- 42 مليون مشروع داعشي اكثر من سكان اليمن والسعودية

- 42 مليون مشروع داعشي اكثر من سكان اليمن والسعودية
السبت, 04-يوليو-2015

 بقلم / وفاء صندي - 


تقرير نشره موقع “رأي اليوم” يفيد بأن حسب أربع استطلاعات رأي اجريت في اربع دول عربية حول “الدولة الاسلامية” هناك 8.5 مليون شخص يؤيد هذه الدولة بقوة، واذا اضفنا المتعاطفين مع “الدولة الاسلامية” ومن ينظرون اليها بصورة ايجابية فان الرقم يرتفع الى حوالي 42 مليون شخص.


ورغم انني لا اعير اهتماما لنتائج استطلاعات الرأي خصوصا في عالمنا العربي لما تحمله من مغالطات في احيان كثيرة، الا انه استوقفني هذا الرقم الكبير من المؤيدين والمتعاطفين مع تنظيم ارهابي معروف بوحشيته ودمويته وتفننه في صناعة الموت. الارقام التي اشارت إليها الاستطلاعات سواء في العراق وسوريا او تونس ومصر والسعودية واليمن هي ارقام ان كانت صحيحة او حتى تجانب الصواب فهي تدق ناقوس الخطر في المنطقة العربية، فإذا كان عدد سكان العالم العربي يقارب 400 مليون نسمة فأكثر من 12% من العرب هم بين مؤيد ومتعاطف مع فكر ارهابي ومتطرف، فلماذا لدى العرب كل هذه القابلية للتطرف؟ ما الذي يدفع كل هؤلاء الى التعاطف مع “داعش”؟ وهل يمكن ان يتحول هذا التعاطف الى دعم مطلق لداعش ودعم لمشروع خلافتها؟


للاجابة على هذا الاسئلة يجب ان نبدأ من اصل التنظيمات الارهابية ونشأتها، فجذور “داعش” أو أي منظمة إرهابية أخرى، تبدأ بوجود حالة مجتمعية تعاني الظلم والاضطهاد فكبر احساس القهر لديها وتفاقم لدرجة اصبحت تجمعها فكرة الانتقام سواء من الاخر او من الدولة، وهي الفكرة التي تجد دائما من يحتضنها ويدعمها حتى تصبح ظاهرة متطرفة واداة لتصريف مواقف او تصفية حسابات. وداعش بدأت اولى بوادرها بالاحتلال الامريكي للعراق وما واكبه من تعذيب وتطهير طائفي، وكان الاحتلال هو بداية انطلاق عمليات المقاومة والعمليات الانتحارية التي انطلقت من العراق الى المنطقة بالكامل. ومع السياسة الطائفية التي اعتمدها نوري المالكي وذبح السنة في العراق، وكلنا يتذكر ما حصل في ابريل عام 2013عندما خرجت بعض الاحتجاجات السنية السلمية تطالب حكومة المالكي الشيعية في بغداد بإعادة مخصصات العائدات النفطية للمحافظات السنية إلى ما كانت عليه في السابق، فما كان من قوات الأمن العراقية، الا أن أطلقت النار على الحشود، وهنا كانت بداية تشكيل الدولة الاسلامية في العراق بالفكر الدموي الذي باتت عليه اليوم.


واذا كان الشعور بالظلم والقهر هو المحرك الاساسي لقيام أي تنظيم متشدد وارهابي، فإن الالتحاق بصفوف هذا التنظيم او التعاطف معه يكون من نفس المحرك، وهو الاحساس بالظلم. ومع كل ما تمر به المنطقة العربية في هذه المرحلة المحرجة من تاريخ الامة من ارتباك وفوضى، وما سبقها من سنوات الظلم والاستبداد والغضب، بالاضافة الى غياب العدالة الاجتماعية والفقر والبطالة وحالة اليأس التي انتابت المواطن العربي بعدما فقد الامل في التغيير.. كلها عوامل محفزة جعلته يستسلم لفكر داعش وافكارها، وهي (داعش) التي اصبحت قادرة على جذب اهتمام الشباب العربي واستحواذ عاطفته وربما الاقناع بالالتحاق بصفوفها من باب رفع الظلم والدفاع عن النفس، هذا اولا.


