- الفئران حينما تستأسد

- الفئران حينما تستأسد
الأربعاء, 25-يونيو-2014
بقلم / د.عبدالرحمن أحمد ناجي فرحان -

 لعل الأسبوعين الماضيين قد حملا في طياتهما مخاضاً معاكساً تماماً لما جرى التخطيط له أن يتم خلال الأعوام الثلاثة الماضية في الوطن العربي بأكمله ، فبفارق زمني لا يتعدى أيام معدودة وهب الله مُلك مصر للمشير عبدالفتاح السيسي ، ووهب الله مُلك سوريا لبشار الأسد (مُجدداً) ، وها هو اللواء خليفة حفتر يواصل التقدم بخطى ثابتة صوب تطهير ليبيا من رجسها .

نعم لقد خططوا للدفع بـ(إخوان) المسلمين إلى سُدة الحكم ، لتنكشف سوءاتهم للمسلمين ذاتهم ، وتُـنْـتَـزَع منهم أوراق التوت فتنجلي عوراتهم لكل ذي عينين ، فيكون الصراع على أشُدِّه بين المسلمين أنفسهم ، دون أن يتكبدوا خسائر تُـذكر من رجال أو عتاد ، ولكن ما لم يحسبوا له حساب قط في خططهم وبدائلها التي ظنوها بالغة الإحكام أن سقوط صنائعهم سيكون مُدوياً ومُذهلاً وفي زمن قياسي ، وفي كل الحالات فإن الهدف نفسه تحقق ولكن بأسرع مما يحلمون .

بدا تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي حدثاً أسطورياً غير تقليدي ولا مألوف في الوطن العربي من خلال ثلاثة مراسيم لكلٍ منها حضوره المختلف عن الآخر ، تم من خلالها استلام وتسليم السلطة في ثلاثة مواضع مختلفة ما بين رئيس سابق ورئيس لاحق وبصورة حضارية أعادت للأذهان مشهد تسليم واستلام السلطة قبل عامين في دار الرئاسة اليمنية ، في حين كان أنصار سلفه (المخلوع) بحالة هيستيرية منقطعة النظير من الذهول وعدم التصديق ، حتى وهم يدركون سلفاً أن كل ما تراه أعينهم ليس بكابوس أو أضغاث أحلام وليس بجديد ، وقد صار حقيقة مجسدة واقعة على الأرض ، حتى بدأ بعضهم يُعبر عن تلك الحالة بالفكاهة والاستظراف لاستعادة توازن نفسي هم أبعد ما يكونون عنه .

ربما هذا الحدث تحديداً هو الزلزال الأكثر وقعاً وتأثيراً على عقول وأفئدة ما تبقى من فلولهم من (إخوان اليمن) ، وما فوز الرئيس بشار الأسد في سوريا بدورة انتخابية جديدة ، وتصاعد نجم اللواء خليفة حفتر في ليبيا ، إلا هزات ارتدادية لذلك الزلزال المصري في بلد المنشأ الذي ربما فاق المائة درجة على مقياس ريختر ، وامتدت تأثيراته للموضع الوحيد الذي مازالت فيه تلك الجماعة تمارس فيه نشاطها الهدام في النور ، ولازال أعضاءها يسرحون ويمرحون فيه طلقاء أحرار غير مقبوض عليهم ولا مودعين فيه خلف القُضبان في غياهب السجون .

