- ثورة الغاز الصخري الأمريكي تُجبر منتجي الكيماويات الأوروبيين على مضاعفة جهودهم للابتعاد عن صناعة البتروكيماويات ذات الهوامش المنخفضة والتركيز على المنتجات المتخصصة ذات الربح العالي.

- ثورة الغاز الصخري الأمريكي تُجبر منتجي الكيماويات الأوروبيين على مضاعفة جهودهم للابتعاد عن صناعة البتروكيماويات ذات الهوامش المنخفضة والتركيز على المنتجات المتخصصة ذات الربح العالي.
السبت, 14-ديسمبر-2013
أوراق من الأقتصادية -

 ثورة الغاز الصخري الأمريكي تُجبر منتجي الكيماويات الأوروبيين على مضاعفة جهودهم للابتعاد عن صناعة البتروكيماويات ذات الهوامش المنخفضة والتركيز على المنتجات المتخصصة ذات الربح العالي.


ويخشى صانعو البتروكيماويات الأوروبيون من حشرهم بين المنتجين قليلي التكلفة في الشرق الأوسط، وصناعة الكيماويات الصاعدة في الولايات المتحدة، حيث انخفضت أسعار مواد اللقيم والطاقة بعد اكتشافات الغاز الصخري فيها.

وبعد تجميد للنشاط التوسعي في صناعة البتروكيماويات الأمريكية استمر نحو عقد من الزمان، دفع الغاز الصخري بشركات صناعة الكيماويات مثل داو كيميكالز وليونديل بازيل وشيفرون فيليبس وإكسون موبيل إلى استثمار مليارات الدولارات لزيادة قدراتها على عمليات التكسير، لإنتاج الإيثان على ساحل الخليح في الولايات المتحدة.


ومن المتوقع في السنوات المقبلة أن تصل إمدادات البتروكيماويات الأمريكية الجديدة إلى أسواق التصدير العالمية في مجالات مثل البولي إيثيلين والبولي فينيل كلورايد. وفي غضون ذلك، ربما يتعين على شركات الكيماويات في الشرق الأوسط التي تميزت على الأوروبيين لفترة طويلة بتكلفة أقل كثيرا بالنسبة للمواد اللقيم والطاقة، أن تبذل جهوداً أكبر للتصدير إلى الولايات المتحدة التي باتت صناعتها أكثر تنافسية، وأن تسعى للحصول على زبائن أوروبيين بدلا منها.


وحالت المخاوف البيئية والكثافة السكانية الكبيرة دون أن تطور أوروبا احتياطياتها من الغاز الصخري، الأمر الذي يهدد بترك منتجي الكيماويات الأوروبيين يواجهون منافسة خاسرة في فترة قريبة، بعدما أصبحت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة تقارب ثلث الأسعار الأوروبية.


وتميل شركات الكيماويات الأوروبية عادة إلى التشغيل على النافتا ذات التكلفة العالية المشتقة من تكسير النفط الخام. وعلى الرغم من اعتقاد بعض الاقتصاديين بأن الفروق بين الزيت الخام والغاز الطبيعي ستتراجع في النهاية، إلا أن الشركات الأمريكية تستفيد من ذلك في الوقت الحاضر.


وبحسب شركة بيرنشتاين للأبحاث، أدى اقتران أسعار النفط العالية والغاز الرخيص إلى زيادة أرباح شركات الكيماويات الأمريكية التي تعمل على تكسير الإيثان، بواقع ستة مليارات دولار سنوياً، أي بنسبة تقارب 14 في المائة من كامل إجمالي أرباح القطاع في الولايات المتحدة عام 2011.


ووفقا لبول هودجز، رئيس مجلس إدارة شركة International eChem الاستشارية، العاملة في مجال الكيماويات: ''هناك صراع حقيقي حتى الموت يجري الآن في قلب أسواق تصدير الكيماويات، مثل البولي فينيل كلورايد، بين المنتجين الأمريكيين والأوروبيين''.


وتقول ستاندار آند بورز إن ''على المنتجين الأوروبيين أن يستجيبوا لهذا التغير في ديناميكيات الصناعة، باتخاذ مجموعة من التدابير الحاسمة التي تهدف إلى تحسين كفاءة الإنتاج وتحسين أوضاع التكلفة لديها''.


وتتعامل شركة سولفي في بلجيكا مع المنافسة الأمريكية وضعف الطلب في أسواق البولي فينيل كلورايد الأوروبية بوقف تشغيل أصولها في البولي فينيل كلورايد في مشروع مشترك مع منافتسها إينيوس. وتعتزم الخروج من الاتفاقية الخاصة بهذا المشروع في غضون سنوات قليلة.


وقال جان - بيير كلاماديو، الرئيس التنفيذي لشركة سولفي، إن هذا التحرك يعكس ''المنافسة المقبلة، خاصة من المنتجين الأمريكيين الذين يتمتعون بميزة الوصول إلى المواد الخام والطاقة الرخيصة''.


