- وأختم بالقول: ليدرك الجميع أننا في زمن لايقبل بأنصاف المواقف والخيارات المتعددة فإما أن نكون ديمقراطيين بكل ماتحمله الكلمة من معنى ونجسد ذلك في كل أقوالنا وأفعالنا.. وإما أن نكون ديكتاتوريين لانرى إلا أنفسنا وفي هذه الحالة يتوجب علينا أن نعلن توبتنا من ذنب الديمقراطية وآثام حرية الرأي والتعبير.

- وأختم بالقول: ليدرك الجميع أننا في زمن لايقبل بأنصاف المواقف والخيارات المتعددة فإما أن نكون ديمقراطيين بكل ماتحمله الكلمة من معنى ونجسد ذلك في كل أقوالنا وأفعالنا.. وإما أن نكون ديكتاتوريين لانرى إلا أنفسنا وفي هذه الحالة يتوجب علينا أن نعلن توبتنا من ذنب الديمقراطية وآثام حرية الرأي والتعبير.
الجمعة, 15-مارس-2013
نجلاء ناجي البعداني -

حتى الأمس القريب كانت الصحف الرسمية مقيدة وغير مسموح لها أن تتناول مساوئ النظام وتوجيه النقد لرئيس الدولة والحكومة وكبار المسؤولين مدنيين وعسكريين، حتى لو كان هذا النقد بناءً أو يهدف إلى تقويم الاعوجاج إلا في الحدود القصوى وبما يسمح به مقص الرقيب المكلف بمهمة قراءة السطور وعد الكلمات واستنباط مابين وخلف السطور في كل مقال ينشر باعتبار أن الصحف الرسمية هي لسان حال الحكومة ولايجوز للسان الحكومة أن ينتقد أداءها ويكشف مساوئها ويفضح فساد مسؤوليها.. وهذا ما أثر كثيراً على شعبية الصحف الرسمية وحشرها في زاوية بعيدة عن متناول يد القارئ.
صحيفة “الجمهورية” كانت واحدة من تلك الصحف التي خضعت للسياسة الإعلامية للدولة والتزمت بها.. أما اليوم فإن الوضع يختلف تماماً، وكانت صحيفة الجمهورية من الصحف الرسمية السباقة في فتح صفحاتها لجميع الآراء ولمختلف الاتجاهات وأعطت الحق لنقد الدولة وسياسة الحكومة ودون قيود.. ويعد هذا تحولاً رائعاً ويشكل تجربة رائدة في طريق تحرير الكلمة وإلغاء القيود المفروضة عليها وتجسيداً حقيقياً لحرية الرأي والتعبير.. ولم يكن يسعنا أمام هذه التجربة إلا أن ننحني إجلالاً لكل الزملاء القائمين عليها وعلى رأسهم الأستاذ سمير اليوسفي رئيس التحرير الذي تفاعل وتعامل مع المتغيرات السياسية كما يجب حين أتاح لجميع الآراء فرصة التواجد على صفحات جمهوريته.. وهذا مايريده القارئ، أن يجد مختلف الآراء والتوجهات الحزبية والأفكار المتصارعة في صحيفة واحدة.. غير أن هذه التجربة ومع الأسف بدأت بالانحسار والتراجع وبدأت تضيق من الرأي الآخر الذي لايتماشى مع الزخم الثوري وانفعالاته لدى بعض الزملاء. وقد ظهر ذلك جلياً من خلال مقص الرقيب الذي عاود نشاطه حين منح نفسه الحق في التدخل في آراء الكتّاب من حذف واجتزاء وتعديل لمقالات الرأي التي لاتروق له وتتناسب مع توجهاته وسياسته، لانقول الصحيفة وإنما بعض القائمين، في استهداف واضح لطرف سياسي معين. وهذا لايتوافق مع مبدأ الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير .. نعم أيها الزملاء مادمنا ارتضينا الديمقراطية وآمنا بحرية الرأي والتعبير والقبول بالآخر.. فلا يجب علينا أن نصادر حق الآخر في التعبير عن رأيه بكل صراحة لأن هذا حق من حقوقه التي يجب حمايتها وعدم المساس بها ولايجوز أيضاً منعه من الكتابة في صحيفة رسمية هي ملك للشعب, لأننا لو فعلنا ذلك فقد ارتكبنا جرماً في حقه وأسأنا إلى أنفسنا بهذا التصرف اللاديمقراطي.
ولهذا أقول: إن على الزملاء وهم أصحاب رأي، عليهم أن يؤمنوا بحق الآخر في التعبير عن رأيه مهما كان مغايراً لآرائهم ومتعارضاً مع توجهاتهم وأفكارهم وبغير ذلك تبقى ديمقراطيتنا منقوصة وحريتنا في التعبير غير مكتملة وآراؤنا مصادرة وكلماتنا مكبلة بقيود المصالح والارتهان الحزبي الذي يتحكم بتصرفاتنا تجاه الآخر.
وليلتمس لي العذر الأستاذ سمير اليوسفي الذي أكنّ له كل التقدير والاحترام إن خانني التعبير وأسأت اختيار الكلمات لأن دافعي الأول والأخير هو الحرص على أن تبقى صحيفة الجمهورية مساحة حرة لكل الأقلام وميداناً تعترك فيه جميع الآراء والأفكار دون تهميش أو إقصاء لأي طرف كان.. وإن كان ولابد من عودة مقص الرقيب فعليه أن يعمل بكل الاتجاهات ومع مختلف الآراء . فمن غير المنطق أن نكون ديمقراطيين نزعم أننا نؤمن بحق الآخر المختلف معنا ونقاتل من أجل أن يقول رأيه وفي نفس الوقت ديكتاتوريين لانؤمن إلا بحق أنفسنا ونعمل كل مايمكننا عمله لمصادرة حق الآخر وتغييب رأيه لا لشيء إلا كراهية في أنفسنا لذلك الآخر المختلف معنا.
وأختم بالقول: ليدرك الجميع أننا في زمن لايقبل بأنصاف المواقف والخيارات المتعددة فإما أن نكون ديمقراطيين بكل ماتحمله الكلمة من معنى ونجسد ذلك في كل أقوالنا وأفعالنا.. وإما أن نكون ديكتاتوريين لانرى إلا أنفسنا وفي هذه الحالة يتوجب علينا أن نعلن توبتنا من ذنب الديمقراطية وآثام حرية الرأي والتعبير.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 09:21 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-1046.htm