- عندما تتوحد وتتكامل الإرادتان السياسية والشعبية في التعاطي مع أي قضية وطنية أو إقليمية

- عندما تتوحد وتتكامل الإرادتان السياسية والشعبية في التعاطي مع أي قضية وطنية أو إقليمية
الأربعاء, 23-إبريل-2014
بقلم / محمد عبد الماجد العريقي -

عندما تتوحد وتتكامل الإرادتان السياسية والشعبية في التعاطي مع أي قضية وطنية أو إقليمية أو دولية فإن مخرجات ذلك تكون فعالة ومؤثرة وتأتي بثمارها الطيبة على أرض الواقع , وهذا المفهوم تجسد في العلاقات اليمنية الكويتية منذ وقت مبكر وبالتحديد منذ قيام الجمهورية في شمال وجنوب الوطن, كان وقتها اليمن يتطلع لعهد جديد مدعوم من الأشقاء والأصدقاء للتغلب على موروث التخلف الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والصحي , وكانت الكويت من أوائل الدول التي قدمت الدعم السخي في كل هذه المجالات.


وعندما تعرضت العلاقات اليمنية الخليجية عموماً والكويتية خصوصاً لشرخ مؤثر بسبب بعض المواقف غير المدروسة والتي قادتها أطراف في الساحة اليمنية أثر الغزو العراقي للكويت عام 1990م لاشك أن ذلك ترك أثراً سلبياً في نفوس الأخوة الكويتيين .


أما بالنسبة لعامة اليمنيين فإنهم تمنوا أن لاتصل الأمور إلى ذلك المستوى خصوصاً مع الكويت الشقيق , وظل الشعب اليمني تواقاً إلى اليوم الذي تعود العلاقة إلى سابق عهدها ليس طمعاً في دعم , وإنما تعبيراً عن شعور أخلاقي ووفاء لتلك المواقف الأخوية والنبيلة، لأن الشعب اليمني يستقيم على قيم حضارية أبرز ما فيها قيم الوفاء .


ولذلك ليس بمستغرب أن تجد المبادرة الشعبية التي تحمل اسم (الوفاء للكويت الحبيب) الذي تبناها عدد من الأكاديميين والدبلوماسيين والمثقفين والإعلاميين من الرجال والنساء الأعضاء في المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية والتي ينظم فعالياتها المنتدى، ليس بمستغرب أن تجد هذه المبادرة كل هذا الاهتمام والترحاب , فما أن يسمع أي مواطن يمني بهذه المبادرة سرعان ما يقول لك أريد أن انظم إليها .


وبهذه المناسبة نرى أن في هذه المبادرة فرصة لتقييم كل جوانب العلاقات اليمينية الكويتية بعيداً عن العواطف الآنية , والعمل على إزالة كل ما يعيق ذلك للانطلاق إلى ما يحقق الثقة والتعاون والتكامل بين الشعبين الشقيقين , وهذا هو ما يمكن أن تقوم به الدبلوماسية الشعبية , والمؤسسات المختلفة في البلدين الشقيقين , وهي خطوة يمكن أن تؤسس لمنهاج عمل لتطوير وتفعيل علاقات الشعوب العربية فيما بينها, وتعد هذه المبادرة نموذجاً لمثل هذا التحرك.


لقد لمس العديد من أعضاء اللجنة التحضيرية للمبادرة حماساً من قبل العديد من الناس كباراً عايشوا وتعايشوا وعاصروا مسيرة الدعم السخي والمواقف السياسية التي قدمتها الكويت لليمن , بل ومن الشباب , وهذا يعكس حضور الكويت في وجدان أبناء الشعب اليمني وهي خاصية متوارثة يتميز بها اليمني تجاه أي أخ أو صديق يقف معه بصدق وإخلاص .


وبكل تأكيد فإن الكويت نجحت في احتفاظها على مكانة واسعة في قلوب وعقول اليمنيين , فدورها الأخوي اتجه إلى الشعب اليمني مباشرة , وأقول هذا الكلام لأنني واحد من هذا الجيل الذي انتعش عقله وتفتحت بصيرته التعليمية والمعرفية لا من خلال قنوات كان للكويت الشقيق حضور فاعل ومميز في الكثير من المجالات التي تهم الإنسان وتبني مداركه .


فعندما أنهيت المرحلة الابتدائية أواخر الستينيات من القرن الماضي في تعز كان الانتقال للمرحلة الإعدادية عبر بوابة مدرسة الكويت , وكغيري من آلاف الشباب الذين واصلوا دراستهم الجامعية في اليمن كانت جامعة صنعاء التي انشأتها الكويت بمختلف كلياتها العلمية والنظرية هي حلمهم ووجهتم الوحيدة , وكان فخراً لأي طالب يدرس في هذه الجامعة ويتخرج منها نظراً لتميز كادرها التعليمي والإداري الذي ضم نخبة من أفضل الدكاترة من جمهورية مصر العربية ودول عربية أخرى, وحظي الطالب الجامعي في حينه بمزايا , مادية وصحية وتعليمية راقية, إلى جانب ما قدمته الكويت من منح دراسية لطلاب يمنيين للدراسة في الكويت , وحتى بعض الكليات العسكرية والأمنية بنتها الكويت ككلية الشرطة وكلية الطيران , وهناك الكثير من المشاريع الصحية , والطرقات وغير ذلك من أوجه الدعم الذي وجه لفائدة الإنسان اليمني مباشرة . 


ورغم أن العلاقات الرسمية اليمنية الكويتية شابها في فترة التسعينيات الفتور, إلا أن العلاقات الشعبية لم تختف, وظل بريقها متمثلاً بتلك المعالم المعرفية والتعليمية والصحية التي قدمها الشعب الكويتي لليمن, وهذا هو التميز لهذا الدعم القائم على الديمومة والاستمرارية , والذي سيظل مخلداً لفترة طويلة, وأعتقد أن هذا لا يقتصر على اليمن , بل هو توجه عام في النهج الكويتي تجاه أشقائها الآخرين, ففعلاً أن المدرسة والجامعة والمستشفى والطريق ومشروع المياه , تبقى دائماً تضخ بعطائها المتجدد والجديد في الوسط الشعبي مباشرة, وهذه المكونات المادية والمعرفية هي التي تسهم في بناء الشعوب , وكان لليمن جزء وفير منها, لذا لزم رد الجميل والوفاء لأصحاب الأيادي البيضاء من منطلق الواجب الأخلاقي والأخوي والديني , والاتجاه لبناء أسس لعلاقات يكون فيها المستقبل أكثر إشراقاً ومودة .

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 02:07 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-6051.htm