من جانبها، تبدأ شركة لانكسيس الألمانية تسريح ألف عامل في أواخر عام 2015، استجابة لانخفاض طلب صناعة السيارات على المطاط الصناعي. ويرتبط نحو 40 في المائة من مبيعات الشركة بصناعة السيارات والإطارات.


وفي مقابلة مع ''فاينانشيال تايمز'' أوضح أكسيل هايتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، أن لانكسيس تعاني ضعفا مؤقتا في سوق الإطارات، خصوصا إطارات السيارات. وقال: ''نحن نركز أكثر من أي وقت مضى على التكنولوجيا والابتكار، لأن المنتجات غالية الثمن أقل دورية وتأثراً بضغوط الأسعار''.


وأقنع صعود المنافسين من الشرق الأوسط وآسيا منذ ما يزيد على عقد من الزمان شركات الكيماويات الأوروبية بأنها لن تتمكن من تحقيق النجاح في الكيماويات السلعية. وأطلق ذلك سنوات من إعادة الهيكلة والإدارة المتأنية لحقائبها الاستثمارية، وهي عملية مستمرة حتى هذا اليوم، لمواجهة التحدي الآتي من شركات صينية تسعى بقوة لصناعة وسائط كيماوية أكثر تعقيداً وليس فقط منتجات كيماوية أساسية.


ويقول أنتون تيكتين، الشريك في فالينس جروب، المؤسسة المختصة بتقديم الخدمات الاستشارية حول الكيماويات: ''تحرك الجميع في أوروبا في اتجاه المنتجات المتخصصة من أجل حماية مواقعهم، إنهم يتحركون إلى مجالات متخصصة تركز كثيراً على التكنولوجيا وخدمة الزبائن''.


ومن الأمثلة على التركيز على الزبائن، توصل شركة باسف الألمانية أخيرا إلى صفقة شراكة مع أديداس تزود الشركة بموجبها أديداس برغوات إسفنجية خاصة تتميز بجزيئات فريدة تساعد في امتصاص الصدمات في أحذية الركض، وتعطيها القدرة على الارتداد بسهولة.


ويعتقد كيرت بوك، الرئيس التنفيذي لشركة باسف، إن شركته، وهي أكبر صانع للكيماويات في العالم من حيث المبيعات، ستبقى منافسة على الرغم من التطورات على صعيد الغاز الصخري، وعلى الرغم من أنها خرجت بشكل كبير من صناعة الكيماويات المعتمدة على الإثيلين.


ومع ذلك، يعرف منتجو المواد الكيماوية الأوروبيون أنهم لا يستطعيون تجاهل التطورات في الولايات المتحدة ويصرون جميعاً على أن على أوروبا أن تفعل شيئاً حيال وضعها التنافسي في الطاقة، أو تخاطر بالذهاب باستثماراتها إلى مكان آخر. ويمكن أن تشكل تكلفة الطاقة أكثر من نصف تكاليف الإنتاج في الشركات الكيماوية. مثلا، يستخدم مصنع إينيوس لإنتاج الكلوروفينيل في رانكورن، مقدار الكهرباء نفسه الذي تستخدمه مدينة ليفربول المجاورة. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قالت تاتا للكيماويات إنها ستغلق معملاً لإنتاج كربونات الصوديوم في نورثويتش في بريطانيا، ما يؤدي إلى خسارة 220 وظيفة بعد أن ارتفعت أسعار الطاقة إلى أكثر من الضعف في السنوات القليلة الماضية. لكن شركات الكيماويات الأوروبية ليست في سبيلها لأن تترك الشركات الأمريكية المنافسة تتمتع بجميع منافع اللقيم الرخيص وأسعار الطاقة الزهيدة. وتعمل شركة باسف الآن على تحويل معمل لتكسير النفتا في بورت آرثر، في الولايات المتحدة، ليعمل على الإيثان. وفي الأثناء، يتوقع أن تستثمر لينده، وهي شركة ألمانية لإنتاج الغازات الصناعية، 200 مليون دولار في موقع في تكساس لبناء أكبر مجمع في العالم لتحويل الغاز الطبيعي إلى غازات صناعية.


فضلاً عن ذلك، لا يزال القرار معلقاً فيما إذا كان التوسع الهائل للإنتاج الكيماوي الأمريكي سيؤدي إلى عوائد مجزية على الأمد الطويل.


ويقول هودجز: ''توقعاتي لآفاق صناعة الكيماويات الأوروبية ليست سلبية للغاية، على اعتبار أني لا أعتقد بوجود أي سبب أساسي سليم للتباعد بين أسعار الغاز الطبيعي والنفط الخام''. ويتابع: ''تضيف الولايات المتحدة عشرة ملايين طن من طاقة الإيثيلين المخصص للتصدير. لكن إلى من سيصدرون؟ أعتقد أنه محكوم عليهم بالفشل لأنه لا توجد سوق لهذه الكميات''.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 11:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-3839.htm