-  مآسي العصر.. وحديث صالح!

- مآسي العصر.. وحديث صالح!
الجمعة, 19-فبراير-2016

 مآسي العصر.. وحديث صالح! محمود الطاهر أنبرى الرئيس اليمني السابق ليلة الخميس على قناة اليمن اليوم التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام (أكبر اﻷحزاب السياسية في البلاد) الذي يترأسه، مخاطبًا الشعب اليمني الذي بات ضحية الحرب العبثية التي تدور هناك. كلمات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ليست من فراغ.. تحدث عن أرقام ورؤوس أقلام هي عبارة عن رسائل ذات أبعاد سياسية وخطيرة جدًا.. وقليل ما يظهر الرجل على اﻹعلام ليتحدث ويرسل رسائل يعرف المتابعين والعارفين وأهل السياسة أن ورائها أمر جلل قد يحدث، كما في الفترات السابقة، حين نصح بعض دول التحالف بالانسحاب فجاء التفسير بعدها بـ48 ساعة، تعمدت وسائل اﻹعلام غض البصر عنها. لست معني بالحديث عن تفاصيل خطاباته السابقة ﻷسباب أتحفظ عن ذكرها، بقدر اهتمامي بالخطاب اﻷخير له ولما وجدت فيه من رسائل سياسية وحربية خطيرة وإنذار للدول المتحالفة مع السعودية. يقول البعض أو المناؤين له الذي يطلق هو عليهم "المنتفعين" أنه كان هزيلا شاحبًا متخوفًا، وهذا إفلاس منهم ولفكرهم اعتبره أنا ذلك لكونهم لم يقرأوا ثنايا خطابه ويدرسونها ويفهمونها بإتقان، أو ربما عميت أبصارهم فهم لا يبصرون، أو أنزل الله على قلوبهم غشاوة ومسح عقولهم فهم لا يعقلون. كلمة صالح هذه المرة كانت غير سابقاتها عندما كان يتحدث على أمل الحوار والحل لتجنب المزيد من إزهاق الدم البشري اليمني، لكنه تحدث هذه المرة كالرجل المحارب المؤمن بالقضاء والقدر. تحدث بكلمات كأنه يتربع على أجهزة المخابرات العالمية، وأورد أرقاما وأحاديث لا يعلمها غالبية دول التحالف السعودي سوى داخل اﻷسرة التي دعت لذلك التحالف. حذر مصر وكأنه يريد القول لها إن الشقيقة الكبرى تريد ممارسة دور (ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين).. لكن بلهجة عربية، وهذه المرة على ضريح جمال عبد الناصر الذي عمل المستحيل من أجل ردع التوسع اﻹيراني والوهابي على حساب القومية العربية. يريد القول إن الجيش المصري له حائط صد أخير بعد أن تهالكت معظم الجيوش العربية بفضل العواصف الرملية المحملة بداء تدمير الجيوش العربية، وأن هذا الحائط هو الجيش العربي السوري(....) همس أيضًا للجيش الملكي اﻷردني وكأنه يريد القول له إنك ضمن المخطط، ولدي معلومات استخباراتية وضحت لي ذلك، ولا تنسى أنك هاشميًا سيظنك اﻷخيرين أنك محسوبًا على إيران! لم يتحدث هذه المرة عن حوار مع الحكومة أو مع السعودية، اعتقد أن ذلك لم يعد مجديًا بعد أن نفذ كل محاولاته من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من اليمن. الكارثة أنه أعلن استعداده للحرب لمدة 11 عامًا، وهل يمكن أن يتحمل الشعب العربي اليمني ذلك، وهل يمكن أن تبقى الدول العربية تنظر إلى اليمنيين يموتون تحت تجربة السلاح الجديد.. وهل للسعودية نفسًا تستطيع أن تحارب هذه الفترة كلها، مع توسعها في الشام ﻹزاحة بشار اﻷسد بالقوة المفرطة! أنا لا أعتقد أن اﻷمور ستطول إلى هذه المرحلة، فقد سبق لي وأن كتبت عن ذلك وما زلت عند رأي أن هناك ثلاثة سيناريوهات لانتهاء الحرب في اليمن. وهي: إما أن تستمر الحرب لفترة طويلة، وقد يحدث هناك توحيد بشكل كامل للجبهات الداخلية في اليمن ومنها الجيش بكل فئاته، ويستخدمون حرب استنزاف ضد السعودية، وقد ينتهي بكارثة لا يحمد عقباها. السيناريو الثاني: قد تستمر ضربات التحالف تحت صمت دولي رهيب، وهو ما قد يثير أطراف في المنطقة ينتج عنها ثورات طائفية ينتهي إلى تقسيم اليمن والسعودية وجزء من المنطقة على أساس طائفي ومناطقي، تتويجا لخطة الشرق الأوسط الجديد. أما السيناريو الثالث، إن وجد هناك عقلاء في الوطن العربي وخصوصًا اليمن والسعودية، واللجوء إلى طاولة واحدة يجتمع عليها كافة أطراف النزاع دون استثناء، والاتفاق على مجلس رئاسي من كافة أطراف النزاع يكون من مهمته الدعوة إلى انتخابات رئاسية، ويبدوا إن هذا السيناريو يبتعد رويدًا رويدا.. لا سيما مع التوتر الحاصل الآن في المنقطة واعتزام السعودية محاربة الجيش السوري تحت ذريعة قتال ما تسمى الدولة اﻹسلامية. وفي كل اﻷحوال، فإن ما يجري حاليًا في اليمن أو سوريا أو في وطننا العربي الحبيب الجريح، هو تخطيط مسبق لأجهزة المخابرات الغربية التي تسعى لأن تعيد خارطة الشرق الأوسط من جديد من خلال بناء دويلات عدة في المنطقة على أساس مذهبية وطائفية ودينية، بعد تدمير الجيوش العربية واحدًا بعد آخر.. بدأت في اليمن بالتعاون مع الحوثيين والسعودية، بعد أن استطاعت أن تدمر الجيش اليمني عن طريق الإخوان المسلمين، والرئيس اليمني المستقيل عبده ربه منصور هادي. وذلك المخطط وصية أول رئيس وزراء إسرائيلي دافيد بن غوريون حين قال: قوتنا ليست في سلاحنا النووي.. قوتنا في تفتيت ثلاث دول حولنا العراق وسوريا ومصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية.. ونجاحنا في هذا اﻷمر لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف اﻵخر (العرب). العراق.ز اجتمعت بعض دول الخليج لتدمير جيشه بعد أن عجزت فارس لثمان سنوات، وقد فعلت، واستبدل مكانه جيشًا طائفيًا.. واليمن تم هيكلة الجيش بعد أن سلمه صالح في 2012، وكانت النتيجة التي نراها اليوم، وعن ليبيا ماذا نتحدث. وبعد ذلك سوريا.. ثم ماذا بعد؟ هذا جزًا يسيرًا من مآسي العصر، تحتاج إلى تحليلات وشرح لتفسير ما يحدث وما سيحدث، وقبل ذلك يبدوا أن الوضع الداخلي اليمني مقبل على تصعيد غير مسبوق، وحديث صالح اﻷخير لا يذهب بعيدًا عن ذلك. shalfi4@gmail.com كاتب ومحلل سياسي يمني مقيم في القاهرة

تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 07:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-16449.htm