كشف مستثمرون في قطاع المواد الغذائية أن إيران تمكنت حتى آخر كانون الثاني (يناير) الماضي من شراء كامل إنتاج الأرز قليل الجودة، والمقدر بنحو 40 مليون كيس من الأرز الخام المعروف بـ ''1121''، ما أدى إلى تقلص المساحات المزروعة من أرز البسمتي، الذي يعتمد عليه المستهلك الخليجي والسعودي على وجه الخصوص.

وأوضح المستثمرون في حديثهم لـ ''الاقتصادية'' أن إيران تتحرك للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من إنتاج الهند من أرز ''1121''، ما دفع مزارعي الهند إلى زيادة المساحات المزروعة، وأثّر ذلك في حجم المساحات المزروعة من أرز البسمتي، الذي يشكّل مصدر غذاء دائما لسكان الخليج وعدد من الدول الأوروبية.

ورجحوا حدوث زيادة في أسعار الأرز في الفترة المقبلة، في ظل مؤشرات على بيع الهند حتى كانون الثاني (يناير) الماضي كامل إنتاجها من أرز البسمتي الخام، والبالغ 15 مليون كيس، و40 مليون كيس من الأرز الخام ''1121'' الذي استحوذت عليه إيران بشكل كامل في عام 2012م، وتعمل على شراء الكميات التي ستتم زراعتها وإنتاجها خلال 2013م.

وقال أحمد صالح، مسؤول مشتريات ومبيعات في إحدى الشركات المستوردة للأرز الهندي: إن أغلب مزارعي الهند اتجهوا إلى زراعة أرز ''1121'' في مساحات شاسعة، بفضل الإنتاجية العالية للهكتار الواحد، بكمية تقدر بين 1600 و1800 كيلو، أي أكثر من 5.1 طن تقريبا.

في حين ينتج الهكتار بين 900 و1200 كيلو من أرز البسمتي، أي أقل من طن في بعض الأحيان، لذا اتجه مزارعو الهند إلى زراعة هذا النوع الذي أقبلت إيران على شرائه في العام الحالي، تحسبا لأي صعوبات عالمية قد تواجه في الحصول على السلع الاستهلاكية الضرورية.

وأوضح صالح أن سعر طن أرز البسمتي حتى نهاية عام 2012م يراوح بين 975 و1050 دولارا، لكنه قفز حاليا إلى 1520 دولارا، أما أرز ''1121'' كان 900 دولار حتى نهاية 2012م، وارتفع حاليا إلى 1300 دولار. وتوقع صالح عدم حدوث انخفاض في أسعار الأرز، في ظل توجه الهند إلى زراعته بكميات كبيرة لصالح إيران.

من جهته، قال مسؤول آخر في إحدى شركات المواد الغذائية - فضّل عدم ذكر اسمه - إن ثمة نوعا آخر من الأرز وهو الشربتي بلغ سعره بين 600 و700 دولار للطن، لكن يتم استهلاكه داخل الهند رغم وصول كميات منه للسعودية، حيث يتم خلط هذه الكميات مع أرز البسمتي.

وأضاف أن إنتاج الهند من أرز البسمتي حتى نهاية كانون الثاني (يناير) بلغ 15 مليون كيس من أرز البسمتي الخام، وأن نحو 750 ألف طن تم تصديرها بعد التنظيف والتعبئة.

أما أرز ''1121''، فقال إن إنتاج الخام منه وصل إلى 40 مليون كيس، وتم تصدير 180 ألف بعد تنظيفها واستبعاد حبات الأرز المكسورة منه.

وأكد أن هذه الكمية أنتجت وبيعت بالكامل في الشهرين الماضيين، لذا فإن مخزون الهند من الأرز بأنواعه المتعددة قد نفد، مشيرا إلى سحب أغلب الكميات التي يتم تداولها الآن من الأرز في السعودية من مخزون المستوردين وشركات المواد الغذائية.

لكن سعد السويلم رئيس اللجنة الوطنية التجارية في مجلس الغرف السعودية استبعد أن يكون توجه إيران الأخير سببا مباشرا في ارتفاع أسعار أرز البسمتي محليا وعالميا.

وأشار في حديثه إلى أسباب أخرى، قائلا: ''ارتفاع مستوى المعيشة في الهند نفسها أدى إلى زيادة استهلاكها من أرز البسمتي نتيجة ارتفاع مستوى الدخل لعدد كبير من سكان الهند، كما أن الصين نفسها بدأت تتجه نحو الهند لشراء كميات كبيرة من الأرز''. وتوقع السويلم عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة قبل نهاية العام الجاري.

من جهته، قال الدكتور واصف كابلي عضو اللجنة الوطنية التجارية في مجلس الغرف السعودية: إن إيران بدأت في تصدير كميات كبيرة من الأرز المزروع محليا ويعتبر من أجود أنواع الأرز، واستيراد كميات كبيرة من الأرز الهندي قليل الجودة بأسعار منخفضة.

وأضاف: ''هذا ذكاء اقتصادي تتبعه إيران لفك الحصار المفروض عليها''، وأشار إلى سعيها لتقليل الاستهلاك الداخلي من الأرز الإيراني وتخصيصه للتصدير، لتوفير عملة صعبة لاقتصادها الذي يواجه أزمات مالية متواصلة بسبب الحظر المفروض عليها.

وتابع أن دولا عديدة مثل تركمانستان، وكازاخستان، وتركيا، وروسيا، وأرمينيا، وأذربيجان، وباكستان، وأفغانستان، تستقبل كميات كبيرة من الأرز الإيراني، عبر قنوات تجارية مشروعة وغير مشروعة.

وأوضح أن إيران كانت في السابق تمنع تصدير أرزها عالي الجودة بغرض الاستهلاك المحلي، لكنها بدأت في تصديره بعد تأزم اقتصادها وحاجتها إلى توفير العملة الصعبة.

واستبعد واصل تمكن إيران من شراء كامل إنتاج الهند من الأرز، خاصة أن ثمة دولا أخرى تعتمد على الهند في توفير حاجاتها من الأرز، وقال: حتى لو تمكنت إيران من الاستحواذ على كميات كبيرة من إنتاج الهند، فإن دول الخليج لديها قنوات أخرى للحصول على السلعة، سواء من باكستان أو تايلاند.