- سيظل التعايش والقبول بالآخر أساس الاستقرار والتنمية في أي بلد، أما الاستحواذ  وإقصاء الآخر فيوجد الصراعات ويثير الضغائن ويعطل انسياب الحياة، ومع ذلك لا يستطيع فريق ولا فصيل أن يلغي الآخر، قد يتمكن من إضعاف المنافسين له لبعض الوقت ولكن الأيام دول، فيقوىٰ الضعيف ، ويضعف القوي وهكذا دواليك...

- سيظل التعايش والقبول بالآخر أساس الاستقرار والتنمية في أي بلد، أما الاستحواذ وإقصاء الآخر فيوجد الصراعات ويثير الضغائن ويعطل انسياب الحياة، ومع ذلك لا يستطيع فريق ولا فصيل أن يلغي الآخر، قد يتمكن من إضعاف المنافسين له لبعض الوقت ولكن الأيام دول، فيقوىٰ الضعيف ، ويضعف القوي وهكذا دواليك...
الجمعة, 12-يوليو-2013
الإصلاح نت/ زيد الشامي -

سيظل التعايش والقبول بالآخر أساس الاستقرار والتنمية في أي بلد، أما الاستحواذ  وإقصاء الآخر فيوجد الصراعات ويثير الضغائن ويعطل انسياب الحياة، ومع ذلك لا يستطيع فريق ولا فصيل أن يلغي الآخر، قد يتمكن من إضعاف المنافسين له لبعض الوقت ولكن الأيام دول، فيقوىٰ الضعيف ، ويضعف القوي وهكذا دواليك...

مصر ليست بمنأىٰ عن هذه السنن، وفي عصرنا الحديث شنّت الأنظمة المتعاقبة حرباً ضروساً ضد جماعة الإخوان المسلمين لأكثر من ستين عاماً؛ من التضييق ومنع حرية التعبير إلى الاعتقالات والاعدامات، وقد تم حساب سنوات الاعتقال لمجموع الإخوان خلال تلك الفترة فبلغت خمسة عشر ألف سنة، ومع ذلك لم يتمكن أحد من إنهاء وجودهم، بل على العكس رأيناهم يخرجون بعد كل محنة أكثر قوة وصلابة وأقدر على التوسع والانتشار!!

شارك الإخوان في ثورة 25 يناير2011م، ولم يدّعوا أنهم أكثر من بذل وضحىٰ، ثم دخلوا الانتخابات ونالوا ثقة الناخبين، وبدأت الحرب عليهم من بعض رفاق النضال وبتأييد فلول النظام السابق، وتصاعدت الحرب الإعلامية ضدهم بصورة لم يسبق لها مثيل، ولم يتخذوا أي إجراءات ضد الرأي الآخر الذي أبان عن فجور في الخصومة، ولم يقبل بأي حوار ولم يوافق على الشراكة في السلطة، ورفع لواء العداء المطلق، وصمّم على أنه لا مجال نهائياً للتعايش مع الإخوان، فهو يرى أن مكانهم يجب أن يبقى في السجون والسجون فقط!!

كنا أمام فريقين أحدهما يقول نتعايش ونتعاون، وآخر يقول لا مجال للتعايش ولو أدى الأمر إلى عودة الاستبداد من جديد، وجاء الانقلاب العسكري فأبان عن تهافت دعوى ( أخونة الدولة ) التي لم يدخل فيها الإخوان - إلا ماندر - فضلاً عن التفكير فيالسيطرة عليها لأنهم يحفظون من الإمام المؤسس حسن البنا بأن ( الوظيفة الرسمية أضيق أبواب الرزق )، ولأن الإخوان غلبوا حسن النوايا فأبقوا على كل مفاصل الدولة على ما تركها نظام حسني مبارك، فلا وجود للإخوان في المؤسسة العسكرية ولا الأمنية، ولا الخدمة المدنية، ولا السلطة المحلية، ولا وسائل الإعلام، ولا أجهزة النيابة والقضاء... واتضح بأن كل الضخ الإعلامي تهويل وتخويف، مع أنه من حق الإخوان أن يكون لهم حضور في كل مؤسسات الدولة مثل غيرهم باعتبارهم مواطنين مصريين.

