- ضيعوا اصولهم الاصلية  للبحث عن اصول جديده

- ضيعوا اصولهم الاصلية للبحث عن اصول جديده
السبت, 05-مايو-2018
ريم الميع من الراي الكويتية -

ثمة مثل يقول: «من ضيّع أصله قال أنا...»، وهذا المثل يقال عند البدو بإضافة قبيلة تعد هي الأكبر بامتداداتها في الجزيرة العربية، وبالتالي يسهل الضياع وسطها. أما عند الحضر، فيقال المثل عن اسم عائلة عريقة لها امتداداتها خارجياً، وبالتالي تقل احتمالات نفي نسبه لهذه العائلة.


كان ذلك في الماضي عندما كان الشعب الكويتي «أهل قرية كل يعرف أخاه». أما اليوم، ومع تنامي المجتمع، أصبح من يضيّع أصله يبحث عن أصل يليق به أو بمعنى أدق يكمل جوانب النقص في شخصيته باسم رنان يمسح من خلاله ماضيه الذي تخللته فترات غير محمودة في ذاكرته كان فيها تابعاً أو على هامش مجتمع نخبوي لن ينتمي إليه مهما عاش وتعايش معه.


الباحثون عن أصول عريقة بالانتساب اسمياً إلى أسر عريقة لا ينتمون إليها، هم في العادة قادهم طموحهم إلى نجاحات محدودة لم يستثمروها لشعورهم الدائم بالدونية التاريخية، رغم تغيّر المجتمع وتغيّر نظرته وتقبله صعود الطبقة ما دون المتوسطة إلى ما فوق المتوسطة، لكن الذين أصبحوا أصحاب العوائل المستعارة، لا يرضيهم ذلك، أو لعله لا يملأ فجوة النقص التي تتسع في داخلهم كلما نجحوا أو تطوروا، فهم يريدون الانتقال من القاع إلى القمة بذكاء نسبي ونجاح نسبي في التعليم والوظائف العالية. استطاعوا الارتقاء بمستواهم والاندماج مع المجتمع بالتزاوج والتناسب عادة من أسر أفضل من أسرهم، سواء مادياً أم اجتماعياً، ثم عمدوا إلى إخفاء أسمائهم الوسطى التي تفضح عدم انتمائهم للاسم الأخير الذي اختاروه من باقي تفاصيل اسمهم، فأضافوا إليه ألفاً ولاماً تشبهاً بأسرة عريقة أو متنفذة. والبعض منهم كذب الكذبة وصدقها وراح يبحث في التاريخ، ومعظمهم تحمس فراح يغير اسمه على الوثائق الرسمية، فانقلب عليه المجن من المجتمع الذي قد يقبله باسمه القديم، لكنه لا يقبله باسمه الجديد لأنه باختصار لا يشبهه. أما من لم يغير اسمه، فواجه إشكالية انكشاف أمره وافتضاح أمره عندما وصل إلى وظيفة قيادية اضطر أن يعلن من خلالها اسمه على الأوراق الرسمية، والذي جاء مغايراً ومخالفاً لما عرف واشتهر به طيلة فترة تسلقه السلم حتى وصوله.


واليوم في الكويت، رغم صغرها النسبي مع استمرار نموها ثلاث نسخ على الأقل من كل أسرة مهما بلغ صغرها، لذلك أصبح السؤال الملازم لسؤال: «انت من ولده؟»، هو: «شيصير لك فلان؟»... والمصيبة أن الذي سيسألك وتجيبه ابن عمي من بعيد، سيسأل ابن عمك المزيف لاحقاً عنك، فيجيبه: «هذا مو تبعنا، هذا طرثوث» (والطرثوث لمن لا يعرفه هو نبات طفيلي ينبت عشوائياً في الصحراء). ومع انكشاف الظاهرة الطارئة في العشرين سنة الأخيرة، تزايد وعي المجتمع، فأصبحت نظرته لمن حقق نجاحات مادية ووظيفية، وهو ابن أسرة متواضعة تحمل من الاحترام الموازي للنظرة الدونية التي تعتبر كل النجاحات مزيفة لمن احترف التزوير في كل شيء، ابتداء من اسمه.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-إبريل-2024 الساعة: 12:51 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-22520.htm