عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي
رجل الاعمال دغسان يحضر للمحكمة ويلتزم خطيا بالحضور غدا وينقذ شركته ومحاله من الاغلاق.
اغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر
عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء
نشره نجل الصحفي الخيواني ليثبت الاعتقال بسيارات طقم وباص واطفاء
شاهد فيديو لاعتقال الناشط في التواصل خالد العراسي في صنعاء بعد مداهمة منزله
نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها تتحدث عن ذلك
الاوراق /من /الميثاق/يحيى علي نوري
كشفت انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل
عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة
فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية لكشف الظلم والفساد
أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع
اليوم الثلاثاء وبعد نشر الاوراق لاستدعاء المحكمة لهم عام2014
عاجل اليوم محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار
مع الوثائق عملا بحق الرد
دغسان يوضح ويتحدى الاثبات حول تهمة المبيدات بعد توضيح الحكومة اقرأ. تفاصيل التحدي
لم اكن اطيق سماع صوت المعلق الرياضي العيدروس
ماجد زايد./ الفيس بوك /الاوراق
هذه قصةمحاربةرجل الدولة يوسف زبارة ومحاولة لافشال توجيهات ابوجبريل لصالح الفسده الجدد
احمو هذا الرجل.. الصحفي البرلماني الناشط والحقوقي «الملفت» فقد «حمته» حكومات سابقه
زوجات خائنات
قصتي... والطفل بائع السمسم في صنعاء
سبأ عبدالرحمن القوسي وعلى عبدالله صالح والح و ث ي والاحمر .. فأين الوطنية؟

 - • اعتبر الرفض العام لـ «سلمية» التعامل مع اعتصامات «الإخوان» تعبيراً عن غضب متجاهلاً كونه «إرادة عامة»
• «التذاكي» السياسي قاده إلى المصير نفسه مرتين... حين تحالف مع «الإخوان»  قبل أن ينتهي حكم مبارك وحين تحالف مع الجيش كي ينتهي حكم «الإخوان»

- • اعتبر الرفض العام لـ «سلمية» التعامل مع اعتصامات «الإخوان» تعبيراً عن غضب متجاهلاً كونه «إرادة عامة» • «التذاكي» السياسي قاده إلى المصير نفسه مرتين... حين تحالف مع «الإخوان» قبل أن ينتهي حكم مبارك وحين تحالف مع الجيش كي ينتهي حكم «الإخوان»
الجمعة, 23-أغسطس-2013
الراي الكويتية -



| بقلم عبدالله كمال |



كان هذا في نهاية العام 2009، بكل اللهفة والشغف وحب الفضول احتشد عدد كبير من المعجبين والمنتظرين والصحافيين، أمام مطار القاهرة، في انتظار الدكتور محمد البرادعي، حيث كان عائدا من الخارج بعد فترة انقطاع. وفي اللحظة التي تبدى فيها «العائد المثير للجدل» كان أن أزعجه الزحام، فتجاهل مشاعر المترقبين وفضول الصحافة، وبدلا من أن يوجه تحية أو يرطب ريق الصحافة بكلمتين، كان أن وبخ المزدحمين وغادرهم، مذكرا إياهم بأنهم ينتمون لشعب لن يتقدم أبدا طالما ظل هذا سلوكه.

هذا القدر من «التعالي» الذي يعانق «الغطرسة» كان أهم حاجز بين «المغترب» والمجتمع الذي عاد إليه لكي يعدل سلوكه ويطوره وينقله حضاريا من «التخلف» الذي يعانيه إلى تقدم يمثله «العائد».

ورغم ذلك، فقد كسر مصريون الحاجز نحوه. وأغدقوا عليه بالأمل فيه. وتجاهلوا المعنى المباشر لـ «التعالي» وأقنعوا أنفسهم أن هذا ليس إلا تعبيرا عن اختلافه وعن المستوى الذي يريدون أن يبلغوه في واقعهم وفي زعامتهم.

