- الاء السعودي تكتب اوقات متأزمة في الشارع السعودي والمملكة متورطة في نزاعات اليمن وسوريا والعراق وقطر

- الاء السعودي تكتب اوقات متأزمة في الشارع السعودي والمملكة متورطة في نزاعات اليمن وسوريا والعراق وقطر
الخميس, 08-فبراير-2018
من صحيفة الاوراق العدد السادس -

الاء السعودي


اوقات متأزمة يمر بها الشارع السعودي منذ ان اعلن الملك سلمان عن استلام نجله الامير محمد بن سلمان ولاية العهد منذ يونيو 2017، وذلك بعد ان اعفى الملك سلمان بن عبد العزيز ابن اخيه ووزير الداخلية السابق الأمير محمد بن نايف من جميع مناصبه والتي من ضمنها كانت ولاية العهد، الامر لم يكن مفاجئا او اثار الدهشة بالنسبة للمحللين والمراقبين، بل ان الامر المثير للدهشة كان سرعة وصول الامير محمد بن سلمان للمنصب في فترة لم يسبق وان شهدتها الاسرة الحاكمة في السعودية، الامير واجه الكثير من التحديات منذ ان عينه والده الملك سلمان بن عبد العزيز منذ يناير 2015 وزيرًا للدفاع، ووليا للعهد في أكثر دول العالم اقتصادا واكبر إنتاجًا للنفط، ناصبا امام عينيه انجاز الكثير من الخطط في سبيل الانفتاح الاكثر على العالم ووضع المملكة في مقدمة الدول البارزة على اختلاف الاصعدة والمجالات في منطقة الشرق الاوسط، وذلك كان من خلال السعي الى كسر بعض من القيود والموروثات التي لطالما كان يعتبرها الشعب السعودي مسلمات ومقدسات يجب الا تمس وخطوط حمراء يجب الا تتجاوز او حتى ان يتم القفز من فوقها.


 ولكن يجب الاخذ بعين الاعتبار ان خطط الامير الشاب قد ساهمت في تنامي وتصاعد الخلافات مع بعض خصومه بالمنطقة، الامر الذي احدث حالة من التوتر والقلق بعلاقات المملكة السياسية الداخلية والخارجية، خصوصا انالمملكة أصبحت متورطة في سلسلة من النزاعات في عدة جبهات منها السورية، اليمنية، العراقية، والقطرية ايضا، وقد اعطى مؤشرا واضحا على ان العلاقات الخارجية بين خصومه قد تشهد مزيدا من التصعيد، والمقصود بالخصم تحديدا هنا هي “ايران”، على الرغم من أن الصراع بين السعودية وإيران يرتدي ثوبا مذهبيا، وقناعا طائفيا، إلا أن ما تحت الثوب والقناع يبدو أخطر بكثير، فقد كان تصريح الامير محمد بن سلمان الشهر المنصرم عن إنعدام امكانية إقامة علاقات طبيعية بين المملكة السعودية وإيران، ورأيه على أن السعودية لن تسمح بأن تلسعها إيران مجددا، تصعيدا غير مسبوق في الموقف السعودي الايراني، وانذر بتصاعد وتنامي الصراع بين المحور السعودي والمحور الايراني في المنطقة، ومواقف البلدين صوب بعض القضايا الاقليمية خصوصا الملفين اليمني والسوري، مما اعطى مؤشرا على ان تنازل الملك سلمان اعن العرش لصالح نجله، سيصاعد من تنامي الحرب الباردة في الشرق الاوسط او كما تعرف ايضا بصراع إيران والسعودية بالوكالة، حيث تعيش العلاقات الإيرانية السعودية حقبة ربما تكون الأشد حلكة وسوادا منذ عقود، وتنذر الأوضاع الإقليمية والدولية بخروج الأمور عن إطارها السابق بإشعال حروب بالوكالة للفوز بالزعامة الإقليمية، وقد تتحول لحرب حقيقية ومواجهة مباشرة،.خصوصا في ظل الانتصارات التي حققها حلفاء طهران في سوريا والعراق. الامر الذي اجبر السلطات السعودية قبل عدة ايام على ارغام رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على تقديم استقالته من الرياض في سبيل ممارسة المزيد من الضغوط على جماعة حزب الله الحليف الاول في المنطقة لايران، اين هنالك سبب وحقيقة خفية اخرى تكمن خلف اجبار سعد الحريري الذي يحمل الجنسية السعودية كما والده على تقديم استقالته، وهو موقفه مما جرى في قطر، الامر الذي لم يكن محط ترحيب في السعودية، إذ أن المسؤولين السعوديين أبدوا امتعاضا من الكلام الذي أعلنه الحريري من الولايات المتحدة خلال لقائه أحد المسؤولين الأمريكيين حيث شدد على أنه على مسافة واحدة بين قطر والسعودية وبعد ان اكد الامير محمد بن سلمان ايضا خلال اليومين الماضيين تورط طهران في عدوان عسكري مباشر على المملكة عبر تزويدها الحوثيين بصواريخ باليستية استهدفت فيها مدينة العاصمة السعودية الرياض، ثم بعد ان تم استدعاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد دعوة عاجلة ومفاجئة من الملك سلمان في ما يعتقد لمناقشة الاتفاق الأخير بين الفصائل الفلسطينية حول اقتسام السلطة ولكن الحقيقة من هذا اللقاء كان من اجل الضغط على عباس بقبول خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بما في ذلك صفقة القرن لتحقيق السلام بين “إسرائيل” والفلسطينيين.