والغريب أن يقبل دعاة الحرية والديموقراطية بالنكوص عن أهداف ثورة يناير، ويتنكروا للحرية والديموقراطية من أجل إزاحة الإخوان، ومن دون اعتبار لما سيؤول إليه الوضع بعدهم؛ وإلا كيف يرضى هؤلاء بتعطيل الدستور الذي صوت عليه ثلثا الناخبين المصريين، ولا يشعروا بالقلق من الانتقال إلى الأحكام العرفية، ليصبح الحاكم العسكري الفرد يصدر إعلانات دستورية من بنات أفكاره؛ فلا حريات ولا حقوق ولا التزام بالمحافظة على مقدرات الوطن وسيادته واستقلاله!؟

وكنتيجة طبيعية لهذا الانحراف - ومن أول لحظة - تم تكميم أفواه المعارضين وأغلقت القنوات الفضائية المعارضة، وبدأت حملة الاعتقالات خارج القانون الذي صار ملغياً بأمر العسكر وموافقة الساسة الذين غلب عليهم الحقد الأعمى ولم يفكروا بمآلات الانقلاب على الديموقراطية والعودة للإستبداد، ومن ورائهم بسطاء آخرون حضروا في الصفوف الخلفية ليباركوا الجريمة لكنهم باتوا اليوم في حيص بيص من تداعيات ما وافقوا عليه، فأخذ بعضهم يستنكر ويعترض أو ينسحب ولكن بعد أن وقّع شيكاً على بياض، وصار مشاركاً في سفك دماء أبرياء ومصادرة حريات وحقوق مواطنين معصومي الدم والمال والعرض!!

إلغاء مجلس الشورى جاء نتيجة طبيعية للحكم الاستبدادي الذي يراد فرضه على المصريين بالقوة، والأخطر من كل ذلك محاولة الزج بالجيش المصري في صراع مع الشعب لإنهاك الجيش وإضعافه خدمة للكيان الصهيوني!!

الأزمات المفتعلة في المشتقات النفطية والكهرباء وحوادث قطع الطرقات انتهت فجأة، لأن الانقلابيين كانوا وراءها من قبل فتوقفوا عنها، وحتى الاختناقات المرورية كان (أحمد شفيق) قد أعلن أنه كفيل بإنهائها في يوم واحد إذاا سقط الرئيس مرسي ولا غرابة فهو أحد المدبرين لتلك الاختلالات!!

ربما كانت النوايا الحسنة غير كافية لترك المفسدين يسرحون ويمرحون دون رقابة ولا محاسبة، ولكن يكفي الرئيس مرسي فخراً أنه لم يقتل خصماً ولم يصادر حرية معارض، وتعامل بحسن نية مع المنافسين ومع مختلف قيادات الدولة من دون تمييز، وهو الأمر الذي لن يندم عليه؛ وإن كان قد أُتي من هذا الباب!

لقد تحررت الشعوب من الخوف ولم يعد بالإمكان تدجينها وإذلالها، وهاهو الشعب المصري يخرج مستنكراً الانقلاب العسكري ومطالباً بعودة رئيسه المنتخب، وبصورة لم يسبق لها مثيل، وبعون الله سيحبط الشعب الكيد والتآمر، ولن يقبل بعودة الاستبداد، وعليه أن يتحمل ويصبر مهما كانت التضحيات فإنها أقل بكثير من اللجؤ إلى العنف أو الرضا بالطغيان.

سيخسر الانقلابيون ويندمون، وسيبقى الشعب المصري شامخاً قوياً، وسيظل شوكة في حلق الكيان الصهيوني الذي تنفس الصعداء بإجراءات إغلاق معبر رفح وهدم الأنفاق والتضييق على الفلسطينيين، ولن تدوم احتفالاته وأفراحه، والذين حشدوا ودفعوا المليارات لإسقاط إرادة الشعب المصري " سينفقون أموالهم " ثُـمَّ تَكُـوْنُ عَلَيْهِمْ حَـسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُوْنَ "

أما الإخوان المسلمون فمن حسن حظهم أن خصومهم قادوهم إلى الميدان الذي يتفوقون فيه، فقد واجهوا المحن تلو المحن وخرجوا منتصرين رافعي الرؤوس، لكن عليهم الاعتماد على الله أولا، والتقرب إليه والتذلل بين يديه، يجب أن لا تعجبهم كثرتهم ولا يغتروا بكثرة أنصارهم، ويجمل بهم استيعاب جميع الناس، ورغم مرارة الجراح فلا بد من استمرار التسامح مع من اعتذر لهم، ويجدر بهم إلى المستقبل بروح المحبة والتفاؤل الذي من أجله واصلوا طويلاً، عليهم أن يستمروا بطمأنة المخالفين لهم، وليحذروا المندسين والمتعجلين فيتمسكوا بالسلمية ولا يقبلوا الانزلاق إلى العنف مهما كانت التضحيات " فَاللهُ خَـيْـرٌ حَافِظَـاً وٓهُـوَ أَرْحـمُ الرَّاحِـمِـيْــنَ "، وقريبا يفرحون بنصر الله.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 11:06 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-2359.htm