خلال عملية كسر الحاجز، وتجاهل مساوئ «المتغطرس»، استدرج المصريون الدكتور محمد البرادعي إلى فخ ربما لم يدرك عمقه إلى الآن، أعلنوا عليه الثقة، علقوا فيه الآمال، حمَّلوه بأثقال الأحلام، ومنحوه فرصة تلو أخرى. ومن نقطة «التعالي» كان يستجيب. ومن مستوى «المعلم» الذي يعرف أكثر من الجميع كان يغتر إلى أن تركوه وحيدا في عمق الفخ يتحسرون على أنه لم يكن على قدر طموحاتهم ولم يرق إلى مستوى ما يأملون.

في مسرحية صمويل بيكيت العبثية الشهيرة «في انتظار جودو»: كان الفقيران المتعبان المنتظران يتوقعان وصول هذا الغامض الذي قد يبدل حياتهما الصعبة، وتنتهي المسرحية دون أن يأتي الغائب لكن الجديد في مشاهد مسرحية البرادعي السياسية التي بدأت حين قرر العودة إلى مصر بعد تقاعده من منصبه مديرا لوكالة الطاقة الذرية كانت عكسية إذ تلبَّس هو دور «جودو» وبدأ يتعامل مع المنتظرين لكي يغير حياتهم إلى أن فر من واقعهم معلنا عجزه ويالها من مأساة أن يكون «جودو» فاشلا أن يتحمل ما لا يطيق وأن ينوء كاهله بما وضع عليه إذ خر منتهيا وفي اللحظة التي ظن فيها أن الجماهير ستواصل دعمها له كان أن تركته ملوما محسورا لم تذهب إلى وداعه في المطار وتركته يخرج، ولكن بعدما خلصته من تعاليه.

قبل أن يصل البرادعي إلى المشهد الآخير، وقبل أن ينزع عنه المصريون «تعاليه»، لابد أنه توقع أنه حين يتقدم باستقالته في منتصف نهار المواجهة بين شرطة دولة يتولى فيها منصب الرئيس واعتصام متمرد مسلح يهدف إلى تقويض حكم تلك الدولة، أن الاستقالة سيتم تأجيل النظر فيها أو أنها ستعرقل المواجهة وتوقف عملية فض الاعتصام تمنيا عليه أن يبقى في القصر وأن يظل أحد أعمدة «سلطة يونيو» بدلا من أن يؤدي خروجه منها إلى انهيارها وكشف الغطاء عنها ظن الدكتور البرادعي أنه منح تلك السلطة وريد حياتها غير أنه كان في حقيقة الأمر رابطة عنق تكمل به طاقم ملابسها.

وقالت الكاتبة الإسرائيلية في جريدة «يديعوت أحرنوت» سميدار بيري: «لم يكن البرادعي هو الطفل الذي يمكن أن يتبناه الفريق عبدالفتاح السيسي أو يغامر من أجله».

قبل يومين، من استقالته، كان الدكتور البرادعي يرسخ وجوده في بيت الحكم، وكان أن ألح في الانتقال إلى «قصر الأندلس» الذي كان يستضيف مبعوث الأمم المتحدة للملف السوري الأخضر الإبراهيمي وفريقه، ومن ثم طُلب من الإبراهيمي أن يغادر مقرا كان حصل عليه من حكم مرسي فقفل عائدا إلى جنيف وبدأ ديوان الرئاسة في ترتيب القصر لنائب الرئيس لشؤون العلاقات الدولية. وكان هذا يعني أنه لم يكن ينوي أن يغادر، ويوحي بأن الاستقالة ربما كانت «مناورة» لكنها تحولت إلى «مقامرة» خاسرة.

ما يؤكد المعنى أن «نائب الرئيس» دلف إلى تركيبة السلطة معبئا بآمال عريضة، تبدت في حرصه على تشكيل مكتب كبير، دعا للانضمام إليه عدد ليس بقليل من الديبلوماسيين، ما يتنافى مع تكوينه منصبا «موقتا وانتقاليا» و«محدود الصلاحيات».

وكتب عدد من الديبلوماسيين في نقاشات داخلية على مجموعة «اللوتس» غير المعلنة في موقع «فيسبوك» متسائلين: «هل يكون هناك تعارض بين الخارجية ومكتب نائب الرئيس، بينما يكون لديه مسؤولون عن مختلف الملفات التي تقوم بها الوزارة؟». على أنه كان لافتا جدا أن بعضهم ذهب للعمل معه أياما ولم يستمر وبعضهم لم يبد حرصا على الاستمرار، وتوقع الكثيرون أن تأتي اللحظة التي يقول فيها إنه سيغادر تاركا خلفه مجموعة من المساعدين في الهواء الطلق».

