- نجاة الحشاش هل نحن مفسدون أم مصلحون في الأرض؟
نجاة الحشاش

- نجاة الحشاش هل نحن مفسدون أم مصلحون في الأرض؟ نجاة الحشاش
السبت, 31-مارس-2018
أوراق_برس من صنعاء -

 هل نحن مفسدون أم مصلحون في الأرض؟


نجاة الحشاش    

تعالت في الأونة الأخيرة الأصوات المطالبة بمحاربة الفساد وملاحقة المفسدين. واستوقفتني كلمة الفساد، وأخذت أبحث عن معنى هذه الكلمة وتاريخ بداية الفساد في الأرض. وأعجبتني كثيراً التفاسير العديدة لمعنى كلمة الفساد، سواء في القرآن أو في اللغة العربية أو في المصطلحات العلمية أو المعاجم الانكليزية... 

الغالبية اعتبرت الفساد صفة لعمل غير شرعي وغير قانوني وغير أخلاقي، واعتبرت كل أنواع الفساد سواء السياسي أو الإداري أو المالي أو الديني أو المجتمعي أو القضائي، يشكل خطورة على المجتمع. نعم من يسيء استخدام السلطة والقوة السياسية لتحقيق مكاسب شخصية كمن يسيء استخدام وظيفته للتنفع الخاص وللرشاوى، مثله كمن اتخذ الدين ستارا لأهدافه ولأطماعه ولإرضاء ولاة أمره وجيّش الشباب تحت ستار الدين وشعارات الجهاد. أيضاً من يهدر خيرات الوطن ويهدم اقتصاده ويقوم بهدر وسرقة المال العام للتربح السريع، مثله مثل من ابتعد عن النزاهة والشفافية في القضاء... فحكم بالباطل ونصر الظالم على المظلوم لإرضاء مسؤول أو لقبول رشوة. الحقيقة أن الفساد بكل أنواعه وأشكاله يشكل خطورة ليست فقط على المجتمع وإنما يهدد مستقبل وأمن البلد.

 كلمة الفساد ارتبطت بالانسان من قبل أن يستخلفه الله على الأرض... جاءت على لسان الملائكة ووصفت الانسان بالفساد وسفك الدماء، وذلك عندما قال الله سبحانه وتعالى للملائكة بأنه جاعل الإنسان خليفة في الأرض، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء في سورة البقرة الآية 30 «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ».

 ‮ ‬السؤال هنا منذ خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وإلى يومنا هذا، هل فعلاً تحقق توقع الملائكة بأن الإنسان سيفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ وعندما نسأل أنفسنا، هل نحن مفسدون أم مصلحون في الأرض؟ وعندما أقول الأرض، فهي تعني الوطن والعمل والمنزل والمجتمع؟ 

عند الاجابة نستطيع أن نعرف مسارنا، هل هو باتجاه خير أم باتجاه الشر... لأن الشخص الفاسد ارتبط عمله بالشر، والشخص المصلح والمعمر بالأرض ارتبط عمله بالخير. نحن هنا اذن أمام صراع أزلي ما بين الخير والشر... ما بين الشيطان والانسان. الصراع الأزلي ما بين الشيطان والانسان بدأ حين توعّد الشيطان بني آدم وأقسم بعزة الله ليغوينهم، كما جاء في سورة الحجر الآية 40 «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» وما بين الانسان المخلص لدينه ولوطنه. هذا الصراع نحن من سيحسم نتيجة من سيفوز الخير أم الشر.

 إن المطالبة بمحاسبة الفساد وملاحقة المفسدين ليست مرتبطة بمسؤول أو حاكم أو صاحب سلطة وإنما مرتبطة بالدرجة الأولى بمحاسبة أنفسنا! قبل أن نتذمر ونكثر الشكوى يجب أن نعترف بأننا كلنا جميعا مسؤولون ومحاسبون... الفرد مثله مثل الحاكم، الكل سيقف أمام الله ويحاسبه على الأمانة التي استخلفه الله عليها في الأرض. الموظف البسيط سيحاسب، والوزير سيحاسب، لذلك فلنصلح أنفسنا فسيصلح مجتمعنا، لأن للفساد أدوات شيطانية تحرك هوى أصحابها نحو الدمار والشر وتجب محاربة هوى النفس كما أمرنا الله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف الآية 85 «وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». 

وأيضا الصلاح والاعمار أدوات خير وأمانة ربانية يجب أن نسعى الى تحقيقها لكسب رضى الله ولاصلاح المجتمع، ففي سورة هود الآية 61 «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها»، والله سبحانه وتعالى عندما أمر الانسان بأن يعمر الأرض سخر له الأرض والسماء لينعم من خيراتهما وأنعم عليه بنعمة العقل والقدرة العقلية الجبارة التي يستطيع بها أن يستثمر ثروات الكون لمصلحة الانسانية والبشرية ولأنهم مصلحون فلهم كرامة عن الله سبحانه وتعالى فلا يهلك الله القرى الظالمة وأهلها مصلحون في سورة هود الآية 117 قال تعالى «وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ».

‮ ‮«اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَة لِي مِنْ كُل شَر».
تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-إبريل-2024 الساعة: 08:37 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-22341.htm