- سيطرت خلال عامي 2011م و2012م إمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو أولاً ومن الاتحاد الأوروبي ثانياً.

- سيطرت خلال عامي 2011م و2012م إمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو أولاً ومن الاتحاد الأوروبي ثانياً.
الإثنين, 31-ديسمبر-2012
حسن الحسيني من باريس -

سيطرت خلال عامي 2011م و2012م إمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو أولاً ومن الاتحاد الأوروبي ثانياً. ومع إلغاء قسم من الديون اليونانية تراجع هذا الاحتمال، دون أن يعني ذلك عدم خروجها نهائياً، فإدارة أزمة الديون اليونانية سمحت حتى الآن على الأقل بكسب الوقت لدول الاتحاد الأوروبي من جهة بانتظار عودة النمو الاقتصادي، وللمصارف الأوروبية بانتظار تحسين وتحصين أوضاعها المالية وحساباتها، في حال إعلان اليونان عدم قدرته على تسديد ديونه أي إفلاسه.



وإذا كان خطر خروج بلاد الإغريق القدماء من الاتحاد الأوروبي يبتعد فإن هناك احتمال لخروج بريطانيا من التكتل.



والسؤال حول إمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعود ليُطرح بقوة من جديد في نهاية عام 2012م، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لعدد من المسؤولين البريطانيين، وفي مقدمتها ما أعلنه رئيس الوزراء البريطاني عندما قال إن بلاده ترغب في البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، لكنها تريد اتفاقية جديدة تسمح لها بعدم المشاركة في التصدي للعديد من المشكلات الأساسية داخل الاتحاد الأوروبي.



وجاءت الردود عنيفة على هذا التصريح، فوزير المالية الألماني فولوفجانج شويبله ندد بالابتزاز الذي تمارسه لندن عندما أعلن في الأسبوع الماضي، رداً على تصاعد موجة العداء البريطانية للمزيد من الاندماج الأوروبي: ''إننا نرغب في بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي ولا نريد دفعها إلى الخروج منه، ولكن هذا لا يعني أن أياً كان بمقدوره ابتزازنا. وأصدقاؤنا البريطانيون ليسوا خطرين ولكن فكرة إجراء استفتاء حول بقائهم في الاتحاد الأوروبي تخلق حالة من عدم الاستقرار''.



كلام الوزير الألماني جاء في خضم حملة استطلاعات الرأي، التي تظهر أن أكثرية البريطانيين (56 في المائة) تؤيد انسحاب بلادهم التام من الاتحاد الأوروبي، فيما يتعرض ديفيد كاميرون لضغوط من التيار المحافظ المعادي للاتحاد الأوروبي داخل حزبه لإجراء الاستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد، ودفع تأجيله لخطابه المنتظر حول هذه المسألة إلى عام 2013م برئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي إلى التحذير من مغبة إجراء الاستفتاء العام حول البقاء أو الخروج من الاتحاد.



ووصف احتمال الانسحاب بأنه سيكون مثل مغادرة صديق إلى الصحراء، وعلق على مطالبة كاميرون باتفاقية جديدة بالقول إن المواقف المتصلبة التي يمكن أن تصدر من المسؤولين البريطانيين قد تتسبب في تفكك الاتحاد الأوروبي، مضيفاً: ''إذا أراد كل بلد عضو أن يختار ما يناسبه من سياسة الاتحاد الأوروبي المتعبة حالياً ويرفض ما لا يناسبه، فإن الاتحاد بشكلٍ عام السوق المشتركة ستتفكك بسرعة''، وتابع رئيس الاتحاد أن التغييرات التي يقترح ديفيد كاميرون إدخالها على المعاهدة الأوروبية تتطلب إجراءات طويلة الأمد وتضغط بقوة على وحدة الدول الأوروبية الـ 27.



وحده جاك ديلور، الاشتراكي الفرنسي ورئيس المفوضية الأوروبية السابق وليس لديه صفة رسمية، اقترح على بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وتبني شكل آخر من الشراكة معه.



وقال: ''إن البريطانيين لا يهتمون سوى بالعلاقات الاقتصادية وبالتالي بمقدورنا أن نقترح عليهم شراكة من نوع آخر إذا كانوا لا يريدون مزيدا من الاندماج الأوروبي''، وعن الشراكة التي يمكن اقتراحها يقول دولور يمكن أن تكون اتفاقية تبادل حر بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.



وهكذا فإن الموقف البريطاني سيكون في قلب النقاشات في مطلع عام 2013م خلال القمة الأوروبية المقبلة.