وقضى الدكتور البرادعي شهرا وحيدا في السلطة، أقسم اليمين الدستورية نائبا للرئيس في 14 يوليو، وكتب استقالته في 14 أغسطس، وقبل أسبوعين من المغادرة كان أن تسربت أخبار عن تهديده بالاستقالة، لأنه يرفض أن يتم فض الاعتصام في كل من رابعة العدوية وميدان نهضة مصر بالقوة، طالبا اتباع أساليب الحوار ومنحه فرصة لأن يواصل التفاهم مع جماعة الإخوان.

كان لافتا أن الدكتور البرادعي لم ينف بنفسه نية الاستقالة، وترك هذا لمصدر رئاسي، وبعض الأصوات الحكومية التي تتبع معسكره.

في الطريق إلى القصر، وفي الطريق إلى خارج القصر، كان أن تجاهل البرادعي عددا من الحقائق. أهمها على الإطلاق أنه وقف في 3 يوليو مؤيدا ومزكيا «خريطة الطريق»، ليس لأنه «جودو» ولكن لأن «جبهة الإنقاذ» اختارته ممثلا لها ومعبرا عنها، ومن ثم فإن جزءا من شرعية وجوده السياسي الجديد يعود إلى ذلك. وثانيا لأن «30 يونيو» باعتبارها «ثورة» قادت إلى عزل محمد مرسي من منصب الرئيس، غير أنه من اليوم الأول تجاهل تلك الحقيقة وتعامل مع «30 يونيو» على أنها «تصحيح» لـ «25 يناير»، وفي آخر كلماته المكتوبة كان أن وصفها بأنها «انتفاضة».

التعالي عن اعتبار «30 يونيو» ثورة كان خطأً في التشخيص، وفي إدراك حقيقة الشرعية التي يستند إليها منصبه هو، ولذا فإنه اعتبر الرفض العام لـ «سلمية» التعامل مع اعتصامات الإخوان تعبيرا عن غضب، متجاهلا كونه «إرادة عامة». قال: «يوجد الكثير من الغضب والتعامل بالعواطف». ولم يكن هذا يبعد كثيرا عن تصور محمد مرسي لما يدور في الشوارع ضده، وإن كان اعتقد أنه «مؤامرة» لا «ثورة».

بصورة ما اصطدمت «30 يونيو» بكبرياء الدكتور البرادعي، بحسبانه مقتنعا بأنه «الأب الروحي» لـ «25 يناير»، إذ كان من أبرز الداعين إليها، علما بأنه لحق بأحداثها في وقت متأخر، ووصل قبل «28 يناير» بليلة، واشترك في المسيرة التي نظمت عند مسجد الاستقامة في الجيزة لبعض الوقت ثم قفل عائدا إلى بيته، ومن هناك بدأ في الإدلاء بتصريحات تطالب الرئيس مبارك بالرحيل.

وكان لافتا بالطبع أن كلماته كانت تتوازى مع إيقاع تصريحات الإدارة الأميركية. في اللحظة التي قال فيها البرادعي إن على الرئيس السابق حسني مبارك أن يغادر الآن، كان الناطق باسم البيت الأبيض يقول «الآن تعني الآن». فيما بعد قال الرئيس السابق إن الرئيس باراك أوباما طالبه بأن يسلم الحكومة للدكتور محمد البرادعي.

لقد اختلفت التركيبة الاجتماعية التي خرجت في «30 يونيو» عن تلك التي انتفضت في «25 يناير» صارت أوسع وأشمل وتضم إلى جانب «الينايرين» القوى التقليدية، وتحالفا واسعا بين المدينة والريف، والأهم مؤسسات الدولة التي انضوت كلها تحت لواء المطالبة بعزل مرسي، وفي مقدمتها القوات المسلحة.

