- مبالغة بعض الدول العربية في طلب الاستثناءات على كافة أنواع القيود الجمركية أثرت على التبادل التجاري البيني بين الدول. الاقتصادية

- مبالغة بعض الدول العربية في طلب الاستثناءات على كافة أنواع القيود الجمركية أثرت على التبادل التجاري البيني بين الدول. الاقتصادية
الأحد, 20-يناير-2013
الاقتصادية /عبد العزيز الفكي من الدمام -
كشف تقرير حديث أن مبالغة بعض الدول العربية في طلب الاستثناءات، يعد أكبر معوقات التبادل التجاري البيني بين الدول. وشملت الاستثناءات التي طلبتها الدول - وفق التقرير - كافة أنواع القيود الجمركية وغير الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل، وعدم تطبيق التخفيض التدريجي على الواردات السلعية من الدول العربية. وأشار التقرير الذي أعدته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أن المبالغة في الاستثناء أجبرت المجلس على أصدار قرار في دورته بتاريخ آذار (مارس) 2002، بالحد من طلب الاستثناء وجعله في حدود لا تضر بالتطبيق، بحيث لا تتجاوز 15 في المائة من متوسط الصادرات ولمدة خمس سنوات متاحة، كما لا يجوز تطبيق أكثر من استثناء واحد للسلعة الواحدة، أي أن السلعة التي تحصل على استثناء لا يجوز للدولة أن تطلب استثناءها مرة أخرى، وألا يقع ضرر نتيجة التحرير التدريجي على السلعة التي يطلب لها الاستثناء. التقرير أفصح عن أن التجارة العربية البينية ما زالت تعاني الضعف، رغم إبرام الدول العربية اتفاقيات للتجارة الحرة وتيسير التبادل، حيث إنها - أي التجارة البينية بين الدول العربية - وفق آخر إحصائيات لم تتجاوز 10 في المائة، في وقت توجد فيه مبادلات تجارية متزايدة مع بقية دول العالم الأخرى. ويرى التقرير أنه على الرغم من أن مبادلات التجارة العربية البينية شهدت نموا كبيرا في ظل مشروع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، إلا أن هناك عددا من المعوقات التي تواجه التطبيق الفعلي للبرنامج التنفيذي لهذه المنطقة. ويلخص التقرير - الذي حصلت ''الاقتصادية'' على نسخة منه - أهم هذه المعوقات التي تواجه تنمية المبادلات التجارة البينية في غياب الشفافة والمعلومات حول التعامل أو التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، خاصة فيما يخص بالإفصاح عن كافة الإجراءات الإدارية والسياسات الاقتصادية المختلفة التي تشكل عنصرا أساسيا في عملية تنفيذ المنطقة، هذا الغياب ينجم عنه انعكاس سلبي يؤثر على مجرى التطبيق الفعلي للمنطقة، إضافة إلى التمييز في المعاملة الضريبية، حيث هناك الضريبة تفرض على السلع المستوردة تختلف نسبتها عن النسبة المفروضة على المنتج المحلي مثل ضرائب المبيعات، ضريبة الاستهلاك، ضريبة الإنتاج أو ضريبة القيمة المضافة، كما أنه توجد حالات يتم فيها فرض رسوم مختلفة، مثلما هو الشأن في حالة فرض رسوم مطابقة للمواصفات، مما يقلل من فرص المنافسة العادلة مع المنتج المحلي، كما أن فرض رسوم الخدمات على شكل نسب مئوية من قيمة السلعة المستوردة، ينتج عنه تأثير مماثل للرسوم الجمركية، وبالتالي يؤدي إلى معاملة تمييزية للمنتج المحلي. ويصف التقرير تلك المعوقات بأنها معوقات بيروقراطية وتعقيدات جمركية وضريبية تتبعها بعض الدول العربية، وهي تشكل عائقا أمام جذب الاستثمارات العربية والأجنبية للمنطقة العربية. كما شملت المعوقات التي توصل إليها التقرير، القيود غير الجمركية التي ما زالت تشكل صعوبات للمستثمرين والتجار، وفي الواقع بالرغم من تخفيض التعريفة الجمركية إلى الصفر، لم تحقق زيادة في التدفقات التجارية، نظرا لعدم التزام الدول بإزالة كافة القيود الإدارية والنقدية والكمية بجانب تحرير السلع العربية من الرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل. ويضيف التقرير ''يلاحظ من خلال التجربة التي مرت بها المنطقة، أن الاستثناءات أدت إلى ما يسمى بالعدوى السلبية، حيث قامت بعض الدول التي كانت في الأصل قد حررت السلع المستوردة من الاستثناء بإشهار مبدأ المعاملة بالمثل''. ولم يغفل التقرير مسألة فرض الحظر