- الأصدقاء المنتقمون

- الأصدقاء المنتقمون
الأحد, 04-يناير-2015
الكاتب: سارة مطر -

 تعرضت قبل عام تقريباً لتجربة سيئة مع صديقة، بدت لي في أول الأمر، أنها امرأة مكتظة بالحوارات والمماطلات وفضاءات الهروب للسيرك ومقاهي المدينة، من خلالها تعلمت أن الخيانة ليست مجرد أن تسرق إحداهن زوجك أو من يمتلك قلبك، الخيانة تأخذ منحى آخر واتجاهات أخرى، الخيانة التي أقصدها أن يفهم البعض وجعك ويبدأ في الضغط عليه بقصد إيذاء مشاعرك، وبقصد أن تتألم وأن تظل تشعر بقسوة ومرارة الألم طوال الوقت، وهذا ما تعرضت لهُ، لكني أبقيت على الصداقة، فقط لأثبت للصديقة أن الإنسان عبارة عن مجموعة من الأخلاق، وكنت قد أخذت كامل احتياطاتي في الدفاع عن نفسي، وفي إعادة تقييمي لكل الأمور التي تحيط بي، وفي البحث عن سد كل الثغرات التي ظهرت بعفوية أمام الصديقة.


لكن الصديقة التي لم تكن طيبة، وكانت تظن أنها أذكى من الجميع، قررت أن تسير في ذات الطريق، وبدأت في البحث ونخر كل الأوجاع التي كنت أعالجها لفترة طويلة، وطبعاً بالتأكيد كنت أتحين الفرصة لكي أتخذ قراراً جريئاً وأهرب من كل هذه الطقوس التي لا تلائم شخصيتي الواضحة والعفوية.

وحدث أن تركتها سريعاً دون أن أشعر بالذنب، ودون أن أشعر بالخيبة والملامة، ولكني بعد أن تركتها، عاد السلام إلى ذاتي، عدت إلى الطمأنينة الداخلية، نمت طويلاً دون منغصات، وبت لا أفكر فيما أقول أو ما لا أقوله أمام الآخرين، فالذي كان يوجعني قد رحل عن سماء حياتي، وذات مرة جلست في خلوة مع نفسي، وبدأت في إعادة ترتيب مشاعري تجاه الآخرين، وتجاه سارة، ووقفت طويلاً أمام الصبر الذي عذبت نفسي فيه أمام الصديقة السيئة، استغربت كيف استطعت أن أتحامل على نفسي طيلة الأشهر التي أمضيتها وأنا أحاول أن أكبح جماح غضبي وثورتي ضدها، بينما كانت تستلذ بدفعي إلى الهاوية، وكأنها لا تعرف أنها تدفعني، استغربت لماذا نتأخر أحياناً في حماية أنفسنا من الآخرين، أو ممن نعتقد أنهم أصدقاء لنا، وعلينا أن نعطيهم عددا من الفرص لكي يتغيروا، لماذا لا نضع لأنفسنا الخيار الأول، لماذا نخشى من أقاويل الناس في حقنا بأننا مجرد أناس خلقوا لمحبة أنفسهم.

رحلت الصديقة بهدوء كبير، ودون أن تتفوه بكلمة، أو حتى أن تسمح لي بسماع صوته الثقيل، وبقيت وحيدة أعاود كل يوم ترتيب حياتي كما يجب، وطريقة ارتباطي بالصديقات من جديد، دون أن أشعر بأي خزي أو ألم بأنه في يوم ما، كان هناك ثمة خطأ في حياتي بسبب هذه الصديقة، إن ما حدث لي أجده أمراً طبيعياً للغاية، فمن الممكن أن يمر به الآلاف غيري، وربما أختي الكبرى قد مرت به، ابنة الجيران، زميلات عملي، سائقي الطيب، طبيب الأسنان الخاص بي، هذه التجربة ليست حكراً على نموذج إنساني معين، إنما هي تجربة عامة، وحينما أتحدث عن تجربة ربما يجدها البعض "عادية"، لكن الحقيقة أنه بمجرد إعلانك عنها أمام نفسك والملأ، فإنك بذلك تصفح عن نفسك، تصفح خطأها في عدم اتخاذك القرار أسرع مما كنت عليه، وربما أحياناً تلوم نفسك لأنك دفعت نفسك للمرارة ولحمل بعض الأثقال، أتفق معكم أن الصداقة جميلة، كقهوة الصباح في مدينة تمطر في الساعة الرابعة بعد العصر، وكثيراً ما نمر في حالة من الغضب حينما لا نختار صديقاً جيداً، ولكن هذه هي الحياة، من يظن أن العشرة ستارة الغفران فهو مخطئ، لا يمكن أن تدفع روابط العشرة من أنك تزيح من يحاول أن يسيء لها من خارج حياتك.

عايشت الكثير من الفتيات بحكم جنسي، وكنت أشعر بالشفقة على مشاعرهن حينما يفقدن إحدى صديقاتهن، يدخلن في حزن عميق وطويل، يشعرن بأن الصداقة أهم ما في هذا الكون، أهم من المستقبل الجميل، وأهم من ذواتهن النقية، وكنت أشعر بذلك الحزن الظاهر وهن يبحثن عن سبب لهدم العلاقة بينهن وبين الفتاة الأخرى، وكنت أقول إن الكثيرات من الفتيات بحاجة إلى الدعم النفسي وتعزيز قدراتهن الداخلية حتى لا ينكسرن من قبل الأطراف الأخرى.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 05:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-10792.htm