وفي وقت مبكر أدرك الدكتور البرادعي أنه لن يكون هناك تغيير إلا بتدخل الجيش، وكان هذا محورا في مناقشاته الخاصة، في حين كان يلجأ علنا إلى نوع من الحث على ذلك قائلا: «نخشى أن يؤدي إصرار السلطة على رفض طلبات الناس إلى تدخل الجيش»، وعندما تدخل الجيش فإن البرادعي كان أن أثنى على ذلك وقال: «لم يكن هناك مفر من ذلك وإلا وقعت حرب أهلية».

دخل «المدني» الأبرز إلى قصر الحكم مدعوما بالدبابة، وبعد هجوم ممتد على «حكم يوليو» العسكري، ذلك الذي اضطهد والده نقيب المحامين الراحل، ومطالبته بأن تنتهي 60 عاما من حكم العسكريين، كان أن حل ترتيبه رابعا في كلمات يوم 3 يوليو، بعد كل من الفريق عبدالفتاح السيسي وشيخ الأزهر وبطريرك الكنيسة، وجلس في صفوف توزعت بين من ارتدوا البذلة العسكرية والملابس المدنية، وقال البرادعي في مختلف وسائل الإعلام مدافعا عن «30 يونيو»: «هذا ليس انقلابا».

وفي ما يبدو فإن «البرغماتي» القابع في داخله أوحى له أنه يمكن «توظيف» قوة الجيش وصولا إلى تغيير حكم الإخوان، فرضا لقواعد جديدة، تعيد ترتيب المعادلة، وبما يؤدي إلى «تموضع» يقوده لجسر المسافة بين منصب النائب ومنصب الرئيس. علنا لم يقل البرادعي إنه يريد أن يكون رئيسا، بل قال بلغة التعالي وقاموس «جودو» إنه يريد «أن يضع البلد على الطريق» وأنه يفضل أن يكون «مدربا لا لاعبا»، مؤجلا بقية التفاصيل وفق قاعدة «لكل حادث حديث».

فيما سبق كان أن أعلن انسحابه من السباق الرئاسي، بل لم يقدم على الاقتراب منه أصلا بعدما أثبتت له استطلاعات خاصة وأن شعبيته تقترب من 2 في المئة، غير أنه كان قبل ذلك بوقت قصير يذهب إلى وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي ويعرض عليه أن ينفذ مجموعة من طلبات «25 يناير»، وأنه يمكنه أن يحققها لو أصبح رئيسا للوزراء. في ذلك الوقت كان رد طنطاوي: «دع مطالبك وأهدافك معك يادكتور برادعي وعندما تصلون إلى الحكم افعلوا ما تريدون».

التذاكي السياسي قاد الدكتور البرادعي إلى المصير نفسه مرتين، مرة حين تحالف مع جماعة الإخوان قبل أن ينتهي حكم مبارك، ومرة حين تحالف مع القوات المسلحة لكي ينتهي حكم الإخوان. في العام 2010، وبعدما أعلن عن جمع التوقيعات على ما عرف باسم «المطالب السبعة»، التي تتضمن رغبات في الإصلاح وتعديل الدستور وإلغاء الطوارئ اكتشف البرادعي أن المليون توقيع التي يطلبها على المطالب لا يمكن للجمعية الوطنية للتغيير أن تجمعها فذهب إلى جماعة الإخوان وعقد لقاءات تحت شعارها وقرر «براغماتيون» على الجانب الآخر أن يوظفوا تحالفا مع البرادعي لتحقيق أهدافهم ضد حكم مبارك.

في وثائق جماعة الإخوان «مجموعة قرارات مكتب الإرشاد من يناير إلى أغسطس 2010» الموجودة لدي، كان أن قررت الجماعة الوقوف بكل السبل وراء حملة جمع التوقيعات. يقول القرار حول هذا: «يطلب من الأساتذة المشرفين وأمانة الجماعة حث الإخوان على التفاعيل بكفاءة وسرعة وبحث المعوقات والعمل على حلها والتأكيد على دور الأقسام مع توجيه الشكر للأقسام التي تفاعلت وقدمت دعما فنيا وتفعيل الندوة الشهرية لتكون حوارا فعالا حول تفعيل التوقيعات - على المطالب السبعة - ويطلب من المكاتب الإدارية المتابعة اليومية للتوقيعات وتكليف لجنة الانتخابات بكل مكتب للتواصل مع الشُعب والمناطق ودراسة إمكانية تخفيف بعض الأعباء الدعوية عن بعض الإخوة خلالها، لبذل الجهد في الحركة مع المجتمع لتفعيل التوقيعات». لقد كان معنى هذا القرار أن الجماعة كلها قد توظفت من أجل تحقيق هدف التحالف مع الدكتور البرادعي.

