الأربعاء, 29-يونيو-2022

صرف المرتبات والوديعة البنكية لتسريع السلام في اليمن

بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب*

يكابد مليون ونصف موظف دولة في اليمن من وجع الحرمان من مستحقاتهم القانونية المتمثلة في الراتب الشهري الذي توقف منذ سنوات بسبب اختلالات في إدارة العمل المصرفي والاقتصادي في اليمن، وخصوصاً بعد نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن والذي تسبب ذلك في توقف توريد الإيرادات العامة للبنك وتشتت الإيرادات العامة في اليمن وصاحب ذلك انهيار خطير لسعر الريال اليمني، وبدلاً من مائتي ريال للدولار، أصبح ألف وخمسمائة ريال للدولار الواحد، ثم تأرجح ذلك السعر ليكون هناك انقسام خطير في العمل المصرفي وسعرين لعملة واحدة، سعر في حكومة عدن (الدولار بألف وخمسمائة ريال) بسبب طباعة كميات هائلة من العملة الوطنية دون تغطيتها بعملات أجنبية (دولار وغيره)، وسعر آخر في حكومة صنعاء ستمائة ريال للدولار بسبب رفض الاعتراف بالعملة المطبوعة الجديدة من بنك عدن، ويفترض أن سعر الدولار لا يتجاوز مائتي ريال للدولار إذا تم فعلاً إدارة العمل المصرفي في البنك المركزي اليمني بمهنية واستقلال.. وقد تلا ذلك الإجراء مساعٍ وجهود إيجابية للأمم المتحدة لصرف مرتبات جميع موظفي الدولة وفقًا لكشوفات عام 2014م المتوافق عليها من جميع الأطراف، والذي تم تسليم تلك الكشوفات إلى الأمم المتحدة قبل سنوات، وبدأت جهود صرف المرتبات ولكنها توقفت فجأة دون مبرر منطقي ليتم بعدها ضم موضوع صرف المرتبات ضمن بنود تفاهمات استوكهولم، ثم توقفت دون مبرر مستساغ، ثم يتم استئناف طرح الموضوع بقوة في شهر أبريل 2022م ضمن جهود إيقاف الحرب في اليمن، والبدء بهدنه إنسانية لمدة شهرين يفترض خلالها تعزيز الثقة والدعم الشعبي لاستمرار الهدنة وتمديدها عبر معالجات ملموسة للمواطنين وليس فقط تصريحات إعلامية. كان هناك أمل لدى موظفي الدولة في اليمن بأنه سيتم صرف مرتباتهم بأثر رجعي من تاريخ انقطاعها قبل سنوات وحتى الآن، خصوصًا بعد انتشار أخبار من مصادر متعددة بقرب حصول ذلك خلال شهر رمضان المبارك لعامنا هذا 1443هـ - 2022م. صرف المرتبات لجميع موظفي الدولة في اليمن وفق كشوفات عام 2014م، المتوافق عليها، سيوزع السيولة المالية لحوالي مليون ونصف شخص هم إجمالي موظفي الدولة، وهنا ستتوزع السيولة بشكل كبير وفي جميع المحافظات ومواكبة ذلك بوديعة بنكية بعشرة مليارات دولار، سيخفض ذلك سعر الريال اليمني ليصل إلى مائتي ريال للدولار الواحد، وسيتوقف التلاعب الذي تقوم به محلات الصرافة والقطاع التجاري الذي سيطر على السيولة المالية، وقام بضخها بشكل كبير بالعملة الوطنية، وإخفاء الدولار من السوق مما تسبب ذلك في رفع سعر الدولار وانهيار الريال، وواكب ذلك ارتفاع جنوني لأسعار جميع السلع والخدمات كون الشعب اليمني يستورد اكثر من 90% من احتياجاته من الخارج وبالدولار الأمريكي. المستفيد من تلك الفوضى في القطاع المصرفي وانهيار الريال وارتفاع سعر الدولار هم التجار فقط الذين ابتلعوا الودائع البنكية السابقة، ولم يكن لها تأثير إيجابي لتحسين سعر العملة الوطنية، بل زاد انهيارها كون التجار مسيطرين على السيولة المالية بالريال اليمني، وبذلك يستولون