- من يتابع وسائل الإعلام اليوم يظن الحرب قد قامت وعلى أشدها في كل قُطْـر وخاصة في عالمنا العربي, بل ربما تيَقَّنَ بأن حرباً عالمية على وشْك الانفجار؛ أخبار غير صحيحة أو مُبَالَغٌ فيها, وأخرى تفسر بالقلق والخوف وسـوء الظن,

- من يتابع وسائل الإعلام اليوم يظن الحرب قد قامت وعلى أشدها في كل قُطْـر وخاصة في عالمنا العربي, بل ربما تيَقَّنَ بأن حرباً عالمية على وشْك الانفجار؛ أخبار غير صحيحة أو مُبَالَغٌ فيها, وأخرى تفسر بالقلق والخوف وسـوء الظن,
الأربعاء, 17-إبريل-2013
بقلم زيد الشامي -

من يتابع وسائل الإعلام اليوم يظن الحرب قد قامت وعلى أشدها في كل قُطْـر وخاصة في عالمنا العربي, بل ربما تيَقَّنَ بأن حرباً عالمية على وشْك الانفجار؛ أخبار غير صحيحة أو مُبَالَغٌ فيها, وأخرى تفسر بالقلق والخوف وسـوء الظن, وتحميل المواقف ما لا تحتمل, وتصوير الحوادث الفردية كظواهر عامة, وهكذا يضع الناس أكُفّهم على قلوبهم خوفاً من الحاضر المرعب والقادم المجهول.


وحتى ينتهي لديك الترقب والقلق يكفي أن تبتعد عن وسائل الإعلام المختلفة لمدة أسبوع أو ثلاثة أيام على الأقل وستشعر بالهدوء والسكينة, وستمارس حياتك الطبيعية وتنظر إلى من حولك بحب وثقة واحترام وتقدير, وستلحظ أن القيامة لم تقم بعــد, وأن في الأرض فسحة للعيش مع الآخرين بسلام!!


 ألا يستدعي الأمر الوقوف بعقل ومسؤولية عند ذلك الانفلات الإعلامي الذي يستهدف - في الغالب - الكسب السياسي ولا يلتزم الحقيقة, كما أنه لا يبالي بصحة المعلومات التي ينقلها, بل يضيف إليها ما يجلب الإثارة ويلفت النظـر, رغم ما يحدثه ذلك من اضطراب وتشكيك وفقدان للأمن والاستقرار النفسي في المجتمع, وإن مما يزيد الأمر سوءاً نشر الشائعات الكاذبة, واستخدام أساليب السخرية والاستهزاء وتحقير الآخر والتنابز بالألقاب...


لا شك أن وسائل الإعلام تلعب دوراً في غاية الأهمية بما تنشره من حقائق تجعل الجميع تحت بصر الرأي العام, ويمثل هذا كوابح تمنع المتهورين والفاسدين والظالمين والعابثين من الاعتداء على الحقوق والحريات الخاصة والعامة, أو على الأقل تحُدّ من التصرفات الرعناء والمنفلتة لأفراد أوجهات أو جماعات لا تقف عند حدها إذا لم تكن تحت المجهر, أو تحت طائلة الحساب والعقاب!


لكن رسالة الإعلام لا تقف عند نقل الخبر والمعلومة فحسب, إذ يمكنها أن تتحوّل إلى رافعة إيجابية في تقريب وجهات النظر, وإشاعة ثقافة المحبة والتعايش والقبول بالآخـر, وهذا يكاد ينعدم عند كثير من وسائل الإعلام ولاسيما تلك التي تخدم توجهاً سياسياً بعينه, فتظهر وكأنها تخاطب المنتمين إلى ذات التيار الذي تنتمي إليه فقط باعتبار أنهم يسلمون أنفسهم وعقولهم لما يأتيهم من وسائلهم الإعلامية الخاصة, والتي في الغالب لا تحترم عقل الآخر ولا تراعي مشاعره, وكأن الجميع يجب أن يسيروا إلى مفازات متباعدة لا تمَكّنهم أن يلتقوا في منتصف الطريق, أوكأنهم يتجهون إلى نقطة الصدام الحتمي الذي سيأتي على الأخضر واليابس في القريب العاجل!!


أليس من واجب الساسة والقادة أن يتفقوا على الحد الأدنى من الالتزام الأدبي والأخلاقي الذي يمنع تلك الحالة من الانقسام والفرز والاضطراب, ويمنع تنامي الكراهية والبغضاء والتباعد بين أبناء المجتمع, وأن يبحث الجميع عن الوسائل التي تمكّنهم من التعامل بمسؤولية في خلافاتهم وتحول دون تحويلها إلى عـداء دائم وصراع لا رجعة فيه, فالخلاف من طبيعة البشر, لكن يجب أن لا يقود إلى القطيعة والتباعد وقطع كل حبال المودة!


ولأننا في اليمن قد بدأنا الحوار الوطني الشامل فلابدّ من تهيئة الأجواء التي تزرع الثقة وتدفع المتحاورين لتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة, يجب أن نسعى لتبديد المخاوف واقتراح الحلول لمشكلات الماضي, وابتكار الأساليب التي تمنع تكرار الأخطاء والمظالم, وأن نتعلم كيف نتعايش ونتعاون ونتكامل, وتتحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا المضمار...


أتمنى أن يستوعب الجميع الظرف الذي نعيشه ونغتنم الفرص المتاحة ونعزز ثقافة الشراكة والمسؤولية, ونبتعد عن منهج الاستحواذ والإقصاء الذي لم تكسب منه الشعوب غير الاستبداد والفوضى والاضطراب وذَهاب قوتنا المادية والبشرية...


   وصدق الله العظيم:


" يا أَيُّها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قوم, عسى أن يكونوا خيراً منهم, ولا نساءٌ من نساء, عسى أن يكُنَّ خيراً منهنَّ, ولا تَلْمـزُوا أنفسكم, ولا تنابزوا بالألقاب, بئسَ الاسم الفسوق بعد الإيمان, ومن لم يَتُـبْ فأولئك هـم الظَّـالمون..."


Zaid.Ashami@yahoo.com


تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 11:06 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-1386.htm