على أنه حين تنحى مبارك، وحصد الإخوان مكاسب «25 يناير» كان أن أعطوا ظهرهم لمحمد البرادعي. ولما وصل محمد مرسي إلى الحكم وبدأ في تأزيم المناخ السياسي، وإقصاء الآخرين منه. قابل البرادعي مرة واحدة علنية واستمع إليه ولم يلق بالا إلى ملاحظاته ومطالباته كما لم يلق بالا إلى الآخرين.

في يوم 3 يوليو 2013 كان البرادعي عنصرا في تحالف سلطة نشأت بموجب «30 يونيو»، وكان إلى جواره ممثلو حركة «تمرد»، وكذلك ممثل حزب النور السلفي وكان كل هذا تحت مظلة مؤسسة الدولة الأقوى «القوات المسلحة» وفي غضون أيام كان أن تم إجهاض حلمه المؤجل بأن يكون رئيسا للوزراء بناء على رفض حزب النور ما أيقظ في داخله الانتباه إلى تأثير التيار الديني في الحياة العامة المصرية.

بعد وقت قصير كان أن تراجع حزب النور خطوات إلى الوراء، ولم يعد له القدر نفسه من التأثير بحجم ظهوره يوم 3 يوليو، لكن البرادعي لم ينتبه إلى تلك الحقيقة ومن ثم اعتقد أن وجوده في منصب بديل لمنصب رئيس الوزراء لا يشترط فيه أن يكون بنيويا في تركيبة السلطة والضامن لاستمرارها ذلك أن حزب النور نفسه لم ينضم إلى الحكومة ولم يدع إلى ترشيح من يريد في حركة المحافظين ولم يهز ذلك في بنيان الحكم الموقت كما لم يهتز حين خرج منه محمد البرادعي مستقيلا.

مخالفا لحقائق الواقع، قال البرادعي إن «محمد مرسي لم يفشل لكونه إخوان» محاولا اجتذاب جماعة الإخوان إلى مساعيه لفض اعتصامها دون اللجوء إلى قوة الدولة، وقد اصطدمت تلك العبارة مع حقائق قاهرة، أولها أن مرسي فشل في الأساس لأنه كان خاضعا للجماعة، ويمتثل لآراء ومطالب أهله وعشيرته. وثانيها أن الملايين الغاضبة التي عزلته هتفت «يسقط حكم المرشد». وثالثها أن الاعتصام نفسه كان إخوانيا وهدفه الأول هو عودة محمد مرسي إلى الحكم.

هذا التذاكي المتكرر هو الذي لم ينبه محمد البرادعي في ما بعد إلى تناقض مقولته تلك مع ما كتبه في استقالته إذ قال: «إن الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا والتي نجحت في استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة لدين حتى وصلت للحكم لمدة عام يعد من أسوأ الأعوام التي مرت على مصر، حيث أدت سياسات الاستحواذ والإقصاء من جانب والشحن الإعلامي من جانب آخر إلى حالة من الانقسام والاستقطاب في صفوف الشعب».

بصورة ما اعتقد البرادعي أنه «الأذكى»، ودفعته مواصفات «جودو» إلى الظن بأن الآخرين لا يمكنهم اكتشاف حقيقة مراميه، أو أنه ستتوافر له اللحظة التي يمكن أن ينضوي فيها الجميع تحت «فكرته» لتحقيق «هدفه». ويعود هذا إلى بعض من التناقضات التي تنبني عليها شخصيته، التي هي في الأساس سبب وصوله إلى لحظة الاستقالة وإعلان العجز عن مواصلة الطريق تلك هي:

