أخفقت الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أمس فى التوصل لاتفاق حول تمديد الوقت الإضافي الذى يُمكن منحه للدول الأقل نمواً لتنفيذ أحكام منظمة التجارة العالمية بشأن حماية براءات الاختراع، والعلامات التجارية، وحقوق النشر، وكل أشكال حماية الملكية الفكرية.

وحتى الوقت الراهن، تظل الدول الأقل نمواً مُلزَمة بتطبيق إتفاقية المنظمة حول "الأوجه التجارية لحقوق الملكية الفكرية"، الشهيرة باسم TRIPS، في حدود الأول مِن تموز (يوليو) 2013، بعد 18 عاماً مِن دخول الاتفاقية حيِّز التنفيذ عام 1995، وبعد ثماني سنوات من انتهاء فترة السماح الأولى (عشر سنوات) التي منحتها المنظمة للدول الأقل نمواً عام 2005.

مع ذلك، فالدول الأعضاء في المنظمة وافقت في اجتماعها الوزاري في كانون الأول (ديسمبر) 2011 على دعوة مجلس TRIPS لمناقشة موضوعات ذات أهمية قصوى لمطالب الدول الأقل نمواً خاصة ما يتعلق بمنحها تمديدا إضافيا للفترة الانتقالية، على أن يرفع المجلس تقريراً للمؤتمر الوزاري المقبل للمنظمة في مدينة بالي الإندونيسية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وبموجب قرار اتخذته الدول الأعضاء في المنظمة عام 2002، فالدول الأقل نمواً غير ملزمة بتقديم شهادة براءة الاختراع للمستحضرات الصيدلانية لنهاية عام 2016. وخلال اجتماع TRIPS في مقر المنظمة في جنيف أمس، أبدت كل الدول الأعضاء رغبتها في منح الدول الأقل نمواً تمديدا آخر، غير أنَّ بعض الدول رفضت مقترحاً مِن نيبال (نيابة عن مجموعة الدول الأقل نمواً في منظمة التجارة) يدعو إلى تمديد الفترة الإنتقالية " حتى ارتقاء الدولة المستفيدة من قائمة الدول الأقل نمواً إلى قائمة الدول النامية، وقال سفير نيبال إن المقترح سيحسن الظروف الصحية في مجموعة الدول الأقل نمواً، ويقلص مِن أعباء ميزانياتها الصحية، ويمنح إمكانية أوسع لتطوير أنظمتها القانونية ومقدرتها الصناعية. وأبلغت نيبال الدول الأعضاء بأن مقترح الدول الأقل نمواً يلقى دعماً مِن أغلب وكالات الأمم المتحدة، يضمنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للإيدز.

مِن جانبه، قال الممثل التجاري الأمريكي لدى منظمة التجارة إن بلاده مستعدة لدعم تمديد جديد لفترة السماح "لكن لفترة مُحدَّدة وليست مفتوحة" مثلما تُطالب مجموعة الدول الأقل نمواً، وأضاف أن موافقة المنظمة ينبغي أن تكون مشروطة بإكمال الدول الأقل نمواً تشريعاتها المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية وأن تُصدر تشريعات تعزِّز مِن إجراءات الحماية.

مِن جانبه، قال الاتحاد الأوروبي إنه مستعد أيضاً النظر في تمديد فترة المنح "لكن لفترة محددة". وأيدت موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كلٌ مِن أستراليا، نيوزلندا، كندا، سويسرا، اليابان، وكوريا الجنوبية. وأعربت أغلب الدول النامية عن تأييدها للتمديد، وقالت إن الجهود في هذا الاجتماع ينبغي أن تتركز على حاجيات الدول الدول الفقيرة وليس الإذعان لاتفاقية TRIPS. غير أنَّ المفاجأة كانت في كلمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي أحجمت عن تأييد فترة التمديد المفتوحة. وفي حديث للاقتصادية، استبعد مصدر تجاري أوروبي كُليَّاً أن توافق الدول الأعضاء على مطالب الدول الأقل نمواً بمنحها فترة سماح طوال الفترة التي تبقى فيها الدولة مدرجة على قائمة الدول الأقل نمواً. وقال: مُنذُ عام 1971، الذي وضعت فيه الأمم المتحدة قائمة الدول الأقل نمواً، لم تنتقل مِن هذه القائمة إلى قائمة الدول النامية سوى ثلاث، هي: بوتسوانا، وجزر الرأس الأخضر، ومالديف.

وهناك 34 دولة من الدول الـ 159 الأعضاء في منظمة التجارة مُصنَّفة على أنها أقل نمواً، أغلبها يقع في جنوب الصحراء الإفريقية، ومن بين الدول الأقل نمواً خمس بلدان عربية هي: جيبوتي، موريتانيا، الصومال، السودان، اليمن، ومن المقرر أن تتم مناقشة الموضوع ثانية في اجتماع مجلس TRIPS المقبل في حزيران (يونيو). ووزعت منظمة (أوكسفام) البريطانية، التي تضم تحالفاً قوياً مِن 14 منظمة غير حكومية، بياناً على المجتمعين حثت فيه على دعم مطالب الدول الأقل نمواً. وقال مستشار السياسات في (أوكسفام)، رومان بينيكيو، لـ "الاقتصادية" "إن فرض قوانين حقوق الملكية الفكرية على الدول الفقيرة يهدد بانهيار قطاعها الصحي برمته.

وأضاف: إن هناك الملايين مِن الفقراء يفتقرون إلى الأدوية، فما بالكَ إذا ما تم تطبيق حقوق الملكية الفكرية على الدول الفقيرة؟ الأمر يعني أن الأدوية لن تكون متاحة لهم، ولأسرهم، وللأجيال المقبلة.