على استيراد بعض المنتجات الزراعية، فقد لجأ بعض الدول العربية إلى فرض الحظر على استيراد بعض المنتجات الزراعية من الدول الأعضاء، إذ أثبتت التجربة العملية صعوبة تطبيق التحرير الشامل لتجارة السلع الزراعية، وبما أن جميع الدول العربية يمثل الإنتاج الزراعي نسبة مهمة في اقتصادها، لم تلتزم بتطبيق نص تحرير السلع الزراعية والحيوانية سواء في شكلها الأولي أو بعد إحداث تغيير عليها. ويرى التقرير أيضا أن ضعف المقومات والبنيات الأساسية في الدول العربية شكل عائقا أيضا، لعل في مقدمتها وسائل النقل البري والبحري، والاتصالات، مشيرا إلى أن هذه الوسائل تكاد تكون منعدمة بين المشرق والمغرب مما يجعل التجارة بين جناحي الوطن العربي منعدمة ومتدنية، وهذا ما يجعل ارتكاز التبادل التجاري العربي على الدول المتقاربة جغرافيا. كما يشير التقرير إلى مسألة اعتماد أغلبية الدول العربية في عملياتها التجارية على الخارج، حيث إن الصناعة العربية ضعيفة مقارنة بباقي دول العالم، فهي تحصل على المنتجات الصناعية من الدول المتقدمة، وكذا تشابه صادرات الدول العربية فهي مواد أولية كالنفط والحديد، وهي منتجات يتعذر زيادة صادراتها إلى الدول العربية الأخرى، وهو ما يفسر ربما ضعف نسبة التجارة البينية العربية. وعرج التقرير إلى ضعف الهياكل الاقتصادية العربية من جهة وتشابهها من جهة أخرى، مما أدى إلى تخوف من فتح الأسواق العربية على بعضها، واستمرار بقاء الدول العربية على هامش النظام التجاري الدولي بنسبة متواضعة جدا من حجم التجارة العالمية للسلع والخدمات. واعتبر التقرير أن غياب قطاع الخدمات في المنطقة، رغم دعوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدول العربية، إلى مفاوضات لتحرير التجارة في قطاع الخدمات، إلا أن ذلك ظل مقصورا على خمس دول هي: المغرب، تونس، مصر، الأردن، وموريتانيا، بقيمة إجمالية قدرت بـ 69.6 مليار دولار. ويؤكد التقرير أن لتجارة الخدمات أمية بالغة في النشاط الاقتصادي والاستثماري ويؤدي تحريرها إلى زيادة التجارة في السلع والخدمات، وزيادة النمو الاقتصادي، وفرص العمل. وتوصية تقرير الأمانة بتبني قرار إنشاء منطقة التجارة الحرة الكبرى، هي بداية الطريق نحو التكامل الاقتصادي العربي، وأما الوصول إلى نهايته بنجاح فهو مرهون باستمرارية القرار السياسي والاقتصادي للمضي في هذا الاتجاه، وبالقدرة العربية على التخطيط السليم لإرساء قواعد التقارب الاقتصادي العربي''. ويقترح التقرير عددا من التوصيات والمقترحات لمعالجة وتذليل معوقات التجارية العربية البينية؛ منها إنشاء إدارة متخصصة معننة بشؤون منطقة التجارة الحرة في كل دولة عربية وتذليل العقبات أمامها، إضافة إلى تطوير ورفع كفاءة ومستوى أداء الإدارة العامة في الدول العربية (الإدارات الجمركية، إدارات الموانئ، وإدارات المعابر الحدودية). ووفقا للتقرير فإن إيجاد سلطة فاعلة فوق قطرية في إطار المجلس الاقتصادي والاجتماعي تؤمن الوفاء بالالتزامات من قبل الدول الأعضاء تنفيذا للاتفاقيات والقرارات المتخذة، وتعمل على إزالة كل القيود والعقبات غير الجمركية. ويدعو التقرير هنا إلى توفير بيانات عن الأسواق وفرص التصدير والاستيراد والخدمات الملحقة من نقل و تخزين وترويج وتسويق، والإسراع بخطوات إقامة الاتحاد الجمركي بين الدول العربية، بحيث يكون هناك تعريفة موحدة لكل الدول المنظمة لمنطقة التجارة مع العالم الخارجي. ويوصي التقرير بأهمية أن تكون القيود غير الجمركية أكثر وضوحا وشفافية من أجل العمل على لإزالتها، وذلك من خلال تحقيق الانسجام في القوانين والتشريعات المطبقة في كل دولة عضو، إضافة إلى تحقيق ربط أفضل بين الأسواق المالية المحلية مع الأسواق المالية العالمية وتنسيق أفضل السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء، وضمان حرية حركة البضائع والأفراد ورؤوس الأموال مترافقا بالبيئة السلمية في المنطقة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 04:13 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-479.htm