على الودائع البنكية المتعددة في البنك المركزي اليمني. والضحية لتلك الاختلالات المصرفية في اليمن هو المواطن اليمني البسيط، وفي المقدمة موظفو الدولة الذين انقطعت مرتباتهم التي تراجعت قوتها الشرائية بشكل خطير، وأصبحت القوة الشرائية للراتب لا تتجاوز 10% من قوتها الشرائية السابقة بسبب ارتفاع سعر الدولار بشكل خطير، وتجاوز الألف ريال للدولار، بدلاً عن السعر السابق مائتي ريال للدولار . ولكن ربما كانت تلك المعلومات هي كذبة أبريل، ولن يتم صرف المرتبات لتستمر معاناة مليون ونصف أسرة يمنية، تشكل حوالي ثلث عدد سكان اليمن تقريبًا بسبب قرار خاطئ بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، والذي كان المبرر هو ضمان استمرار صرف مرتبات موظفي الدولة، ولكن في الواقع توقفت المرتبات فور نقل البنك إلى عدن، وإحجام معظم المؤسسات الإيرادية في عموم اليمن، حتى في عدن، وامتناعها عن توريد الإيرادات العامة للإيفاء بالالتزامات والنفقات العامة، وكان يُفترض اتخاذ إجراءات تمهيدية قبل نقل البنك من صنعاء إلى عدن، يضمن - فعلاً - استمرارية صرف المرتبات. النقل المفاجئ للبنك قطع الإيرادات العامة عن البنك، وذهبت لمسارات أخرى، وبدلاً عن أولوية صرف مرتبات موظفي الدولة، ومنح الفصل الأول من موازنة الدولة الذي يتضمن المرتبات أولوية في النفقات العامة، تحولت الأولويات عن المرتبات . يلوح في الأفق بوادر إيقاف الحرب في اليمن، وتحقيق سلام مستدام في اليمن، وتحقق وقف إطلاق النار وهدنة إنسانية لمدة شهرين لو يواكبها إجراءات أخرى لتسريع جهود السلام وتمديد الهدنة، وأهم تلك الإجراءات تحسين الوضع الاقتصادي في اليمن الذي تدهور بشكل كبير، ليس فقط بسبب الحرب، وإنما أيضًا بسبب سوء إدارة الاقتصاد في اليمن . بالإمكان تحسين الوضع الاقتصادي في اليمن وإيقاف تدهوره، على الأقل عودة الاقتصاد إلى ماق بل عام 2015م، قبل الحرب، وتحقيق استقرار في سعر صرف العملة اليمنية إلى مستوى مائتي ريال للدولار الواحد، كما كان سعره في عام 2015م، نشر السيولة النقدية بالعملة الوطنية بشكل واسع لمليون نصف موظف يعيد توزيعها بشكل كبير، ومواكبة ذلك بوديعة بنكية بعشرة مليارات دولار على الاقل يرفع سعر العملة الوطنية، وتحقق ذلك بصرف مرتبات جميع الموظفين وفقًا لكشوفات عام 2014م المتوافق عليها من جميع الأطراف. لن يستفيد من صرف المرتبات لجميع الموظفين، بأثر رجعي، الموظفون فقط، بل الشعب اليمني أيضًا سيستفيد بشكل مباشر عن طريق توفير احتياجات أسرهم وعائلاتهم، وبشكل غير مباشر، عن طريق تسديد الموظفين التزاماتهم من إيجارات ومستحقات أخرى، وتحريك العملية الاقتصادية بشكل متوازٍ ومتوازن في جميع المحافظات. بالإمكان تحقيق ذلك عن طريق الإجراءات التالية: 1- صرف مرتبات جميع موظفي الدولة وفقًا لكشوفات عام 2014م، المتوافق عليها، وبأثر رجعي من تاريخ الانقطاع، وهذا الإجراء سيعزز من التوزيع العادل للثروة، وتوزيع العملة الوطنية، وعدم تركيزها لدى أشخاص وجهات محدودة. 2- وديعة بنكية بمبلغ لا يقل عن عشرة مليارات دولار في البنك المركزي، تضمن رفع سعر العملة اليمنية إلى مستوى مائتي ريال للدولار، وما يصاحب ذلك من انخفاض للأسعار، واستقرار سعر الصرف لمدة عام على الأقل.