ايضا كان للأمير محمد دور في قيادة حملة دبلوماسية لعزل قطر والضغط عليها لعلى اعتبار ان قطر تدعم الإرهاب، وتميل إلى إيران، الأمر الذي بدا فيه سلفه بن نايف غير مؤيد لفكرة المقاطعة مع الدوحة، وكان ضد التصادم السعودي الايراني. وكانت دول عربية في مقدمتها السعودية، والإمارات والبحرين ومصر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت بوجهها سبل المواصلات البرية والجوية والبحرية، وطبقت حزمة عقوبات اقتصادية أيضًا.


هناك اعتقاد سائد في الاوساط السياسية، على ان العقل المدبر للحملة على قطر هو ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الذي يعتبر الحاكم الفعلي للإمارات ومحرك الكثير من القضايا هناك، وفي حال ان استلم بن سلمان العرش، وبالتنسيق الكامل مع محمد بن زايد الذين تربطهما علاقات شخصية وثيقة، من المرجح أن تستمر الأزمة الناشبة في علاقات البلدين مع قطر لفترة قادمة، خصوصا وانه ثمة تنسيق أمريكي سعودي حيال المرحلة المقبلة من اجل ممارسة المزيد من الضغوط على حزب الله. اضافة الى أن العقوبات الأمريكية على حزب الله ستدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل، فضلا عن أن لبنان مقبل على حرب اقتصادية قد تكون أشد وطأة من الحرب العسكرية خصوصا بعد ان منعت السعودية ودول خليج اخرى مواطنيها من السفر الى لبنان او حث رعاياها على مغادرة الاراضي اللبنانية فورا!!


على الصعيد الداخلي والمحلي، فان خطط الامير محمد بن سلمان المرتقبة والتي اخذت بالفعل حيز التطبيق والتنفيذ قد ساهمت باعادة هيكلة للكثير من القطاعات في المملكة، الامر الذي جعل نجم الأمير محمد بن سلمان يتوهج جاعلا منه احد اهم الوجوه السياسية في بلاده، ابرز تلك الخطط التي تم تنفيذها، كان بتشكيل هيئة مكافحة الفساد التي ترأسها الامير محمد بن سلمان، والتي اسفرت عن عمليات اعتقال والقاء القبض على إحدى عشر أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين في حركة تطهير شملت النخبة على صعيدي السياسة والأعمال، كما ان رؤية الامير لمستقبل بلاده ورغبته في التغيير، كلاهما قد حظى باهتمام وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية على حد سواء، مما جعل صحيفة اندبندت البريطانية تصفه كأقوى رجل سياسي في الشرق الاوسط. وكما نعرف جميعا ان اولى هذه الخطط المرتقبة بل وابرزها هي خطة 2030، والتي تهدف لإحداث ثورة في الاقتصاد السعودي بإنهاء اعتماده على النفط، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، ويتضمن البرنامج أيضا إنشاء مدينة إعلامية سعودية، وتطوير السياحة، وإنشاء مجمعات تتيح للنساء مزاولة النشاطات الرياضية، وخصخصة خدمات البريد.


