«أشياء مشتركة أكثر مما يظن المرء تجمع بين الشركات العربية والشركات الألمانية، تُعد أكثر من 95 في المئة من الشركات الألمانية شركات عائلية ويعمل فيها أكثر من نصف العاملين في ألمانيا»، هذا ما جاء على لسان باول ديتسه من منتدى المالكين في برلين.
وبين ديتسه انه «بهذه الأرقام تحتل ألمانيا المرتبة الأولى في أوروبا، ولكن هناك أيضاً أرقام عالية مشابهة في العالم العربي». وتعتبر الشركة عائلية عندما يكون لعائلة واحدة أو لعدة عائلات تأثير قوي على القرارات الأساسية في الشركة.
خطرت على بال باول ديتسه الطالب السابق في المعهد العالي للاقتصاد في «فيتّن/هردكّه» خلال إقامته في القاهرة لعدة أشهر، بالاشتراك مع زميله في الدراسة تيم تيلّر، إقامة شبكة اتصالات في ما بين الشركات العائلية في ألمانيا والشركات العائلية في الشرق الأوسط، لأن باول ديتسه واثق بأن «كل طرف يمكن أن يتعلم من الطرف الآخر».
ولذلك أسسا «منتدى المالكين» الذي يعقد منذ سنة 2008 مرة في السنة اجتماعاً في أحد البلدان العربية. انعقد الاجتماع سنة 2012 في الإمارات العربية المتحدة. اجتمع نحو 200 رجل أعمال ألماني وعربي من أصحاب الشركات العائلية في أبوظبي لكي يتبادلوا الأفكار والخبرات حول الفرص المتوافرة في الأسواق النامية في الشرق الأوسط وحول التعاون الاقتصادي والتحديات التي تواجهها الشركات العائلية.
ونذكر على سبيل المثال، من الخبرات التي تبادلوها في هذا اللقاء كيفية التعامل مع النزاعات النمطية التي تنشب بين الأهل والأولاد في الشركة، ومنها مثلاً تسوية مسألة الخلافة ومشكلة الحصول على رأس المال أو العمالة.
يقول تيم تيلّر بناء على ملاحظاته أنه «من الأسهل جداً جمع اثنين من مديري الشركات العائلية من جمع اثنين من المديرين الموظفين. إذ إن أصحاب الشركات العائلية الألمان والعرب يفكرون بطريقة متشابهة «فهم يتبعون طريقة إيجابية في النشاط الاقتصادي ترمي، على سبيل المثال، إلى تحقيق نمو ذكي ومستدام».
وهذا ما يؤكده فرنر بالزن وريث شركة «هـ. بالزن» لصنع البسكويت في هانوفر التي تأسست سنة 1989، والتي تنتج بسكويت «لايبنتس» المشهور عالمياً. ويضيف رجل الأعمال بالزن الذي يريد زيادة حجم مبيعاته في أسواق الخليج «إن الشركات العائلية اجتازت الأزمة بصورة أفضل من الشركات الرأسمالية لأنها أكثر محافظة في ممارسة النشاط الاقتصادي».
وفرص تحقيق ذلك جيدة لأن باول ديتسه وتيم تيلّر يشهدان في إطار منتدى المالكين مرة بعد أخرى أمثلة معبرة عما تتمتع به الشركات العائلية الألمانية من اهتمام وتقدير في أوساط الرأي العام العربي. وفي هذا الصدد يقول رجلا الأعمال الألمانيان «ليس فقط علامة «صنع في ألمانيا»، وإنما أيضاً عائلات اقتصادية ألمانية كبيرة مثل هنكل وأوتكر وغيرها تتمتع في المنطقة العربية بكثير من الاهتمام والإعجاب». صحيح أن كثيراً من الشركات العربية لها تاريخ عريق وطويل لكن معظمها لم ينشط على الصعيد العالمي إلا منذ زمن قصير نسبياً ولذلك يمكن أن تستفيد من خبرة الشركات الألمانية.
بالمقابل، يتعلم الألمان من الشركات العربية كيفية تأسيس شركة في المنطقة. وخلال انعقاد المنتدى يستغل المنظمون وجود أصحاب الشركات العائلية الألمان في البلد المضيف للمبادرة، بالاشتراك مع مدارس وجامعات، لإلقاء محاضرات عامة ولإجراء محادثات شخصية في نطاق ضيق. بالإضافة إلى ذلك يدعم منتدى المالكين الشركات العائلية بسلسلة من المقالات التي تنشر في صحيفة اقتصادية قيادية في البلد المضيف والتي يقدم فيها تعريف بالشركات العائلية الألمانية وتعطي فكرة عن القطاع الاقتصادي الذي تعمل فيه.
باول ديتسه واثق من أن الشركات الألمانية لها في الوقت الحاضر أفضل الفرص للدخول في علاقات تجارية مع أسواق منطقة الخليج. وهو يقول في هذا الصدد «ان منطقة الخليج مهمة للشركات العائلية الألمانية، حيث يوجد فيها كثير من البلدان الصغيرة القوية مالياً ولذلك هناك طلب كبير على السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية»، إلا أن المنطقة لا تقتصر فائدتها بالنسبة للشركات الألمانية على كونها سوقاً للبيع وإنما أيضاً لكونها موقع ممتاز للإنتاج في القطاعات الاقتصادية الغنية بالطاقة كصناعة الآلات مثلاً. يعبر تيم تيلّر عن هذا قائلاً: «أسعار الطاقة في الشرق الأوسط منخفضة بشكل واضح وهذه ميزة كبيرة للموقع الإنتاجي. علاوة على ذلك فإن المستوى الرفيع للهندسة الألمانية والجودة العالية للمنتوجات الألمانية تجعل الشركات الألمانية محل طلب لتنفيذ مشاريع المرافق العامة».
يحاول المنظمون إبعاد المنتدى عن السياسة اليومية ولكن على الرغم من ذلك كانت التحولات السياسية الجارية في بعض بلدان المنطقة أحد الموضوعات التي تداولها منتدى المالكين في اجتماعه سنة 2012. ويعلق تيم تيلّر على ذلك بقوله: «حدثت جملة من الأمور المتباينة من بلد إلى آخر. وفي مصر، على سبيل المثال، هناك الآن شعور أكثر إيجابية في مجال الأعمال الحرة». سينعقد الاجتماع التالي للمنتدى بنهاية أكتوبر 2013 في عُمان.