السبت, 06-أغسطس-2022

بطلان حكم التحكيم القبلي أثناء المحاكمة في المحكمة

الاوراق برس من أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

▪ قضى الحكم محل تعليقنا بأن حكم التحكيم يكون باطلاً إذا صدر أثناء نظر المحكمة المختصة لطلب رد المحكم، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-9-2017م في الطعن رقم (58692)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ولما كانت المادة (23) تحكيم قد نصت على جواز رد المحكم للأسباب التي يرد بها القاضي، ونصت المادة (143) مرافعات على وقف نظر الدعوى الأصلية حتى الفصل في طلب الرد، فمن باب أولى يسري هذا الوقف على خصومة التحكيم سيما أن المحكم يستمد ولايته في التحكيم من إرادة أطرافه، ومن ثم فإن قيام المحكم المذكور بنظر خصومة التحكيم وإصداره حكم التحكيم المدعى ببطلانه اثناء نظر المحكمة طلب الرد والعزل يعد إجراءًا باطلاً بطلاناً مطلقاً حتى إن لم يثره مدعي البطلان، إذ ينبغي على المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: أثر تقديم طلب رد المحكم على الخصومة التحكيمية:

▪ أجاز قانون التحكيم رد المحكم وصرح القانون بأن المحكم يرد للأسباب ذاتها التي يرد بها القاضي، حسبما نصت عليه المادة (23) تحكيم، وأجاز قانون التحكيم لأطراف التحكيم أن يقدموا طلب رد المحكم إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الخصومة، وأوجب عليها القانون أن تفصل في طلب الرد خلال أسبوع، وفي حالة رفضها لطلب الرد أجاز القانون للطالب الطعن في حكم الرفض خلال أسبوعين حسبما نصت عليه المادة (24) تحكيم، ومع ذلك فإن قانون التحكيم لم ينص على الأثر المترتب على تقديم طلب رد المحكم، ولذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن ما ورد في المادة (143) مرافعات يسري أيضاً على تقديم طلب رد المحكم، حيث نصت المادة (143) مرافعات على أنه: (يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه) وهذا النص صريح في أنه: يترتب على تقديم طلب رد القاضي وقف الفصل في القضية التي ينظرها القاضي حتى يتم الفصل في طلب الرد، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن هذا النص يسري على المحكم، حيث ينبغي أن يتم وقف الخصومة عند تقديم طلب الرد) حيث ينبغي على المحكم بمقتضى هذا النص أن يوقف نظر الخصومة التحكيمية حتى يتم الفصل في طلب رد المحكم من قبل المحكمة المختصة.

▪ الوجه الثاني: وقف الخصومة التحكيمية الأصلية كأثر لتقديم طلب رد المحكم من النظام العام:

▪ قضى الحكم بأن وقف الخصومة التحكيمية الأصلية بسبب تقديم طلب رد المحكم من النظام العام، لأن المادة (143) مرافعات التي أوجبت ذلك من النظام العام، والمادة (22) تحكيم أوجبت على المحكم: (عدم الإخلال بأحكام قانون المرافعات التي تعتبر من النظام العام) وبناءً على ذلك فقد توصل الحكم محل تعليقنا إلى أن وقف الخصومة التحكيمية بسبب تقديم طلب رد المحكم من النظام العام، الذي يجيز للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء ذاتها.

▪ الوجه الثالث: بطلان حكم التحكيم إذا صدر بعد تقديم طلب رد المحكم:

▪ قضى الحكم محل تعليقنا ببطلان حكم التحكيم إذا صدر بعد تقديم طلب رد المحكم حتى لو أصدرت المحكمة المختصة حكمها برفض طلب رد المحكم بعد أن أصدر المحكم حكمه في الخصومة التحكيمية، لأن وقف الخصومة أمر وجوبي متعلق بالنظام العام حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، لأن المحكم يستمد ولايته بنظر الخصومة التحكيمية من اتفاق التحكيم الذي أفصح فيه الخصم عن رغبته في تعيين المحكم، فإذا طلب الخصم رد المحكم فإنه يكون تراجعا أو عدل عن ذلك.

▪ الوجه الرابع: طلبات رد القضاة وتأثيرها في وقف نظر القضايا المنظورة وإطالة إجراءات التقاضي:

▪ مع أن طلبات رد القضاة لها أسباب محددة وواضحة في قانون المرافعات، ومع أن لطلبات الرد أهدافها وأغراضها القانونية والعدلية ، إلا أن بعض طلبات الرد لا يهدف منها طالبها إلا وقف الخصومة الأصلية المنظورة أمام القاضي وتعطيل إجراءات نظرها، حيث يترتب على تقديم طلبات الرد وقف النظر في الدعاوى الأصلية فتعطيل إجراءات النظر فيها حتى يتم الفصل في طلبات رد القضاة، ولذلك ابتدعت بعض محاكم الاستئناف بدعة حسنة وهي دراسة طلب الرد من الناحية الشكلية للتأكد من وجاهته ومدى توفر الأسباب والأدلة المؤيدة لذلك قبل قبول الرد والنظر فيه – فقبل قبول طلب الرد شكلا لا يكون طلب الرد قد تم تقديمه للنظر في موضوعه، وبناء على ذلك لا يتم وقف نظر الدعوى الأصلية إلا بعد التأكد من وجاهة وصحة طلب الرد وتقديمه بالفعل أمام المحكمة للنظر في موضوعه، وقد أثبت هذا الإجراء نجاعته، ففي إحدى محاكم الاستئناف استقبلت المحكمة (134) طلب رد لم تقبل منها سوى (2)، والله أعلم. الاوراق برس

تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 23-إبريل-2024 الساعة: 09:04 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-25463.htm