فسؤال شكسبير، الشاعر البريطاني الكبير في مسرحية هاملت، ''نكون أو لا نكون'' لا يزال البريطانيون يطرحونه مع إدخال لمسة عصرية عليه، ''نكون داخل الاتحاد الأوروبي أو خارج أوروبا''. والسبب الحقيقي لإمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يكمن في مسألة الموازنة الأوروبية، ولكنه ينبع من تطلعات ديفيد كاميرون الهادفة إلى جعل لندن عاصمة عالمية للأموال، ليس فقط تلك التي يمكن أن تهرب من أوروبا، بل والتي تأتي من آسيا والشرق الأوسط ومن مختلف الدول الناشئة. فقد رفضت بريطانيا التوقيع على المعاهدة الأوروبية الأخيرة، التي تلزم دول الاتحاد الأوروبي بعدم تخطي عجز الموازنة العامة 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام في عام 2013م، وتفرض تدابير تقشفية صارمة على الدول الأعضاء.



كما أن لندن تضع العصي في دواليب بناء الوحدة المصرفية الأوروبية، فهي تريد حماية نظامها المصرفي المعروف باسم السيني في لندن، فهي تخشى من إخضاعه للقواعد الأوروبية المشتركة ومن أن يؤدي ذلك إلى إضعاف قدراته التنافسية.



وأكثر ما تخشاه لندن هو أن الوحدة المصرفية الأوروبية، وبريطانيا ليست عضواً في منطقة اليورو، ستوكل للمصرف المركزي الأوروبي حق الإشراف على قلب لندن المالي.



والبريطانيون يخشون أيضاً الأكثرية الآلية في الوحدة النقدية والتي تمنح أكثرية من 17 دولة حق فرض القرارات على بقية الدول. لذلك فإن رئيس الوزراء البريطاني يطالب بنظام خاص يبعد فيه هذه المخاطر، والأهم يكون لمصلحتها كمركزي مالي عالمي، و40 في المائة من التحويلات والمعادلات المالية في العالم باليورو تمر عبر قلب لندن المالي السيني.



واحتجاج الفرنسيين على هذه المسألة، واعتبار أنه من غير الطبيعي أن يكون سوق اليورو الأكثر نشاطاً وفعالية خارج منطقة اليورو وخارج رقابة المصرف المركزي الأوروبي، يثير حفيظة البريطانيين.



وإعراب حاكم المصرف المركزي الفرنسي كريستيان نواييه عن رغبته بأن ينتقل جزء من هذه التعاملات باليورو إلى دول منطقة اليورو، فجر غضباً بريطانياً ضد الهجوم على قلب لندن المالي.



وفشل وزراء مالية الدول الأوروبية الـ 27 في بروكسل قبل أسبوعين في تحقيق التقدم على طريق الوحدة المصرفية، يوحي بأن السؤال حول بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي سيطرح بقوة في 2013م، وقد يشهد العام المقبل الإجابة على هذا السؤال.



وقد يحمل العام الجديد نبأ الجنرال شارل ديغول مؤسس الجمهورية الخامسة الفرنسية، عندما أعلن في مطلع عام 1963م في معرض رده على رفض دخول بريطانيا إلى السوق الأوروبي المشتركة: ''إن الطبيعة والبنى والظروف وارتباط بريطانيا الكبير بالولايات المتحدة لا يسمح لها بالدخول إلى السوق الأوروبية المشتركة''.



وبعد 40 عاماً رأى رئيس الوزراء الفرنسي السابق ميشال روكار أن انضمام بريطانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة في عام 1973م، والتي تحولت إلى الاتحاد الأوروبي لاحقاً، يشكل ضربة على طريق تعزيز عملية البناء الأوروبي. وقال إن بريطانيا تنظر إلى مصيرها على أنه مرتبط بشكل أساسي بالأطلسي، أي بالولايات المتحدة.



ويشير روكار إلى أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيشكل كارثة لها، فنموها الاقتصادي مرتبط بالنمو الاقتصادي في منطقة اليورو.



ويعرب إيريك لو بوشيه مدير تحرير صحيفة ليه زيكو الاقتصادية الفرنسية عن أسفه لاحتمال خروج بريطانيا، لأن على الاتحاد الأوروبي أن يؤكد لها أنه بحاجة إليها وإلى عراقة نظامها المصرفي.



فالقارة الأوروبية والجزر البريطانية بحاجة لبعضهما في رأيه ولهما مصير مشترك. وتطلعات أوباما لم تعد تستجيب للحلم البريطاني، وعلى لندن أن توافق على القبول بالقواعد الأوروبية.



وهنا يطرح السؤال مجدداً، هل البريطانيون على استعدادٍ لذلك أم أنهم يفضلون الخروج من الاتحاد الأوروبي؟ وهل يكون عام 2013م عام انسحاب بريطانيا منه؟


الاقتصادية السعودية



 

تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 09:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-316.htm