- كاتبة مصرية تنتقدأراب أيدول اقرا ماذا قالت..

- كاتبة مصرية تنتقدأراب أيدول اقرا ماذا قالت..
السبت, 03-يناير-2015
بقلم حنان شومان -

 انطلقت الأضواء، وراحت الأوراق الذهبية والفضية تسقط على الجميع، وانطلقت الصرخات والدموع والضحكات على المسرح وأمام الكاميرات، وزغرد البعض على مقاعد المقاهي، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتبريكات والدعاء والفرحة والفخر، هكذا كان حال كثير من أقطار العرب ليلة ختام برنامج مسابقات غنائي وهو أراب أيدول، وهو نفس ما يحدث عند ختام كل برنامج مسابقات عربي لا يتعدى كونه عرضا لبعض مواهب ما بين غناء أو رقص أو أكروبات أو عزف أحياناً، ومثل هذه البرامج التي يطلق عليها فورمات تحصل عليها المحطات من أصحابها في الغرب، وكلها برامج مستوردة مثل ستار أكاديمي، وهيا بنا نرقص وآراب جوت تالينت وغيرها، تحظى عموما باهتمام من الجماهير سواء في الغرب أو في الشرق، ففكرة التسابق تمنح المشاهد روح المغامرة والترقب، وفي العموم هي وسيلة من وسائل ظهور المواهب في زمن مزدحم بالوسائل الإعلامية للظهور وبالبشر، هذا فيما يخص هذه البرامج بشكل عام وخاصة في الغرب، ولكن تعالوا لنرى ما الذي فعله العرب بهذه البرامج المستوردة، وما أضافته لهم قبل أن نطلق حكماً هنا أو هناك.


تقدم محطات الغرب كل أنواع الإعلام، وبالتالي كل أنواع البرامج من سياسة، لعلم، لفن، لنميمة، لثقافة وبالتالي فظهور مثل هذه البرامج يأتي في إطار منظومة متكاملة لمجتمعات متعلمة، وتهتم بالمنافسة في كافة المجالات، أما في مجتمعاتنا العربية فهذه البرامج تأتي في حالة بائسة يائسة للمنطقة في كافة المجالات السياسية والفنية والعلمية والاقتصادية والثقافية، وحالة عامة من البؤس والفقر والضحالة الإعلامية، وبالتالي فهي تزيد من هذه الحالة، وهي في ذات الوقت تؤصل لهذه الحالة وتشرحها، فأغلب هذه البرامج إن لم يكن جميعها هي مسابقات فاسدة يخرج من يشاركون فيها بعد انتهائها ليحكوا عن التجاوزات والفساد في داخلها والضغوط، وغيرها من حكايات تضرب فكرة عدالة التسابق في مقتل، ثم إن هذه البرامج كثيرا ما تُستغل في إزكاء النعرات الوطنية التي تسببت في أوقات كثيرة بمشكلات تضيف للعرب مشكلات هم أكثر ما يكونون للاحتياج لها مع مشكلاتهم. ثم نأتي لجوهر هدف هذه البرامج وهو كشف المواهب ودفعها أمام الجمهور، وطبعا المكسب المادي لصناعها وهو حق مشروع، أما الهدف الأول فهل يذكر أحد من الجمهور اسما أو إنجازا فنيا لاحقا لأي من المتسابقين الذين فازوا في هذه البرامج، لا أظن!

أما بالنسبة للمكسب المادي للمحطات الذي قلت إنه مشروع عن طريق الإعلانات أو ما شابه، فإنه يتحقق ولكن بالزيف ويدفعه المشاهدون عن طريق اتفاق بين شركات الاتصالات والمحطات واللعب على الحس الوطني، فصوّت لمواطنك لأنك تحب وطنك، وكأن حب الوطن والذود عنه يتحقق بـ "إس إم إس" وواحد يكسب مسابقة غناء.

كنت ومازلت وسأظل أؤكد على قيمة الفن في حياة الشعوب بأكثر مما نعي كعرب، ولكن هذه البرامج ليست هي الفن، ولو حتى كان بها بعض الفن، ويجب أن تكون جزءا من حياتنا وإحساسنا بالفخر للنصر، ولكن حين تنحصر فرحة العرب والسوريين وغيرهم بفرحة لفوز مغنّ بمسابقة، فما أبأسها من فرحة لو كانت هي كل ما نملكه من فرح دون أسباب أخرى.

نقلا عن الكويتية
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 08:28 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-10763.htm