغشوشة بـ ” المنتجات الطبية التي تظهر على نحو كاذب ، عن عمد أو عن احتيال ، هويتها أو تركيبها أو مصدرها”، بينما تعرف المنتجات الطبية المتدنية النوعية / غير المطابقة للمواصفات بـ ” المنتجات الطبية المصرّح بها ولا تفي بمعايير جودتها أو مواصفاتها أو لا تفي بكليهما”.


قبل ذلك وجّهت الهيئة تعميما رسميا بتاريخ 12 يونيو الجاري لكلٍ من (أصحاب المنشآت الصيدلانية، محلات بيع وتوزيع الأدوية بالجملة) أهابت فيه بـ ” التحري عند شراء الأدوية والمستلزمات الطبية من مصادر مرخصة وتجنّب التعامل بالمنتجات المهربة أو مجهولة المصدر”.

وأكد التعميم “وفي حال المخالفة فإن الهيئة تحملكم المسؤولية القانونية كاملة ومصادرة تلك المنتجات في حال ضبطها بعد تاريخ الإعلان”.

تبعت ذلك التعميم منشورات توعوية موجه للمواطن والصيدلي بخطورة الأدوية المزورة/المقلدة، تنوّعت العبارة والتصاميم التي تخاطب الجمهور ومما وجهته للصيدلي “أنت خط الدفاع الأول في مكافحة جريمة تهريب وتزوير الأدوية، فلا تتعامل مع الأدوية التي لا تحمل ختم وشعار المؤسسة الصيدلانية المستوردة ورقم تسجيل الصنف”.

تعد الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، الجهة المعنية بتنفيذ السياسات الصحية ذات القيمة العلاجية الوطنية الشاملة المتعلقة بالأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الكيماوية والمخبرية ومواد التجميل ذات الأثر الطبي، بموجب القرار الجمهوري رقم ( 231 ) لسنة 1999م بشأن إعادة تنظيم الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية.

حجم الانتشار والمبيعات

يشير أحد تقارير منظمة الصحة العالمية إلى إن واحدا من كل عشرة عقاقير تباع في الدول النامية يكون مزيفا أو أقل من مواصفات الجودة المطلوبة مما يؤدي إلى وفاة عشرات الآلاف بينهم الكثير من الأطفال الذين يعالجون على نحو غير فعال من الالتهاب الرئوي والملاريا.

“ومن الصعب تحديد حجم المشكلة بدقة لكن تحليلا أجرته منظمة الصحة لمائة دراسة في الفترة من 2007 إلى 2016 تغطي أكثر من 48 ألف عينة أظهرت أن 10.5 في المائة من الأدوية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل إما مزيفة أو غير مطابقة لمواصفات الجودة”.

يصل حجم مبيعات الأدوية في البلدان النامية بنحو 300 مليار دولار سنويا وبالتالي يبلغ حجم التجارة في الأدوية المزيفة 30 مليارا، وفقا لتقديرات الصحة العالمية في العام 2017.

وبحسب الصحة العالمية فإن الأدوية المغشوشة” لا تعالج الأمراض ولا تقي منها، ولا يشكل ذلك فقط إهداراً لأموال من يشترون الأدوية المتدنية النوعية أو المغشوشة من الأفراد والنظم الصحية، بل قد تسبب هذه المنتجات أيضاً اعتلالات خطيرة، بل الوفاة”.

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، في تصريحات سابقه يقول “إن الأدوية المتدنية النوعية والمغشوشة تضرّ بشدة بأضعف المجتمعات المحلية”، ويردف قائلاً: “لك أن تتخيّل أُمّاً تحرم نفسها من الطعام وغيره من الاحتياجات الأساسية لتسدد نفقات علاج طفلها، غير مدركة أن الأدوية التي ابتاعتها متدنية النوعية أو مغشوشة، ثم يؤدي هذا العلاج إلى وفاة طفلها، إنه لأمر لا يمكن قبوله، فقد اتفقت البلدان على بعض التدابير عالمياً، وآن الأوان لترجمتها إلى إجراءات ملموسة”.

أدوية لا تعالج إنما تجلب المرض والموت، ضحيتها صحة اليمنيين، المجلة الطبية تدشن حملتها الأولى لمحاربة الأدوية المزورة (المغشوشة) والتوعية بأضرارها ومخاطرها وتحت شعار “المزوّر داء وليس دواء” على أن تتبع هذا التقرير مواد صحفية معمّقة وتوعوية تساند الجهات ذات العلاقة في التخلص من هذه الكارثة. 

تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-إبريل-2024 الساعة: 09:01 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-25576.htm