- الموظف الدولي: غادر البرادعي مصر في نهاية السبعينات، إلى نيويورك، حيث واصل الدراسة لبعض الوقت، قبل أن يلتحق بوظائف في المنظمات الدولية، ومن ثم انضم إلى العمل القانوني في وكالة الطاقة الذرية في فيينا، وقضى هناك سنوات طويلة إلى أن أصبح مديرها العام. وتفرض الوظيفة الدولية على صاحبها، خصوصا غير المنتمين للدول الكبرى، أن يراعوا توازنات محددة تتحسب لمصالح الدول صاحبة القرار في التعيين فإذا ما كان الدكتور البرادعي تمكن أن يكون مديرا عاما للوكالة لمرتين، فضلا عن خدمة سبقتها بسنوات طويلة، فإن هذا يشير إلى قدرة فذة من جانبه على تحقيق الترضيات والمواءمات بين صناع القرار والمؤثرين فيه والدول الطاغية عليه وفي أغلب تلك المنظمات تكون الولايات المتحدة هي الأكثر تأثيرا من غيرها.

انعكاسا لهذا بدأ نائب رئيس الجمهورية محمد البرادعي أميل لطبيعة الموظف الدولي منها إلى طبيعة صاحب المنصب الوطني خلال معالجته لأزمة فض الاعتصام في كل من رابعة والنهضة، وفي أحيان كثيرة كان قاموس تعبيره عن منهج إدارة الأزمة يعكس ما تردده المفوضة آشتون أو مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز،أكثر من كونه قادرا على التعبير عن معادلة حكم جديدة في مصر بناء على «ثورة 30 يونيو».

- الثائر من الدولة: التعبير هنا آت من «الثأر» لا «الثورة». وفي التاريخ الوظيفي للبرادعي أن الدولة المصرية بمعناها البيروقراطي قد قهرته، مرة حين اضطر لمغادرة وزارة الخارجية بعد استقالة وزير الخارجية الراحل إسماعيل فهمي، وكان معاونا قريبا له على صغر سنه ومرة حين رفضت الدولة أن ترشحه لمنصب مدير وكالة الطاقة الذرية، وقتها قررت القاهرة أن الأنسب للترشيح هو سفير مصر الأسبق في لندن الدكتور محمد شاكر. وأقنع وزير الخارجية وقتها عمرو موسى، مبارك بذلك، واضطر البرادعي لأن يكون مرشحا عن السودان وفاز بالمنصب برعاية ومساندة الولايات المتحدة.

أوغر هذا صدر البرادعي ضد البيروقراطية المصرية، وفيما يبدو فإنه كانت لديه رغبة دائمة في أن يثبت جدارته أمامها وحين كان الرئيس مبارك في الحكم وكان البرادعي مديرا للوكالة فإنه كان يصر على أن يطلب لقاءً شخصيا مع الرئيس كلما زار مصر سنويا تقريبا أثناء إجازته. وفيما بعد فإنه تصدى لعملية الرغبة في إصلاح الدولة ولو بالثورة.

يختلط هذا بسمات نفسية للمغترب الذي يريد بعد أن يهجر بلده أن يعود إليها، مهما كان مستوى نجاحه خارجها، لكي يقول لمجتمعه إنه قد حقق تقدما ونال اعترافا خارجيا في حين أنهم لم يقدروه بما يكفي وهي حالة نفسية يمكن رصدها كذلك في الفائز الآخر بجائزة نوبل الدكتور أحمد زويل.

- السائح السياسي: حفرت الثلاثون عاما كثيرا من التأثيرات في شخصية المواطن المهاجر، بحيث صار من الصعب العثور على بقايا «الدمياطي» في خضم ما اكتسبه «الدولي» المقيم في النمسا. إن البقاء لسنوات طويلة متحدثا بالإنكليزية والفرنسية أدى إلى أن أصبح التفكير بلغة غير عربية، ولذا فإن التوافق العضلي الذهني بين طريقة التفكير والنطق بالعربية كان يؤدي إلى نوع من التلعثم، لا يكون موجودا عندما يتحدث البرادعي بالإنكليزية. حين كان البرادعي يرغب في أن يخوض سباق الترشح لرئاسة الجمهورية أخضع نفسه لتدريب بقصد إنهاء حالة اللعثمة اللغوية حقق فيه نجاحا كبيرا. لكن هذا لم يشفع له في تعديل مؤشرات شعبيته التي ظلت أقرب إلى الانعدام.

