‘كيف تسعفوني وقد رأيت حبيبي ملك الموت ’قالها قبل ساعات من وفاته وأحباءه من حوله يبكون . رجل بسيط لم يكمل تعليمه ، / مع أنه لم يكن شيخ لكن كان يأسر القلوب بمواعظه وخطبه / مع أنه لم يكن شيخ قبيلة لكن كان مهاباً بحب من حوله وإجلالهم إياه ، مع أنه لم يكن قاضياً لكن أنهى بأحكامه نزاعات مرت عليها سنون فرقت بين أسر وقبائل وأفراد وأزواج ، كان أستاذاً فاضلاً وعلامة داعية ، وموجه تربوي قدير ، كان الناس إذا اجتمعوا له أكلتهم الشمس لا يتحركون خشية أن تفوتهم كلمة من كلماته وموعظة من مواعظه وإذا نزل المطر يغرقون لا يقومون إلا إذا أمرهم / . لم يولد عبقريا لم يدرس في جامعة وخبراته السابقة ( مقوت ) وهذا وصف من يشتغل ببيع القات كما هو معلوم / جاءته ساعة صدق صدق الله فأصدقه / قال لنفر كانوا حوله أضعنا أوقاتنا وصلواتنا وما ربحنا من هذه التجارة شيء نسهر لا ننام نحلف الأيمان نخلف المواعيد وفوق كل ذلك نغفل عن الأهل والأولاد / ثم قال من يبايعني على التوبة والدعوة إلى الله بإخلاص وحب فتبايع الحاضرون / وكل واحد مضى لحاله . لم ينتظر القاضي يحيى محمد الخياري ‘ ولفظ القاضي لقب له لا صفة ’ بل أخذ يصلح بين الناس ويدعو إلى العودة للدين والاستقامة على السنة ، فصلحت به نفوس وانتهت بإخلاصه مشاكل وساهم في نشر المعاهد العلمية في شهارة المتربعة على جبل الأهنوم الأشم . وجاءت انتخابات مجلس النواب وأعلن الإصلاح مرشحه وأعلن المؤتمر مرشحه وكل الأحزاب أعلنت مرشحها كل ذلك كان في الجبل لكن الجبل انتفض وأبى إلا أن يكون مرشحه القاضي يحيى محمد الخياري رحمه الله رغم مضي فترة الترشيح القانونية وأعلن التلفاز في آخر ساعة من ليلة الانتخاب مرشح الشعب في جبل الاهنوم مستقلاً إنه القاضي يحيى محمد الخياري . لم يكن غنيا ولا من أسرة ثرية ولا ذا منصب كبير لكن ظل يصدع بالحق وهو عضواً في مجلس النواب لم يتزلف ليهنأ بعيش رغد لم يتملق ليحصل على سيارة لم يطبل ليحظى بقصر دخل مجلس النواب فقير وخرج منه أفقر مما كان وصدق القائل ‘ من عظم الله في قلبه عظمه الله في قلوب خلقه وقف ينافح عن الحق ويدافع الباطل وهو أعزل آذوه في قوته ما استكان آذوه في دينه ما لان آذوه في ولده الذي ذبحوه قبل ليالٍ من زفافه آذوه لكن الرجل ثبت على الجبل جبل . مات هذا الرجل لكن حبه في قلوب البسطاء ما مات ، طبعاً لم يكن إصلاحي خالص على الطريقة الإخوانية ولهذا ما خلد الإصلاح ذكره / لم يكن مؤتمرياً على الطريقة الوصولية ولذلك لم يحفل المؤتمر بأمره وهكذا حال الأحرار يحتاجون لا ينحنون يجوعون لا يركعون يموتون وهم واقفون / رحم الله القاضي يحيى بن محمد الخياري رحمة والسعة وفي الأخير قد يسألني سائل تكتب عن رجل مات قبل عشر سنين فأقول له قول الشاعر العربي وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.