3- توريد كافة الإيرادات العامة إلى البنك المركزي اليمني، وفتح تحقيقات جنائية عاجلة مع كافة الجهات الرافضة لتوريد الإيرادات العامة إلى البنك المركزي اليمني في جميع المحافظات اليمنية، واتخاذ إجراءات صارمة وحازمة عبر الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي ضد الرافضين. 4- تعزيز الشفافية الشاملة في إجراءات وأرقام الإيرادات العامة والنفقات العامة. 5- تحفيض فاتورة الاستيراد وتغطية الاحتياجات الوطنية من الإمكانيات الوطنية، مثلا المشتقات النفطية والغاز يتم إغلاق باب استيرادها من الخارج، وما يتسبب ذلك في رفع أسعارها بسبب نفقات النقل والشحن والتفتيش، وتوفير المشتقات النفطية والغاز من الإنتاج الوطني، وتوسيع تشغيل مصافي النفط في اليمن، ومحطات الغاز الوطنية، وتخفيض أسعارها . 6- رفع الإيرادات العامة بما لا يؤثر ذلك في المواطن اليمني الضعيف عن طريق رفع الكميات المصدّرة من النفط الخام والغاز، بما يتجاوز عن الاحتياج الوطني، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميًّا، وارتفاع الاحتياج لها بسبب التطورات العالمية الناتج عن حرب أوكرانيا، وأن يواكب ذلك إيقاف جرائم الفساد في هذا الملف وتوقيف المتورطين ومحاكمتهم وتطوير تصدير الإنتاج الوطني من أسماك وغيرها، والتي ستُدر عملات صعبة للخزينة العامة، وترفع سعر الريال اليمني، وأن يتم منح المنتجات اليمنية تفضيلات إيجابية في دول الإقليم لتشجيعها. 7- تشغيل كافة الخدمات العامة من كهرباء ومياه وغيرها، حيث سيتم تشغيل محطات الكهرباء الحكومية الرسمية بكامل طاقتها في عموم المحافظات، والذي لن يكون هناك مبرر لاستمرار قطعها، وستوفر الوديعة تكاليف الصيانة والوقود والتشغيل لها، وبتوفُّر السيولة النقدية بالعملة الوطنية سيتم دفع تكاليف الطاقة، وبتوفُّر الطاقة الكهربائية سيتم مباشرة توفر المياه. وفي الأخير : نأمل أن يتم صرف مرتبات جميع الموظفين في اليمن وفق كشوفات عام 2014م، المتوافق عليها من جميع الأطراف، وبأثر رجعي، من تاريخ انقطاعها ومواكبة هذا الإجراء بوديعة بنكية بعشرة مليارات دولار في البنك المركزي اليمني، وهو ما سيحقق استقرارًا اقتصاديًّا يُعزز من فرص السلام المستدام في اليمن، المبنيّ على الإيفاء بالحقوق القانونية لمليون ونصف موظف يمني، وسيعزز من جهود توزيع الثروة ليشمل عددًا كبيرًا من المواطنين، بدلًا عن تركيزها في أيدي جهات وأشخاص محدودين، وبالوديعة البنكية سيرتفع سعر الريال اليمني، ويعود بما لا يزيد عن مائتي ريال يمني للدولار الواحد، كما كان سعره قبل انقطاع المرتبات؛ كونه بانقطاع المرتبات ارتفع الدولار، وانهارت العملة الوطنية، وبإعادة صرف المرتبات سيرتفع سعر العملة الوطنية مقابل الدولار. تحسُّن واستقرار الوضع الاقتصادي والمالي في اليمن بصرف المرتبات والوديعة، يعزز من فرص السلام في اليمن الذي يشعلها الانهيار الاقتصادي؛ كون صرف المرتبات والوديعة البنكية لتسريع السلام في اليمن. * إعلامي ومستشار قانوني – اليمن Law711177723@yahoo.com

https://www.makalcloud.com/post/8fchu6qb1

 

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-إبريل-2024 الساعة: 04:13 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-25408.htm