كذلك استلام الامير محمد بن سلمان للعرش السعودي سيساهم بتغيرات واصلاحات كبيرة جدا على الصعيد الاجتماعي في المملكة خصوصا فيما يتعلق بملف المراة السعودية، التي هي متأخرة زمنيا عن ما تعيشه مثيلاتها في دول اخرى، فالامير محمد بن سلمان يعتبر مناوئا للجماعات الوهابية التي سيطرت على الحياة السعودية فيما يزيد عن السبعة عقود، خصوصا بعد سماح للمراة السعودية بالقيادة، وتصويت مجلس الشورى على قرار يتيح للمرأة إصدار فتاوى، وايضا السماح للمرأة بحضور في مدرجات ملاعب كرة القدم، الأمر الذي شكّل حدثا واحدث شرخا في الشارع السعودي بين مؤيد ومعارض في مملكة لطالما وصفت بالانغلاق وتقوقع سكانها على انفسهم وحساسيتهم تجاه العديد من القضايا خصوصا فيما يتعلق بملف المراة.


كذلك يمكن ان يحدث استلام الامير محمد بن سلمان العرش، ثورة هائلة في المملكة على صعيد السياحية وقطاع الضيافة، خصوصا بعد ان دشنت المملكة السعودية خلال الاسابيع المنصرمة مشروعا سياحيا ضخما وهو مشروع البحر الاحمر، الذي يهدف إلى تحويل خمسين جزيرة وسلسلة مواقع أخرى تقبع على ساحل البحر الأحمر إلى منتجعات فاخرة وفنادق رفيعة المستوى. حيث سيشكل المشروع وجهة ساحلية رائدة تتربع على عدد من الجزر البكر في البحر الأحمر، هذا غير مشروع مدينة نيوم، الذي وصف باضخم مشروع مرتقب في الشرق الاوسط بل والعالم ايضا، الامر الذي سيدفع الشركات العالمية على الاستثمار داخل اراض المملكة السعودية، حيث تعد المملكة “أرضا خصبة وآمنة” للاستثمار وتحقيق الربح، الخطة التي وصفها الاميرمحمد بن سلمان  في مقابلة مع رويترز، على “انها ستكون اول مدينة رأسمالية في العالم، هذا هو الشيء الفريد الذي سيحدث ثورة”، مضيفا: ” لن تدرج في الأسواق حتى تختمر الفكرة بشكل كاف، قد يكون الإدراج بعد 2030، وقد يكون قبل، لكن الفكرة الاستراتيجية هي أن يتم طرحها في نهاية المطاف”.، بالاضافة الى مشروع محطة قطار الحرمين السريع الذي تم تدشينه بالفعل، وسعي المملكة في ظل حكم الملك المرتقب، لاقامة اكبر متحف اسلامي في العالم، ومضاعفة تسجيل المواقع الاثرية السعودية في اليونيسكو، خصوصا وان المملكة “قبلة المسلمين”، وهي ارض الحرمين والبلد الاسلامي الابرز والاهم في العالم كما صرح الامير محمد بن سلمان في احدى مقابلاته لدى قناة العربية. كما ان المملكة ستسعى الى تقديم  “الجرين كارد ” أو الكارت الأخضر وهي شبه إقامة للجنسيات الأخرى لتكون وافدا، والتي سيتم اصدراها خلال خمس سنوات، وهو في وقت يكون في الامير محمد بن سلمان ملكا فعليا للملكة العربية السعودية، فكرة الجرين كارد تهدف الى توفير حياة رغدة للعمالة الوافدة من حيث منح الإقامة في المملكة العربية السعودية كما هو الحال مع الولايات المتحدة الامريكية، ولكنها لا تعطي الجنسية السعودية لحامليها.


كل تلك الامور قد جعلتنا نقف ونتساءل، هل سيؤول استلام محمد بن سلمان زمام السلطة وجلوسه على العرش السعودي في جعل الاوضاع افضل مما عليه الان ام ان للاقدار شروط اخرى، سنقف ونرى ونشاهد بصمت.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 04:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-22192.htm