- أحسن رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، صنعاً، حينما أصدر أمراً حاسماً بإيقاف العمل باتفاقيات الاصطياد في المياه الإقليمية

- أحسن رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، صنعاً، حينما أصدر أمراً حاسماً بإيقاف العمل باتفاقيات الاصطياد في المياه الإقليمية
الإثنين, 08-إبريل-2013
كتب: ياسين التميمي: -

أحسن رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، صنعاً، حينما أصدر أمراً حاسماً بإيقاف العمل باتفاقيات الاصطياد في المياه الإقليمية، فهذه الاتفاقيات هي التي ذبحت الاقتصاد اليمني، في احتياطه الاستراتيجي(الثروة السمكية) من الوريد إلى الوريد، وكان لها دور بارز في تأزيم المشهد السياسي، ووفرت سبباً وجيهاً لانطلاق الحراك الذي ما كنا نضن أنه يتحرك، وهو الحراك التهامي.

وإذا كان قرار الرئيس قد حركته الاتفاقية المشبوهة التي أبرمتها وزارة الثروة السمكية، مع المستثمر باقيس، فإنه يحسن أن نتناول الموضوع بصورته الشاملة، ذلك أن النظام السابق كان قد حول بحري اليمن الواسعين( البحر الأحمر وخليج عدن)، إلى إقطاعية، يتحكم فيها أفراد معدودون، فتضاءل مردود الإنتاج السمكي على كثرته إلى أدنى المستويات، لسبب بسيط هو أن العائدات لم تكن تذهب إلى الخزينة العامة بل إلى جيوب النافذين المرتبطين بالنظام السابق.

وتكمن أهمية الثروة البحرية أنها مثلت الاحتياطي الاستراتيجي للاقتصاد اليمني المنهك.. فعندما توالت الأزمات الأساسية خلال العقدين الماضيين من عمر الوحدة اليمنية المغدورة، أثرت بشكل كبير على العديد من القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها قطاع الاستثمار وقطاع السياحة، وغيرها من القطاعات التي تستدعي بالضرورة مناخاً سياسياً مواتياً.

لم يكن يتبقى لدى اليمنيين سوى قطاع الإنتاج السمكي، وهو قطاع فضاؤه البحر الواسع الذي لا يتحكم فيه مختطفو السياح، ولا أصحاب القطاعات في الطرق البرية التي تربط العاصمة ببقية المحافظات، لكن الذي حدث هو أن النظام السابق رهن البحر بكل ثرواته للمنتفعين من حوله، وهم مجموعة من قُطّاع الأرزاق، فكانت الاتفاقيات النمطية تصرف لهؤلاء النافذين، فيقومون بعقد مقاولات من الباطن مع قوارب الاصطياد الأجنبية التي تقوم بدورها بالاصطياد خارج الرقابة البحرية، فتعيث في البحر فساداً: تجرف وتتلف الثروة السمكية، وتدمر الموارد البحرية وخصوصاً الشعاب المرجانية.

ما كان يبدو قانونياً في الظاهر كان يتحول في الممارسة العملية إلى عمليات تدمير ممنهجة لثروات اليمن البحرية، كان بطلها الوحيد هو فساد السلطة، والبرنامج العتيد للتوريث والتأبيد، الذي عطل مفاعيل الدولة والحكومة، وتحكم بمفاصل القرار ورهن حاضر ومستقبل اليمن للفساد والمفسدين.

وبعد الثورة الشبابية الشعبية المباركة، والتي انتهت إلى تسوية سياسية، أبقت الباب مشرعاً للفساد والمفسدين، يأتي الوزير الحالي ليرتكب هذه المخالفة الكارثية، بتوقيع اتفاقية مع أحد المستثمرين، الذي يملك نحو (10) قوارب لاصطياد الأحياء البحرية، وبالأخص الجمبري، معظمها في البحر الأحمر.

يقول مصدر موثوق في وزارة الثروة السمكية، إن الاتفاقية التي أبرمتها الوزارة في يناير 2012، مع المستثمر باقيس، مخالفة لقانون الاصطياد الذي صدر عام 2006، وجاءت نتيجة عملية فساد واضحة.

ويضيف المصدر، إن الاتفاقية اكتفت بفرض مبلغ (8) آلاف دولار لكل رحلة قارب صيد، بغض النظر عن الكمية التي يصطادها القارب، إذ بإمكان القارب أن يصطاد ما بين 40-50 طن، علماً بأن سعر الطن الواحد من الجمبري في السوق الدولية يتراوح من بين 12-15 ألف دولار. في حين أن القانون يلزم بأن يتم تقاضي 30 بالمائة عن كل رحلة لقارب يصطاد الجمبري، و20 بالمائة عن كل رحلة قارب يصطاد أسماك.

لكن الأسوأ في هذه المسألة، وفقاً للمصدر العليم، في وزارة الثروة السمكية، هو أن هذا المستثمر كان مدين لوزارة الثروة السمكية بنحو (400) ألف دولار عام 1999م، ، وتحول إلى دائن للوزارة بنحو (3) ملايين دولار، وقررت الوزارة في عهد الوزير الحالي السقطري، تسديدها للمستثمر باقيس على شكل اتفاقية تمنحه فرصة إنجاز (150) رحلة اصطياد تمتد عبر ثلاث سنوات، أي بواقع (50) رحلة اصطياد في الموسم.

وهذا يعني أننا أمام فساد مركب لا يمكن القبول به، وكان يستدعي بالفعل التحرك من قبل الصيادين في محافظة تهامة، ويستدعي إجراءات عاجلة وسريعة لتصحيح الأوضاع في وزارة الثروة السمكية، والقيام بمراجعة السيرة الذاتية لقيادات الوزارة الذين صعدوا إلى مناصبهم الحالية بسرعة الصاروخ، ولم يكن لهم من مؤهلات حقيقية سوى الوساطة والمحسوبية، وإذا لم تتخذ هذه الإجراءات فإن هذا النوع من الممارسات الفاسدة سوف تستمر للأسف الشديد.

لقد أطلق الرئيس إشارة البدء وعلى الحكومة أن لا تكتفي فقط بإيقاف الاتفاقيات، بل بإيقاف الفاسدين الذين أبرموا هذه الاتفاقيات، ومحاسبتهم ومساءلتهم على الدوافع وراء الوقوع في هذه الأخطاء الكارثية التي أباحت المال العام وأهدرت الإمكانيات الوطنية.

وإذا لم تفعل الحكومة ذلك فسوف تصبح هي راعية الفساد والإفساد، وحينها سيلعنها الله والناس الذين استبدت بهم قسوة الحياة، وتقطعت بهم السبل وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وتُخطفوا في البلدان، وطُوردوا في الحدود.

تمت طباعة الخبر في: السبت, 01-يونيو-2024 الساعة: 08:11 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-1322.htm