للعالم معالم طريق متعددة للوصول إلى الحقيقة، والمتعدد يلتقي في طريق واحد، وكل الكون بمتناقضاته يترجم الرؤية الخفية للعقل البشري ، فالوحي الخاتم كشف مكونات هذه المعالم البشرية، ولم يمح طريقاً ليثبت غيرها، لقد ظهرت الأديان، كطريق يسير عليها البشر للهداية، وتوظف في سبيل صلاحها، وكلما يمر زمن يمتزج الدين بأهواء الناس، وعاداتهم وتقاليدهم، وما يلبث إلا أن تحتكره طبقة لغرض الاستبداد، وقمع الناس، وتقيدهم، وانتهاك حقوقهم، يأتي من يصحح وينقي ذلك الدين ، إلى أن توقف الوحي بالرسالة العالمية التي تكفل لكل من هذه الأمم حريتها في الدين وممارسة الحياة، ولكن على حسب تعبير أحد المفكرين فإن النظرة الدوغمائية تتحكم في الذهنية المعروفة بالطائفية، فكل طائفة تدعي أن دينها هو الحق وهي الفرقة الناجية ، وشاعت هذه الذهنية في اليهودية، والمسيحية والإسلام.. وهي ما أسست المشروعية لحروب متتابعة متجددة في كل زمان ومكان. ومن هنا أصبحت تلك الأديان مسوغاً قوياً لتنفيذ سياسات أيدولوجية، وسيوسولجية مجحفة، فكيف لنا أن نصحح هذه المسارات وقد توقف الوحي منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، هل يعود الوحي كمخلص لما يموج به العالم من معمعات، وصراع وقد أغلق النص “الوحي” في فترة زمنية محددة، ليحاكي واقعا يختلف كثيرا عما وصلنا إليه الآن؟ لقد اختزلنا قوانين كونية عامة احتواها الوحي في بيئة وعقلية محدودة، وبنمط تفكير متحجر، يلغي مكونات الآخر، ويعاديه، ويعيد تكريس العنصرية، ويعمق التبلد والاقصاء. ألا نحتاج لإعادة قراءة للوحي، وللخطاب بمناهج عقلية تثبت فاعليته لفهم كل عصر وخصوصيته، وتوظيف العلوم الإنسانية في فهم نوعية خطاباته المتعددة، قراءة تبعد عن التأويلات التاريخية، والأيدولوجية المسبقة. لابد من توفير أرضية معرفية خاصة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية في لغتنا وما يخص ذلك من بحوث ومناقشات حول ظاهرة الوحي ليكون أكثر اتساعاً.
يرحب الموقع بآراء الزوار وتعليقاتهم حول هذه المادة تحديداً، دون الخروج عن موضوع المادة، كما نرجو منكم عدم استعمال ألفاظ خارجة عن حدود اللياقة حتي يتم نشر التعليق، وننوه أن التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع.