أوراق برس من صنعاء -
المحادثات الممددة تبحث عن ثغرة في الجدار المتصلب تسمح باختراق ولو في حدوده الأدنى، عند مستوى "هدنة إنسانية" من أسبوعين لإيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين الذين هم الآن في امس الحاجة إليها، بحسب الأمم المتحدة.
المواقف المتصلبة، بتعبير مراسل أخباري غربي في جنيف، هي السمة الأبرز. ولا يبدو أن الأمم المتحدة لديها الكثير لتقدمه خلال أولى فعاليات جولات مشاورات جنيف اليمنية، والتي لم تغب عنها أبداً التأثيرات المباشرة والسلبية غالباً للأطراف غير اليمنية.
خلال أيام ثلاثة من انطلاق المشاورات برعاية الأمم المتحدة، فإن الانجاز الوحيد، تقريباً، يتمثل في نجاح المبعوث الأممي والأمم المتحدة في التمديد يومين إضافيين للمحادثات التي كانت تنتهي الخميس. ويبحث ممثلو الأطراف القادمون من صنعاء والرياض، في كواليس جنيف عن أرضية مواتية للالتقاء على طاولة تفاوض واحدة بما يسمح للبدء في تفاوض فعلي لا مجرد مشاورات ميسرة من طرف ثالث.
التصريحات والمعطيات الخارجة من جلسات جنيف تكاد تجمع حول نقطة مركزية، وهي أن الاتفاق حول المبادئ العامة والأساسية بصدد بدء "محادثات سلام جادة"، تمثل عقبة كبيرة في الطريق إلى الهدف.
لم تخل تصريحات أعضاء في وفد صنعاء ومكوناته السياسية، من مسحة تفاؤل أو تحد لليأس وتعلق بالإصرار على الأمل بانتزاع هدنة انسانية للتخفيف من معاناة اليمنيين والحصار الذي يخنق السكان والأسواق والقطاعات الإنسانية كافة، فضلاً عن استمرار المعارك والضربات الجوية لطائرات العدوان.
ومع اشتراطات تعجيزية توضع في سبيل "هدنة انسانية" في أدنى صورها، فإن ممثلي القوى (وفد صنعاء) يبحثون عن وقف للعدوان الخارجي بصورة دائمة.
عضو وفد المؤتمر الشعبي العام، يحيى دويد، صرح لوكالة "سبوتنيك" الروسية يوم الخميس: "تم الاتفاق على تمديد المفاوضات إلى يوم السبت، وكان محدداً لها ان تنتهي الخميس.. أبرز الأفكار المطروحة، هي وقف العدوان الخارجي على اليمن، وإحياء العملية السياسية، وهدنة إنسانية طويلة الأمد، وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لليمنيين".
على مستوى هدنة انسانية، يرفض أمين عام حزب الإصلاح عبدالوهاب الآنسي "هدنة إنسانية غير مشروطة"، وشروطه حددها للشرق الأوسط السعودية بالانسحاب من المدن وعودة أو تمكين السلطة الشرعية أو من يتواجدون في الرياض (..) هذا شرط لهدنة انسانية من أسبوعين فقط. وحذر الأمم المتحدة ومجلس الأمن من "أي تهاون في عدم تطبيق الفصل السابع"، بل ابعد من هذا شدد على تطبيق القرار الدولي سلما أو حربا "بأية طريقة"!
وفي حسابه على تويتر، غرد القيادي المؤتمري وعضو الوفد ياسر العواضي، من جنيف: "نريد وقفا دائما للنار وهم يريدون هدنة، نريد حكومة في صنعاء ويريدونها في الرياض، نريد انسحابا لجميع المسلحين من كل المدن".
هذا بينما غارات العدوان التي تعاود القصف في العاصمة ومحافظات يمنية مختلفة مع دخول ثاني أيام شهر الصيام، تواصل تكبيد اليمنيين معاناة زائدة وتراكم أعداد القتلى خصوصا من الأطفال والنساء والمدنيين. ولا يسمح الحصار المشدد بدخول الأدوية والغذاء والأدوات الطبية والوقود، كما صرح لإذاعة الأمم المتحدة ممثل اليونيسيف في اليمن جوليان هارنيس:
"الوضع في اليمن مفجع. هناك صراع له تأثير مباشر على الأطفال الذين يقتلون ويصابون في القتال، كما أن البلاد معزولة، حيث لا تستطيع السفن التجارية الدخول إلى الميناء كما كانت الحال من قبل، وبالتالي فإن الوقود لا يدخل إلى البلاد، والأدوية لا تدخل إلى البلاد. إذا، يعاني الأطفال عبر إنحاء البلاد، أولا نتيجة الصراع، وأيضا بسبب الصعوبات الاقتصادية".
هارنيس المتواجد حاليا في صنعاء، طالب المجتمعين في جنيف، بشيئين، الأول "هدنة إنسانية للتمكن من مساعدة المتضررين".
لكن فريق هادي في الرياض ووفد الرياض، يرون أن الهدنة غير مجدية (..) إلا بشروط، كما قال الآنسي، مضيفا أن الهدنة الأولى أثبتت أنها لم تكن مجدية(..)
المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، أوضح أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن قد ارتفع بنسبة 17 في المائة منذ تصاعد الصراع في نهاية آذار /مارس. وأضاف للصحفيين في المقر الدائم:
"هناك الآن أكثر من 12.9 مليون شخص لا يحصلون على غذاء كاف، وهذا الرقم هو أعلى ب2.3 مليون من الرقم في شهر آذار/مارس. ويضم ستة ملايين شخص يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي – أي مليون شخص أكثر من عدد الأشخاص في شهر آذار/مارس. مستويات سوء التغذية الحاد آخذة في الارتفاع أيضا، حيث يلجأ كثير من الناس إلى تناول وجبات أقل يوميا، أو يستهلكون طعاما أرخص، وذا قيمة غذائية أقل."
دون الوصول إلى استئناف العملية السياسية متطلبات وأوليات كثيرة وكبيرة، تحول دونها الآن وإلى أن يتغير الحال؛ ظروف العدوان والتدخلات الخارجية والإملاءات والتهديد بالقوة علاوة على الاشتراطات المسبقة والتعجيزية في معظمها.
وعلى مضض من التفاؤل المصاب باليأس، فإن الخطوة الأولى، إلى الآن على الأقل، لم توضع في مكانها الصحيح بعد، في بداية طريق الألف ميل. بانتظار الجديد... فإن "لاجديد" هو الشيء الوحيد المتجدد هنا.. وهناك.
وكالة خبر