- هادي وصالح

- هادي وصالح
الخميس, 21-فبراير-2013
بقلم فارس السقاف -





[ ذهاب رأس النظام وبقاء النظام ليس صحيحاً؛ لأن رئيس النظام هو المنتج للنظام، وذهابه ذهاب لأتباعه ومنتجاته في النظام].                           
بعد مرور عامين على ثورة 11 فبراير: هل استطاعت الثورة إحداث التغيير المطلوب أم أنها في الطريق إلى ذلك؟! وهل يمكن القول بعد عام من انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي إنه في طريق التغيير الذي بدأ حتى نهايته فيما تبقى من الفترة الانتقالية؟!
لنضبط المصطلحات أولاً: هل الهدف من الثورة إسقاط النظام أم رأس النظام.. أم إحداث التغيير؟ وأي تغيير.. ما نوعه.. ومستواه.. ومداه؟!
من قال إن إسقاط رأس النظام هو منتهى الأرب وغاية الطلب؟ وإن كانت هي الخطوة الضرورية التي لابد منها قبل أن نمضي في التغيير المنشود، فإزهاق الباطل يكون أولاً، لكن لابد بعده من إقامة الحق، فنحن نحطم الطواغيت بنجاح.. ولكن قد لا ننجح في إقامة الحق.
 فالنجاح في إسقاط رأس النظام يستلزم عدم التوقف عن ذلك، بل المتابعة والاستمرار – تبعاً لذلك - في إسقاط (الملأ).. أي أدواته في المستويات الأخرى والمتمددين في مفاصل الدولة.. والملأ تعبير قرآني يعني الأدوات التي يكون الحاكم رهينتها.
القول بأن رأس السلطة سقط وتوارى إلى الكواليس ليبقى النظام هو المتحكم - أي أدواته - قول سطحي ظاهري؛ ذلك أن رأس النظام في بلداننا هو المتفرد المهيمن الزعيم الأوحد والكلي للسلطة، ويحتكر كل السلطات ويعلو فوق القانون.. وينهار النفوذ ونظامه الخاص وسلطاته وأدواتها حين يزول؛ لأنها تستمد حياتها ووجودها منه، فهو النظام والنظام هو. وبهذا المعنى فسقوط رأس النظام يعني سقوط النظام.
والقول بأن السلطات الجديدة تعيد إنتاج أدوات السلطة لتصبح القديم الجديد أو لتجسد مقولة «التاريخ يعيد نفسه» قول فيه استعجال في الاستنتاج؛ حيث إن الثورة لم تنته إلى الصيرورة الأخيرة.. (فالوداع المطول للبطريرك لا يعني عدم رحيله).
لازالت هناك أسئلة عميقة تتردد في أعماقنا وفي يومياتنا تزرع القلق وتشوش الرؤية:
- هل حصل تغيير حقاً؟ هل الثورة أعادت إنتاج السلطة؟ هل الثورة مختطفة ومغدورة؟ هل تقع اليمن تحت الوصاية؟ ولماذا يغيب المشروع الوطني الجامع الذي يمنع التدخلات؟.
- هل هي شكلية: تغيير الرئيس؟ وهل لازالت القبيلة متحكمة؟.
- هل فشلنا في إنتاج أدوات النظام الجديد؟ وهل دور الزمن في صالح معادلة التغيير والثورة؟.
الزمن هو المعادل الأهم في معادلة التغيير.. التغيير المختزل السريع، ونزع المستقر في عمق السياسة والمجتمع جيلاً من الزمن (33 عاماً) قد يؤدي إلى توكيد مشكلة خفية مع الظاهر منها، فإحساسها بالخطر يستجمع قوتها وتندفع بنشاطها لتعويق التغيير.
بقاء النظام القديم وتفكيكه من الأدنى إلى الأعلى أو حتى بسحب عناصر من قوته، هذا التفكيك ينزع النظام من جذوره بعد أن يستهلك مصادر شرعيته (التقليدية والحديثة) التي اصطنعها لنفسه، وما نلمسه من تفكك الحزب والأسرة أخيراً لا يعني أن الثورة خططت لذلك ولكنها ربما ظروف وطبيعة الحالة اليمنية التي سارت وفق مبادرة اقتضت بقاء أطراف من النظام السابق، لكنها انتقلت إلى صف الثورة وانفصلت عنه بفعل ثوري، ومثلت قوة إضافية أسهمت في إزاحة النظام، لكن هذا لا يعطيها الحق في التسلط والتزعم للعهد الجديد بل التهيئة للقيادات الجديدة والشابة.
وهنا نتساءل أين هم الشباب؟ ولماذا اختفوا من أطراف الحل في المرحلة الانتقالية؟ وهل أسهموا بذلك أم تم إقصاؤهم؟ قد يكون السبب أن الشباب لم يصنعوا طبقتهم القائدة، وأنهم يتماهون مع أحزابهم.. لازال الوقت سانحاً أمامهم لصنع قياداتهم وفرض رؤاهم الثورية الرائدة.
وصلت حالة المواجهة بين النظام السابق والثوار حداً استلزم ظهور هادي كحل توافقي، ولهذا فإن الوقوف مع الرئيس هادي هو بدواعي الاختيار لشخصية هي المرجحة في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، وقد نجح في اختبار القيادة حتى اللحظة بكفاءته وتوافقيته.
إعــلان الرئيس هادي بوضوح انحيازه للثورة في مقابلاته مع الشباب وفي كلمته إليهم بمناسبة الذكرى الثانية لثورة 11 فبراير أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن عجلة التغيير قد انطلقت، وأن لا عودة إلى ما قبل 11 فبراير 2011.
يمكننا القول: إن قيادة هادي أنجزت القواعد الأساسية للتغيير، وهي في طريقها لاستكمال ما تبقى وهو الأسهل، ولابد من أن تتعزز الثقة بقيادته حتى استكمال الأهداف مبرأة من الاستقطابات المناطقية والعائلية والحزبية لعدم حاجته إليها؛ باعتباره يؤدي مهمة إنقاذ وطنية في مرحلة استثنائية، وهو ما يجب أن يتجه الجميع صوبه في المرحلة القادمة.








 


تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-إبريل-2024 الساعة: 05:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-782.htm