وبقدر شعوره بالاغتراب، بقدر ما بدا البرادعي غريبا، غير متسق مع طبيعة المجتمع الذي يريد إصلاحه ومن ثم لم تكن الفئة الاجتماعية المتحمسة له تتسع لأكثر من بعض أبناء الطبقة الوسطى العليا التي يمكن أن تتفهم طريقة أدائه ولا تعتبره مفتقدا للسمات المصرية. الآخرون كانوا يرصدون طريقة صلاته ويسخرون من عدم رفع يديه بالدعاء في لحظات معروفة خلال صلاة الجمعة الأخيرة قبل استقالته، حيث عقدت مقارنات طريفة على الشبكات الاجتماعية بينه وبين بقية مسؤولي الدولة الذين كانوا يصلون بجواره: الرئيس عدلي منصور، رئيس الوزراء حازم الببلاوي، ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي.

ولكونه سائحا سياسيا، فإن البرادعي لم يكن يقضي في مصر وقتا طويلا، وكانت الملاحظة الأساسية على أدائه قبل نهاية حكم مبارك وبعده، هي أنه يسافر طوال الوقت خارجها، وحين نشبت الأزمة السياسية الكبرى بسبب الإعلانات الدستورية لمحمد مرسي في نوفمبر الماضي، وكان البرادعي من بين الأساسيين في معارضته مارس من حوله ضغوطا عدة عليه لمنعه من أن يسافر خارج مصر وفق ما اعتاد حتى لا يهز هذا مصداقية الموقف المعارض ضد مرسي.

في العشرة أيام الأخيرة من توليه لمنصبه، كان أن تعرض البرادعي لحملة صحافية شرسة، تعامل معها بقدر من التعالي في البداية، ورفض عرضا من أنصاره في حزب الدستور لأن ينظموا حملة مضادة للدفاع عنه غير أنه لم يتحمل تصاعد الحملة التي وصفته في أحد أبرز المقالات للكاتب جمال الغيطاني بأنه «خطر على الدولة والشعب»، وعاد يمارس هوايته القديمة في أن يكتب تغريدات على موقع «تويتر» منتقدا الصحافة الحكومية التي لا تدري ماذا يفعل. ووصل إلى نقطة أبعد من التوتر بعد ذلك بيومين، معلنا أنه يتعرض لتشويه مستمر منذ يناير 2010. هذا الاضطراب غير القادر على المواجهة كان لم يمنع مقالا أخيرا للكاتب الكبير وحيد حامد هاجم فيه البرادعي بدوره، مطالبا إياه بأن يبحث عن «حُسن الختام».

على أنه لم يكن لسوء حظه، ختاما حسنا، بل درامي مؤسف، فقد فيه أغلبية الفئة الاجتماعية المحدودة التي كانت تؤيده، واعتبره المصريون قافزا من المركب لحظة مواجهة العاصفة، يفر من الميدان في وقت عليه أن يكون واقفا، حيث لم ينتبه أحد إلى تفاصيل ما كتب في خطاب استقالته، واعتبر موقفه متسقا مع مواقف الدول الكبرى التي تمارس ضغوطا على مصر بشأن الأزمة مع الإخوان وبشأن عملية فض الاعتصام التي لم توقفها استقالته.

يبقى سؤالان: لماذا؟ وماذا بعد؟

لماذا فعل الدكتور البرادعي هذا، وقرر أن يغادر في تلك اللحظة؟ ببساطة لأنه أدرك أنه لايعدو أن يكون في تركيبة الحكم أكثر من «رابطة عنق»، وأن الاستمرار بعد ذلك سيجعل منه سياسيا منهزما بين المنتصرين إذا ما انتصروا وأن منهجه المرفوض شعبيا أصبح غير مقبول بينما قوات الأمن تحيطها صيحات الإعجاب وهي تواصل عملية فض الاعتصام فإذا ما انتكست تكون استقالته رسالة مبكرة بأنه قد حذر وأنذر ويكون هذا بالنسبة إليه تعلية لدوره الذي انعدم في لحظة تقديم الاستقالة. بصورتها تلك كانت الاستقالة رهانا أخيرا فإما مثلت ضغطا على القرار يختبر الاحتياج إليه ومن ثم التفاوض معه على أن يبقى، وهو ما لم يلق له أحد بالا بل تم الإعلان عن الاستقالة فورا وقبلت في اليوم التالي، وإما فشلت العملية الأمنية وعاد أقوى مما كان وتخطى مرحلة «رابطة العنق». بالإجمال خسر البرادعي هذا الرهان.

