- كتب صديقي الأستاذ علي الرز مقالاً بديعا في صحيفة «الراي» الكويتية تحت عنوان «زلة وزير أم رغبة نظام» وهو مقال يلخص المأساة التي يقع فيها كل خروج عن المرسوم سياسياً.

- كتب صديقي الأستاذ علي الرز مقالاً بديعا في صحيفة «الراي» الكويتية تحت عنوان «زلة وزير أم رغبة نظام» وهو مقال يلخص المأساة التي يقع فيها كل خروج عن المرسوم سياسياً.
الإثنين, 24-ديسمبر-2012
نادين البدير:كاتبة سعودية -

كتب صديقي الأستاذ علي الرز مقالاً بديعا في صحيفة «الراي» الكويتية تحت عنوان «زلة وزير أم رغبة نظام» وهو مقال يلخص المأساة التي يقع فيها كل خروج عن المرسوم سياسياً.
التهم جاهزة دائماً. أي تطاول بالنقد يحولك لمعارض، والمعارضة خيانة. والخيانة تبعية لاسرائيل أو للغرب أو لإيران أو لجميعهم معاً، حتى التعرض لأي مسؤول صغر كان أم كبر تفسر بالعمالة للخارج. ليس أمامك سوى أن تسكت، فرأيك سيكلفك الكثير.
وقصة التخوين قديمة. فكرة ابتدعتها الحكومات العربية. رغم أن قيامنا بتفصيل العملاء الحقيقيين سيجعل من موجه التهمة أكبر عميل للمستعمر وللموساد ولـ «السي آي ايه» ولأي نظام استخباراتي.
الحكومات ترتبط بالخارج ارتباطا وثيقاً لضمان عروشها، لكنها تنظر لأي ارتباط بين ناشط من الداخل وجمعية حقوقية خارجية أو أي مؤتمر دولي يحكي عن قصة الإنسان وحقوقه على أنه عمالة وخيانة.
وكان الاستاذ علي الرز يتحسر عبر مقاله على حال مصر التي ثارت على الديكتاتورية ليأتي نظام يتهم كل معارض بالعمالة باسم الدين هذه المرة. كأن شيئا لم يتغير ولم يكن.
إرث التخوين يمتد بلا نهاية كأنه دخل في جينات الأجيال العربية، بدليل أنه تحول في بعض المناطق من تهمة توجهها الحكومة إلى تهمة يتراشقها أفراد الشعب بين بعضهم. صار الشعب يمارس مهمة التخوين ضد أفراده الذين يفكرون بشكل مختلف. الشعب حارس للنظام ضد نفسه، ظنا منه أنه يحمي الوطن في عملية خلط فادح بين مفهوم النظام ومفهوم الوطن.
والحكومة تبلغ ذروة سعادتها وهي ترى فئات شعبية تتقاتل في ما بينها لأجل استقرار النظام، تشاهد بأم عينها ألفاظ التخوين يتبادلها الأفراد وتقف صامتة، لا يصدر عنها بيان واحد يحكي عن وحدة الشعب وضرورة تكتله منتشية لمشهد أذرعها الداخلية ومتبعة سياسة مزرية أثبتت تهالكها عنوانها(فرق تسد).
من الخائن في هذه الحالة؟ المعارضة؟ أم النظام الذي أراد أن يقمع المعارضة عبر التخوين؟ أم فئات الجهل التي صدقت النظام بلا وعي؟
اليوم لن تتسيد إن فرقت، فثورة الربيع قلبت السحر على الساحر. ومشهد الوحدة الشعبية في البلدان العربية أثناء قيام الثورات يثبت أن الشعب مع نفسه أولا وأخيراً. وكل محاولات الفرقة باءت بالفشل وقتها رغم عودتها إلى الواجهة اليوم بفعل ديكتاتوريات جديدة نتمنى ألا يطول عهدها.
والمفارقة السخيفة هي أن البلدان التي تحرم الثورات باسم الدين وتمنع حكوماتها أي تظاهرة باسم الدين، وتدعم الثائرين في مناطق عربية أخرى تحت شعار حرية الإنسان وحقوقه، ونفسها البلدان تتهم مواطنيها المعارضين أو الناقدين بالعمالة والخيانة في الوقت الذي تساند به معارضي بلدان عربية أخرى (حكوماتهم تتهمهم بدورها بالعمالة والخيانة). ولا تجد البلدان الأولى بداً من التعاون الحثيث مع الغرب لخدمة ثورات في مناطق عربية مختلفة في الوقت الذي ترشق مواطنيها بوابل العمالة لأميركا واسرائيل اذا حدث وصرح أحدهم تصريحاً خارج نطاق النسق السياسي السائد.
ليس امامنا سوى أن نعيد النظر بمصطلح ( السمعة) الذي جرى تحريف معناه، فلم تعد السمعة المتدنية خاصة بمرتكبي الجرائم والمتسببين بالأذى، بل تلويث السمعة هو نصيب من تدخل في ما لا يعنيه، فانتقد السياسي أو انتقد التقاليد.
فارضخ وأطع الجهل أو استمر بالخروج عن المنصوص سياسياً غير عابئ بتخوين أو اتهام. كله في النهاية من صنيعك واختيارك. المهم أننا جميعنا نعلم بأن الخيانة اليوم هي ميزة الشرفاء.

كاتبة واعلامية سعوديةفي الراي الكويتية

       

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 20-مايو-2024 الساعة: 04:39 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-267.htm