وهنا ينبري النائب الهُمام الذي يُفترض به أنه يُمثل الأمة جمعاء بمختلف أطيافها السياسية والاجتماعية في مجلس النواب ، وقد خرج عن طوره واتزانه ، وراح في منشور له على صفحته الشخصية بالـ Face Book يهذي بكلمات تبين بجلاء حالة التأزيم والاحتقان التي يعيشها بني جنسه ، محاولاً رفع معنوياتهم ، وقد اختار صورةً له في منشوره هو يقف بجوار أطلال ذلك الكيان المتهاوي في تلة (المُقطَّـم) ، فيقذف كل من يخالفهم بالرأي بقوله نصاً : {لن ينال منها (يقصد جماعته) تطاول ونباح (النَّكِرات) و(الأقزام) و(مجهولو النَّسب) إرضاءً لأسيادهم ، وتهافتاً لفتات مالٍ ، وإذعاناً لمن خانوا الأوطان ، وبدَّدوا الثروات ، وأشعلوا في مجتمعاتنا فِتَن الطائفية والعنصرية ، وأعاقوا نهوض الأمة بصرفها عن قضاياها إلى معارك وحروب تدميرية) } ، وهي جرائم ترقى للخيانة عُظمى مارستها جماعته حرفياً وتنطبق تمام الانطباق عليهم ، وترتد إليهم ، ويصلح كلاً منها ليكون ذريعة لتقديمهم للمحاكمة ووقف نشاطهم وحظرهم من ممارسة العمل السياسي ، ومن جانب آخر يمكن أن تتكفل بعض تلك الكلمات بتجريده هو شخصياً من حصانته البرلمانية ، والدفع به للوقوع تحت طائلة حد القذف فيُجلد تعزيراً وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي يدعي كيانه التنظيمي وصايته الحصرية عليها .

ولننقل بعضاً آخر مما جاء في ذلك المنشور (الفضيحة) للبرلماني المأزوم : (اليوم يتكرر موقفُ أحفادِ هذه القرية المُنحرفة (قوم لوط) ، تجاه أشرف وأنقى وأطهر جماعة عرفها العصر الحديث ، وهي جماعة "الإخوان المسلمون" الذي عُرِف شبابها في كل قُطْرٍ وبلدة بأنهم: عُمَّار المساجد وروَّادُها) ، متناسياً أن جماعته دعت بمنشورات موثقة لهجر بيوت الله وافتراش الأرصفة والطرق العامة لإقامة الصلاة فيها ، ثم يسترسل بهذيانه في موضع آخر بلسان عربي مبين: (جماعة "الإخوان المسلمون" التي يريد البعض ؟؟!! أن "يُشَيْطنَها" ، لم تقطع طريقاً) ، ولعل هذه الجملة تحديداً تبعث على الكثير من الضحك والسخرية والتهكُّم ، فإن لم يكن ما أحدثوه في العام 2011م شيطنةً وقطعاً للطريق العام وإقلاقاً للسكينة العامة وهدماً للسلم الاجتماعي ، داخلاً في باب الحرابة ، فبماذا غير ذلك يمكن توصيف حالتهم التي كانوا عليها آنذاك ؟!.

نعرف جميعاً أن الفئران إن حوصرت في موضع ما بحيث لا يكون أمامها أي فرصة على الإطلاق للنجاة ، فإنها تتحول لكائنات شرسة ضارية دفاعاً عن وجودها المهدد حتمياً بالتصفية الجماعية ، وهذا بالضبط – في تقديري – ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين ، فإمكانية تكرار التجربة المصرية ، ومجرد احتمال ظهور (سيسي) يمني مُخلص على غرار الرئيس عبدالفتاح السيسي ، يمحو هذه الجماعة ويحيلها إلى كُتب التاريخ ، وخصوصاً مع اشتداد وتنامي نجاح حملات الجيش لتطهير جناحها العسكري (الجماعات المسلحة وفق التصنيف الأممي) في المحافظات الجنوبية ، وإعادة تموضع بعضها في محافظة (عمران) شمال العاصمة لفتح جبهة جديدة تخفف الضغط على فلولهم في الجنوب والشرق .

وليس ببعيد عنا ما تعرضت له قناة (اليمن اليوم) من تدمير وتحطيم وإتلاف همجي بربري ، وجامع (الصالح) من تقييد وحصار ، فقد ضرب أولئك من خلال أذنابهم في السلطة عرض الحائط بكل القوانين والأخلاق والأعراف والقيم ، وابتدعت عقولهم المريضة قصة الانقلاب المزعوم لتحقيق مآرب نفوسهم المعتلة لعل ذلك يخفف من روعهم ويعيد إليهم سكينتهم ، ولكن هيهات لهم أن يحصلوا على ذلك ، فكلما كادوا كيداً رده الله إلى نحورهم ، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ، (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) صدق الله العظيم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منشور بالصفحة السادسة من صحيفة (اليمن اليوم) ـ

من عدد يوم الاثنين 23 يونيو 2014م الموافق 25 شعبان 1435هـ العدد (727)ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 09:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-7531.htm