بخسارته، فإن البرادعي تحول في نظر المصريين إلى ورقة ضغط بيد القوى الغربية أكثر من كونه نائبا لرئيس الجمهورية، وبعدما كان وجوده ضمانة لعدم وصف ما حدث في «30 يونيو» بأنه انقلاب فإن خروجه اعتبر نوعا من التحرر من تلك الضغوط، وإعلان فشل من يتسق معها في التأكيد عليها محليا. وبهذا فقد حتى الدائرة المحدودة التي قدم نفسه لها على أنه «جودو» وبدأت هي في صب اللعنات عليه أكثر من الآخرين.

في ما بعد قبول استقالته بأيام عدة، وبينما ذهب بعض أعضاء حزب الدستور الذي أسسه البرادعي إلى حد المطالبة بفصله من عضويته، كان أن غادر مصر إلى النمسا، تاركا خلفه فئة سياسية ارتبطت به ذهبت أسماء فيها بدورها إلى الهجوم عليه وسب قراره بالاستقالة علاء الأسواني وحمدي قنديل كمثال غير أن السؤال هو: هل بقي في مسار البرادعي ماهو بعد؟

عمليا، انتهى «مشروع البرادعي» وما يمثله هذا النمط السياسي المغترب والمتعالي الذي يعتقد أنه يمكن أن يكون الاختيار الأنسب في لحظة ما، والصيغة المفترضة التي تجدها قوى الداخل والخارج حلا يمكن من خلاله أن يحقق طموحه المتبقي ومن ثم فإنه ترك أثراً نوعيا على مجموعة من السياسيين والنشطاء المنتمين إلى «25 يناير» وأثبت بنفسه أن «30 يونيو» لم تكن انتفاضة بل ثورة أطاحت بالكثيرين وكان هو من بينهم بعد أن احتوتهم وقتا.

وفي ظل الصعود المتنامي لتيار الوطنية المصرية فإن البيئة العامة غير قادرة على تقبل «نمط البرادعي» أو نموذجه أو طريقة أدائه، وبالتالي لن تتاح له فرصة جديدة إلا في حالة واحدة فقط، مؤداها أن تتدهور الأوضاع تماما، ولا تكون هناك فرصة لإعادة ترتيب البيت المصري إلا وفقا لضغوط وحسابات غير مصرية وقتها - وهذا احتمال بعيد للغاية - قد تكون مصر على موعد مع كرزي وهو يختلف تماما عن «جودو».





• قبل يومين من استقالته كان البرادعي يرسّخ وجوده في بيت الحكم  وكان ألحّ في الانتقال  إلى «قصر الأندلس»

• أقسم اليمين الدستورية نائباً للرئيس في 14 يوليو وكتب استقالته  في 14 أغسطس

• اعتبر الرفض العام لـ «سلمية» التعامل مع اعتصامات «الإخوان» تعبيراً عن غضب متجاهلاً كونه «إرادة عامة»

• «التذاكي» السياسي قاده إلى المصير نفسه مرتين... حين تحالف مع «الإخوان»  قبل أن ينتهي حكم مبارك وحين تحالف مع الجيش كي ينتهي حكم «الإخوان»





عدد مرات القراءة:2102

ارسل هذا الخبر
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.
الاسم:

التعليق:

  • الاخبار اليمنية
  • صحيفة الاوراق
  • من الذاكرة السياسية ... حتى لاننسى
  • بدون حدود
  • شاهد فيديو مثيرللاهتمام
  • طلابات توظيف
  • تغطية خاصة من جريدة اوراق لمؤتمر الحوار الوطني
  • حماية البيئة
  • الدين ورمضانيات
  • اراء لاتعبرعن اوراق
  • منوعات وغرائب
  • خارج عن المألوف
  • الاقتصاد
  • اخبارتنقل عن المفسبكين وتويتر
  • ثقافة وفن
  • اوراق سريه
  • العالم
  • الرياضية