ثم هناك، ثانيا، الحماسة الدينية والفهم الخاطئ للدين، وهذا ما يدفع كل التنظيمات الارهابية والمتشددة الى توظيف الدين في غير صحيحه من باب اضفاء الشرعية على تصرفاتها وافعالها، وايضا من اجل كسب تعاطف واستقطاب الكثير من الشباب المتدين دون معرفة كافية بصحيح الدين. وهناك، ثالثا، المفتاح الذي يغري الشباب وهو البحث عن الهوية والبحث عن الانتماء والهدف. وداعش وفرت هذا المعطى وساعدت في ادماج الفرد داخل المجموعة، فلم تطلق احكاما مسبقة عن الملتحقين بصفوفها، ولم تهتم اذا كانوا عاطلين عن العمل أو متخصصين او مبتدئين، بل جعلت جميع المنتسبين إليها يعتقدون بأنهم مميزون، وانهم جزء من كيان جديد، قوي ومتمكن، يستطيع ان يوفر لهم شغلا وزوجة وسكنا وحياة مختلفة بكثير واكثر رفاهية عن تلك التي تركوها في اوطانهم وضمن محيطهم. هذا بخصوص المنضمين لداعش.


اما بخصوص المتعاطفين معها، فالاحساس بالظلم والقهر هو ايضا اساس التعاطف، فمعظم هؤلاء يشعرون بالقهر والظلم من الواقع الذي يعيشون فيه، ولأنهم لا يستطيعون تغيير واقعهم فإنهم يرون في أي بديل آخر حتى لو كان “دعاة على ابواب جهنم” حلا مقبولا وطريقا اضطراريا يمكن ولوجه ولو بالدعم والتأييد النسبي او المطلق. هذا بالاضافة الى العاطفة الدينية التي تجعل الكثير من بسيطي المعرفة بحقيقة الدين الاسلامي السمح يتعاطفون مع أي خطاب يتمسح بالاسلام ويوظف عباراته ويستخدم عباءته لاستقطاب الجماهير واستحواذ تضامنها. والداعشيون. أضف الى ذلك، كون فكرة أي تحالف او حرب تشارك فيه امريكا والغرب ضد داعش او غيرها من التنظيمات المتشددة يكسب هذه الاخيرة تعاطفا اكبر متى ما رددت مراجعها الشرعية أن الدول الكافرة تتآمر وتتحالف من اجل قتل المسلمين.


بالتالي، التطرف /الارهاب مثل التعاطف معه هو جاء نتيجة عدم تطبيق العدالة الاجتماعية والاحساس المفرط بالظلم، وهو نتيجة لأفكار وقناعات منحرفة لتفسير خاطئ للنصوص الدينية. والارقام السابقة الذكر هي ارقام مخيفة وتهدد بواقع اكثر ظلامية مما نعيشه اليوم، ومن هنا يجب استيعاب هؤلاء الشباب المتعاطف مع هذا الفكر المتطرف ومحاولة توعيته من خلال فتح نقاشات صريحة وجريئة تخص واقعه وكيفية تطويره دون انحراف او تطرف، ويجب العمل على احتواء غضبه من خلال ادماجه داخل المجتمع بتوفير ظروف تعليمية مناسبة وعمل يقيه شر البطالة وانقاذه قبل ان يتحول الى مشروع متطرف قابل للالتحاق بداعش في مقرها اوالانفجار داخل وطنه. كما أن عملية تفسير النصوص الدينية بشكل خاطئ تحتاج إلى وقفة صادقة من علمائنا للتفرغ لمشروع جبار ينشر بين الناس في المجتمع التفسير الصحيح للنصوص الدينية بعيدا عن الغلو.


إن صناعة متطرف او متعاطف معه في مجتمع هش كمجتمعاتنا هو مسؤولية مشتركة علينا أن نعترف بها، فلم يولد المتطرف او من يتعاطف معه ويؤيده بين ليلة وضحاها، بل دام المخاض سنوات طويلة عانى فيها اما الظلم او التهميش او البطالة او الجهل وغيره.. لذلك لابد من اجل تصحيح هذا الواقع من بدل جهود توعية من المؤسسات التربوية والدينية والإعلامية، ولابد من تحقيق العدالة الاجتماعية واشراك الشباب في مشاريع تنموية تضمن لهم حياة كريمة تقيهم شر الوقوع فريسة استقطاب الارهاب.


القدس العربي

تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 10:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-13846.htm