- يقول الكاتب البرازيلي باولو كويلو في إحدى رواياته: «يمثل العدو جانبنا الأضعف، الذي قد يتجلى عبر الخوف من الألم الجسدي، أو الشعور المسبق بالنصر، أو الرغبة في ترك المعركة قائلين إن الأمر لا يستحق العناء.

- يقول الكاتب البرازيلي باولو كويلو في إحدى رواياته: «يمثل العدو جانبنا الأضعف، الذي قد يتجلى عبر الخوف من الألم الجسدي، أو الشعور المسبق بالنصر، أو الرغبة في ترك المعركة قائلين إن الأمر لا يستحق العناء.
الأحد, 21-إبريل-2013
الحياة /ثريا الشهري -

يقول الكاتب البرازيلي باولو كويلو في إحدى رواياته: «يمثل العدو جانبنا الأضعف، الذي قد يتجلى عبر الخوف من الألم الجسدي، أو الشعور المسبق بالنصر، أو الرغبة في ترك المعركة قائلين إن الأمر لا يستحق العناء. إن عدونا لا يقوم بالصراع إلا لأنه يعرف أنه قادر على النيل منا، وبالتحديد في النقطة التي يصوّر لنا كبرياؤنا فيها أننا لا نقهر، فنسعى خلال الصراع إلى الدفاع عن جانبنا الأضعف، فيما العدو يضرب الجانب الأقل حماية، الجانب الذي نثق به تماماً، فنهزم في النهاية، لأننا تركنا للعدو اختيار طريقة القتال. إن ثمة غاية من وجود عدونا في حياتنا، ووجودنا في حياته، وهذه الغاية يجب أن تتم. فالهرب من المعركة أسوأ ما يمكن أن يحصل لنا، بل إنه أسوأ من أن نخسر الصراع، ذلك أن الهزيمة تعلِّمنا دوماً شيئاً ما، لكن الهرب لا يخولنا إلا الاعتراف بنصر عدونا». لم أستقطع شيئاً من كلامه، فمن حق القارئ تذوّق المعاني العميقة، وتأملها على مهله.


العدو دائماً ما يمدنا بالحافز للتقدم، وليس بالضرورة أن يكون شخصاً بعينه، فقد يكون العدو خوفاً، أو كسلاً أو جهلاً. إلى آخر قائمة أعدائك، وعليك مواجهتهم بالأسلحة التي يتحدونك بها. فإن كان الخوف عدوك فواجهه بسلاح الرعب بداخلك الذي يتحداك به. وستكتشف في حينه أو في عقبه أن مبالغتك المغالى فيها لعدوك، ما هي سوى فخ نُصب لك، وكم من أمور أقنعت نفسك بقبولها وكأنها قدر محتوم عليك، فقط لرهبتك من التغيير وعجزك عن خوضه، فبماذا نفعتك معرفتك بعدوك؟ في الواقع لقد ارتدت المعرفة عليك ولم تنفعك سوى في إحساسك بالجبن، والذي ربما تعكسه مسرحية الثقة المتعاظمة التي تلعب دورها أمام الناس، أو ربما تمثيلية الكبرياء غير المبرر، أو التحسّس المضاعف من أصحاب النجاح والشجاعة، أو، أو... وتتعدد الأسباب والمحصلة أنك لم تواجه عدوك واخترت أن تكون جباناً.


حين تحدث العم عن ابني أخيه اللذين أعلنت السلطات الأميركية عن مسؤوليتهما عن تفجيرات ماراثون مدينة بوسطن، لم يصفهما بأقل من ضائعين. وتفهم من كلامه أنهما لم يستطيعا التأقلم مع نجاح الآخرين. إنه السطر الأخير في الحكاية، أضف إليه سطراً بعد الأخير يقول إنك لا تملك أن تكره الآخرين من دون أن تكره نفسك. هذان الشابان كانت أفكارهما أول أعدائهما، فانعكست على رؤيتهما للحياة، هي حال من الانهزامية الانتحارية، ولها شق آخر يقابلها في المعادلة، فإن بدا أنه عكسها غير أنه غالباً ما يؤدي إلى نهاية مماثلة، إنها لحظة شعور الإنسان بتعاظم قوته وتضخمها إلى حد يتملكه معها الخوف واهتزاز الثقة، وعندها تأتي القرارات الخاطئة. وكم من بشر خسروا في اللحظات الأخيرة بسبب تلك القوة المتدفقة التي أعمتهم، فجرفت معها كل شيء. وإليكم صدام أبرز مثال.


ليتنا على درجة من الحكمة نقدِّر معها عدونا وأسلوب مواجهته، فإذا انتصرنا لم نركن إلى نشوة الفوز ولا الخوف من الهزيمة القادمة، ولكن إلى حمد الله أولاً، ومن ثم التنبه إلى كيف تكون الحيطة وأخذنا بالأسباب. ألم نسمع أن الإنسان الذي لا يصغي إلى حكم الحياة لن يتعلم شيئاً؟ ولكن لا بأس، فالحل الأسوأ سيدلنا على الحل الأمثل الذي «كان» علينا أن نسلكه ولم نفعل، فَلِمَ التردد في تعديل المسار؟ فمازال النهار في أوله. ولو كنا خلقنا وليس أمامنا سوى الصحيح، لما كان هناك أكثر من طريق وأكثر من خيار. فلا بأس، فالأهم ألّا نصل إلى خط النهاية ونحن المذنبون الأخسرون. فإذا على الموت فأجمل ما فيه أنه فرصتنا لنحقق الحياة.. لنحقق أفضل ما نتمنى وما يليق بنا، فالموت هو نعمة الله لنا لنحيا الحياة. فحقيقة أن ليس بيدنا إلغاؤه أو تأجيله، تجعلنا نتيقن «مرتاحين» أن كروتنا اختزلت في كرت واحد وهو وعينا بالحياة، وحين نفقد هذا الوعي سيرتد علينا جهلنا، تماماً كما سترتد علينا معرفتنا إن أسأنا استخدامها وتوجيهها، وإليكم أحدث شابين ارتدت عليهما معرفتهما كما ارتد عليهما جهلهما. فكيف أتت النتيجة؟ بمجرم مقتول، وآخر مُعتقل.


suraya@alhayat.com



تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 12:24 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-1429.htm