- أشرار "تويتر" القبيحون..

- أشرار "تويتر" القبيحون..
الجمعة, 30-يناير-2015
الكاتب / سارة مطر -

 أعترف أنني أحياناً أبدو امرأة ساذجة جداً، تلك السذاجة التي تشبه كرة الصوف في يد سيدة تعيد تأطير أحلام أبنائها من جديد، الجانب المشترك بيني وبينها، أننا لا نفكر إلا فيما نملكه بأيدينا فقط، لهذا لا نتمكن من رفع رؤوسنا لكي نرى جيداً الصورة التي يراها الآخرون، إن كل ما أراه في حياتي هو قلبي، لا شيء سواه، الغريب أنني لا أعرف أن أكره بشكل كامل، يمكنني أن أكره تماماً كالأم، التي تشتم أبناءها ظهراً وتبكيهم عصراً، لا أذكر مرة أني استطعت أن أكره أحداً أكثر من أيام أو أسابيع، لا أذكر أن قلبي تحول لمحطة من الهوس بكل الذين يفتكون به، كنت أتجاوز كل الأحقاد والحسد والكراهية بسرعة، وكنت أهرب بعيداً عن كل ما يدفعني لذلك..


أنا وسيدة الصوف نشبه بعضنا كما قلت في سذاجتنا، حيث إن نظرتنا للأشياء، لا تعدو إلا أن تكون محدودة، لأننا لا نفكر إلا فيما نراه فقط، وأحياناً لا نهتم فيما نراه، لأننا مشغولون جداً بصناعة أنفسنا، وقبل يومين بدأت أفكر فيما قالته لي صديقتي نجوى ذات مساء، إنني امرأة لا تصدق أن هناك أشرارا في الحياة، بالتأكيد لا أصدق، ولماذا يكون الشر حولي؟ ما ذنبي؟ ما الذي اقترفته لكي أحاط بالشر والأشرار؟ يمكن أن يكون الأشرار في المكسيك وفي السجون، أو حتى في أسطح بيوت لشبونة، لكنهم ليسوا حولي ولن يكون، قلت لنجوى إنني سأتمكن من أن أتخطى كل الوجوه القبيحة، تلك التي تضمر الشر لي دون أن أعلم، أخبرتها بأن عليها ألا تقلق، وإنني بدأت أتخلص شيئاً فشيئا من سذاجتي، وإنني الآن أبدو أكثر حرصاً مما مضى، لم تصدقني نجوى، وأنا أيضاً لم أصدق نفسي، إنني لا أهتم بكل ما يقال حولي، لا أهتم بالألوان الرمادية، كما أني لا أصيخ السمع لندابات صواني العزاء، ولا أزال حتى الآن لم أشبع من طفولتي كما يجب، ولا أود أن أغامر لأبدو مثل نجوى صديقتي، لا أود أن أمتلك عينيها وذكاءها المفرط، إنني سعيدة بما أنا عليه، حتى جاء اليوم الذي دهشت فيه عبر رغبة أحدهم بإيذائي دون أن أعرفه، كان ذلك عبر برنامج التواصل الاجتماعي "تويتر"، في الحقيقة صاحب الحساب لا أعرفه، لكنه سبق أن قام بكتابة تغريدة سيئة عن كتابي "أنا سنية.. وأنت شيعي"، وقبل حتى أن يباع في المكتبات، فسألته كيف آن له أن يكتب تعليقاً سيئاً وهو لم يقرأه، فقال لي إنه يتوقع ذلك، فأجبته غاضبة إن ما يفعله أمر غير لائق، وعلى الأخص أن الكتاب في طريقه لسوق المكتبات، ولكي أريح دماغي قمت بعمل حظر له، وانتهى الموضوع تماماً من رأسي، ويوم الثلاثاء أي قبل يومين كنت قد عدت في الثانية بعد الظهر من دبي إلى مطار الدمام، وكانت الرحلة جميلة وميسرة، وبدأت في التغريد بأنني عدت إلى وطني، ولم تمض سوى ثلاث ساعات، حتى غص "تويتر" بخبر مفبرك من ذات الحساب الذي حظرته قبل عام وأكثر، يشير في تغريدته إلى أنه تم القبض عليّ في دبي، وضحكت واعتقدت أن الموضوع مجرد "غيرة" وسينتهي الأمر، ولكن ما ساءني أن الجميع بدأ يسأل، ويستفسر عن الموضوع المفبرك، وحينها أدركت ماذا كانت تعني نجوى بالأشرار؟ شخص لا أعرفه ولا يعرفني، لكنه امتلك الوسيلة لكي يعمل على تشويه سمعتي بكل سهولة وبساطة، لأنه حينما لا تكون لديك قيم، فكل الأمور تبدو سواء.

استيقظت جيداً من الحلم الذي كنت لا أزال أغرس أسناني فيه، استيقظت على فكرة أن العالم مليء بالأخيار والأشرار أيضاً، وأن الأشرار ليسوا في المكسيك فقط، وإنما من الممكن أن يكونوا أقرب الناس في حياتنا، الحمد لله، أنني تصرفت بحكمة، وقمت بتحويل التغريدات المسيئة عني لشرطة دبي، التي أشكرها كل الشكر على سرعة تجاوبها الكبير، وفي انتظار أن يحكم القضاء لصالحي، لصالح قلبي الطيب، لصالح ما لم أكن أتوقعه في حياتي يوماً!
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 03-مايو-2024 الساعة: 10:52 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.awraqpress.net/portal/news-11327.htm