الخميس, 13-يناير-2022
الأوراق من صنعاء خاص -

محكمة يمنية تُلغي حكمًا ابتدائيًّا يدين متهمين هدموا وأحرقوا منزلاً؛ كون الشاهد كاميرا جوال

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖ تم توثيق واقعة الاعتداء على منزل وهدمه وحرق محتوياته عن طريق التسجيل الفيلمي بواسطة الهاتف النقّال فيديو، حيث تم تفريغ محتوى هذا التسجيل إلى قرص مضغوط (سِيدي)، غير أن محكمة أول درجة لم تعتمد على الإثبات بهذه الوسيلة، حيث قضت ببراءة المتهمين، أما محكمة الاستئناف فقد قضت بإلغاء الحكم الابتدائي، والحكم بالدعويين الجزائية والمدنية بموجب مبدأ تسانُد الأدلة، وأهمها القرص المضغوط (السيدي)، وقد أقرت المحكمة العليا الحكم الاستئنافي حسبما هو ثابت في الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4/7/2018م في الطعن رقم (61294)، الذي جاء ضمن أسبابه ((تجد الدائرة أن ما نعى به الطاعنون المحكوم عليهم في أسباب طعنهم، والتي انصبّت في مجملها على بطلان الدعويين العامة والخاصة على المتهمين الطاعنين حاليًّا؛ لأن الحكم المطعون فيه قد بُني على أدلة غير صحيحة، ولا يعوّل عليها، منها الشريط السيدي والفيديو المصور وشهادات متناقضة، وحيث كان من الدائرة العودة إلى أوراق القضية، بما فيها شريط السيدي والفيديو، التي أوضحت الصور المستخرجة من السيدي والهاتف ما قام به المتهمون من الأفعال المسندة إليهم، ولذلك فإن ما انتهت إليه محكمة أول درجة قد خالف الثابت في الأوراق، حيث أهدرت جميع الأدلة من دون مبرر قانوني، فما كان من محكمة الاستئناف إلا إعادة المحاكمة؛ كون النيابة العامة قد استأنفت الحكم الابتدائي، حيث خلص الحكم الاستئنافي إلى صحة الدعويين العامة والخاصة وصحة أدلتهما، لذلك فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه يوافق القانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الآتية:

* الوجه الأول: ماهية القرص المضغوط ودوره في الإثبات القرص المضغوط هو عبارة عن قطعة من البلاستيك تتضمن تسجيل الأصوات والصور الثابتة والمتحركة، وكذا المحررات المكتوبة، فـ"السيدي" عبارة عن مخزن لتلك البيانات والمعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريق الإنترنت، أو عن طريق تسجيل الواقعة وتصويرها بواسطة الهاتف النقال، أو كاميرا المراقبة، حيث يتم إدخال الصور أو المحررات إلى القرص لاحقًا لعملية التصوير أو الواقعة، وحيث إن هناك وسائط أو آلات تقوم برصد وتسجيل وتصوير الأشياء، ثم يتم إدخالها إلى السيدي لتوثيقها، فإن هناك احتمالًا للتلاعب في إدخال المعلومات والبيانات إلى السيدي أو القرص، ومع ذلك فإن الاستدلال بالتسجيل أو التصوير المخزون في "السيدي" يكون قرينة قاطعة إذا أفاد الخبير المختص في هذا المجال بأن التسجيل أو التصوير لم يتعرض للدبلجة، أو تقليد الأصوات، وبمعنى آخر أن القرص لم يتعرض للتلاعب في بياناته.

* الوجه الثاني: موقف قانون الإثبات اليمني من الإثبات بالقرص المضغوط

وفقًا لقانون الإثبات اليمني، فإن القرص المضغوط من القرائن التي أجاز القانون الاستدلال بها فيما يتعلق بالأموال، إما فيما يتعلق بالقصاص والحدود فقد منع القانون الاستدلال بها كدليل كامل، أما استعمالها في الإثبات في الحقوق والأموال، فقد أجاز القانون الاستدلال بالتسجيل المخزون في "السِّيدي"، حسبما ورد في المادة (155) إثبات، وبناءً على ذلك فقد استند الحكم محل تعليقنا على التسجيل الوارد في القرص المضغوط، وقد كان أهم دليل من أدلة إثبات واقعة هدم المنزل وإحراق أثاثه من قِبَل المتهمين، حيث تضمن "السيدي" تسجيلاً مفصلاً بالصوت والصورة لواقعة هدم المنزل وإحراق محتوياته، حيث ظهرت في التسجيل أصوات وصور المتهمين، والأفعال التي باشروها.

* الوجه الثالث: موقف الفقه العربي من الاستدلال بالقرص المضغوط

اختلف الفقه العربي في هذه المسألة على ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الأول: يذهب إلى أن التسجيل المخزون في القرص غير شرعي إذا تم من غير إذن النيابة العامة؛ لأنه تم تحصيله بصورة غير مشروعة، فلا يكون دليلاً معتبرًا إلا إذا كان بإذن الشخص الذي يتم تصويره أو تسجيله أو بإذن النيابة، والقضاء العربي لم يأخذ بهذا الدليل في قضايا كثيرة، أبرزها قضية التهريب المشهورة المسماة (قضية حمصي). الاتجاه الثاني: يجوز الاستدلال بهذه الوسيلة إذا فات إثبات الواقعة بغير هذه الوسيلة. في حين ذهب الاتجاه الثالث: إلى جواز الاستدلال بهذه الوسيلة؛ باعتبار التسجيل رصدًا وتسجيلاً للواقعة الإجرامية، خاصة إذا تم التثبت من عدم التلاعب في التسجيل ((حجية المستخرجات الصوتية والمرئية، نوف حسين العجارمة، صـ142))، والله أعلم. * صحيفة الأوراق العدد اكتوبر2021 

 

تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 23-إبريل-2024 الساعة: 09:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-25186.htm